إيران تغازل الغرب و«بايدن» عينه على الحلفاء في المنطقة

يوسف بنده

رؤية

في أول تعليق له بعد الانتخابات بخصوص إيران، قال الرئيس الأمريكي المنتخب، جو بايدن، إن حكومته، وبالتشاور مع “حلفاء” الولايات المتحدة، ستشدد القيود النووية على طهران، وتتصدى لبرنامجها الصاروخي.

يذكر أن بايدن، الذي أعلن، في وقت سابق، أن عودته إلى الاتفاق النووي تعد إحدى أولويات حكومته إذا فاز في الانتخابات، أعلن، الثلاثاء الأول من ديسمبر (كانون الأول)، أنه سيواصل التمسك بهذا الرأي وأن حكومته سترفع العقوبات عن طهران إذا “امتثلت بالكامل” للاتفاق النووي.

كما أشار إلى المفاوضات مع إيران، قائلاً: “بالتشاور مع حلفائنا وشركائنا، سنتفاوض ونتوصل إلى اتفاقات لتشديد وتوسيع القيود النووية الإيرانية.”

وفي مقابلة أجراها مع الكاتب الصحافي الأمريكي المرموق توماس فريدمان، ونشرتها صحيفة «نيويورك تايمز»، أمس، قال الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن إنه لا يزال متمسكاً بالعودة إلى الاتفاق النووي مع إيران، الذي تم التوصل إليه في 2015، رغم دعوات حلفاء واشنطن التقليديين في المنطقة إلى عدم العودة إليه.

وكان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أشار، قبل أيام، إلى أن العودة إلى التنفيذ الكامل من قبل الولايات المتحدة وإيران للاتفاق النووي يمكن أن تتم «بشكل تلقائي ولا تحتاج إلى مفاوضات».

وبحسب فريدمان، يرى بايدن وفريقه للأمن القومي أنه بمجرد عودة الجانبين إلى الاتفاق يجب أن تكون هناك، في وقت قصير جداً، جولة من المفاوضات لإطالة مدد القيود المفروضة على إنتاج إيران للمواد الانشطارية، وكذلك لمعالجة أنشطة إيران الإقليمية الخبيثة، من خلال وكلائها في لبنان والعراق وسوريا واليمن، وهي الثغرات التي كان ترامب وإسرائيل ودول عربية يقولون إن الاتفاق السابق لم يعالجها.

ولفت فريدمان إلى أن الرئيس المنتخب يرى أن المصلحة القومية الكبرى لأمريكا هي إعادة البرنامج النووي الإيراني تحت السيطرة والتفتيش الكامل، ولا يزال يعتبر أن أفضل طريقة لتحقيق الاستقرار بالمنطقة هي التعامل مع البرنامج النووي، رغم إقراره بخطورة بعض الأنشطة الإيرانية، مثل البرنامج البالستي وإنتاج صواريخ دقيقة وتوزيعها على وكلائها.

وقال بايدن إنه «إذا حصلت إيران على قنبلة نووية، فإن ذلك سيمارس ضغوطاً هائلة على السعودية وتركيا ومصر وغيرها للحصول على أسلحة نووية بأنفسهم. وآخر شيء سيئ نحتاج إليه في هذا الجزء من العالم هو تعزيز القدرات النووية».

وأضاف: «هناك الكثير من الحديث عن الصواريخ الدقيقة، وكل مجموعة من الأشياء الأخرى التي تزعزع استقرار المنطقة، لكن الحقيقة هي أن أفضل طريقة لتحقيق بعض الاستقرار هي التعامل مع البرنامج النووي. بعد ذلك، بالتشاور مع حلفائنا وشركائنا، سنشارك في مفاوضات وملاحق اتفاقيات لتشديد وإطالة القيود النووية، وكذلك معالجة برنامج الصواريخ»، لافتاً إلى أن «الولايات المتحدة لديها دائماً خيار إعادة العقوبات إذا لزم الأمر، وإيران تعرف ذلك».

وفيما بدا أنه إعلان إيراني رسمي بتخلي طهران عن رد عسكري على اغتيال عالمها النووي الأبرز محسن فخري زاده، قرب طهران قبل أيام، قال المتحدث باسم الحكومة الإيرانية علي ربيعي إنه سيتم إعداد طبيعة الرد على الاغتيال، بعد انتهاء التحقيقات، مضيفاً أن وزارة الأمن الإيرانية تعرفت على أشخاص لهم صلة باغتيال العالم النووي.

وكانت شبكة «سي إن إن» نقلت، أمس الأول، عن مسؤول في الإدارة الأمريكية أن إسرائيل تقف خلف اغتيال زاده، لكنه رفض الكشف عن تفاصيل حول ما إذا كانت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اطلعت مسبقاً على العملية.

البرنامج الصاروخي

كما أكد الرئيس المنتخب، الذي سيدخل البيت الأبيض اعتبارًا من 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، أنه سيكون على جدول أعماله “مناقشة البرنامج الصاروخي” خلال المحادثات المستقبلية مع إيران.

تأتي هذه التصريحات في الوقت الذي قال فيه بعض المسؤولين الإيرانيين، بمن فيهم الرئيس حسن روحاني، بعد فوز بايدن، إنه إذا عادت الولايات المتحدة إلى التزاماتها في إطار الاتفاق النووي، فإن طهران ستعود إلى مستوى التزامها وسيكون الوضع “مختلفًا”.

لكن تركيز بايدن الآن على التعامل مع برنامج إيران الصاروخي في المحادثات، وكذلك التشاور مع شركاء وحلفاء الولايات المتحدة، هي نفس القضايا التي أشار إليها المسؤولون الدبلوماسيون في إدارة دونالد ترامب، على الرغم من الخلافات الحادة مع بايدن بشأن إيران في الأسابيع الأخيرة وبعد الانتخابات.

وكان إليوت أبرامز، المبعوث الأمريكي الخاص لإيران، من بين الذين أثاروا هذه القضية، حيث قال في مقابلة خاصة مع قناة “إيران إنترناشيونال”، يوم 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، إن أي اتفاق جديد مع إيران يجب أن يتم بالتشاور مع “حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وأماكن أخرى”.

وفي الوقت نفسه، طلب وزيرا خارجية المملكة العربية السعودية والبحرين من بايدن مؤخرًا، المشاركة في المفاوضات والاطلاع على الأمور، إذا كان  ينوي التفاوض مع إيران.

ومن ناحية أخرى، كان برنامج إيران الصاروخي من القضايا التي أكد عليها المسؤولون الأمريكيون الحاليون وكذلك الحلفاء الإقليميون؛ لكن طهران عارضت هذه القضية.

وفي هذا الصدد، أعرب المرشد، علي خامنئي، في لقائه الأخير مع رؤساء السلطات الثلاث، عن معارضته للتفاوض مع الولايات المتحدة وأوروبا حول البرنامج الصاروخي والتدخل في المنطقة، وهو الأمر نفسه الذي يعارضه القادة العسكريون.

وقال خامنئي: “طلبوا منا عدم التدخل في المنطقة في حين تمتلك بريطانيا وفرنسا صواريخ نووية مدمرة، وألمانيا تسير على نفس الطريق، طلبوا منا أن لا نمتلك صواريخ. ما علاقتكم بذلك؟”.

ومع إشارة بايدن الواضحة، حاليا، إلى تنسيق إدارته مع حلفاء الولايات المتحدة، فضلاً عن تأكيده على التصدي لبرنامج الصواريخ الإيراني، فإن نقطتي الخلاف بين طهران وواشنطن، والتي كانت طهران تأمل في حلحلتها، تبدو أكثر وضوحًا، الأمر الذي يزيد من صعوبة التوصل إلى اتفاق والعودة إلى الاتفاق النووي، في المستقبل.

حل صعب

يتوقع المسؤولون الحاليون في الحكومة الأمريكية أن العودة إلى الاتفاق النووي في الإدارة المقبلة لن تكون سهلة أو سريعة.

وفي إشارة محتملة إلى أن اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده لم يغير خططه، قال بايدن: «سيكون الأمر صعباً، لكن نعم»، رداً على سؤال عما إذا كان لا يزال مقتنعاً بتصريح له يعود إلى سبتمبر الماضي قال فيه: «إذا عادت إيران إلى الامتثال الصارم بالاتفاق النووي، فإن الولايات المتحدة ستعود للانضمام إلى الاتفاقية كنقطة انطلاق لمتابعة المفاوضات»، ورفع العقوبات التي فرضها الرئيس دونالد ترامب على إيران.

وفي إطار الغضب لاغتيال فخري زاده، فقد وافقت طهران على زيادة التخصيب وتمهيد الطريق لوقف تنفيذ البروتوكول الإضافي، بعد تخفيف التزاماتها في الأشهر الأخيرة.

ووصف المحلل السياسي، حسن بهشتي بور، في مقال له نشرته صحيفة “آرمان ملي” القرار الأخير للبرلمان الإيراني والقاضي بزيادة التخصيب وإلغاء تنفيذ البروتوكول الإضافي، بأنه خطة تزيد من حدة سيف العقوبات المفروضة على إيران، حيث إن دولًا مثل روسيا والصين سوف تُدفع نحو تبني موقف الإدارة الأمريكية عندما ترى أن إيران لا تلتزم بالبروتوكول الإضافي الذي تعهدت به.

وأضاف بهشتي بور “لا ننسى أن الاتفاق النووي استطاع أن يحدث انشقاقًا بين أعداء إيران، لكن بهذه الخطوة التي أقدم عليها البرلمان نسير نحو تشكيل تحالف واتحاد “غير مقدس” ضد إيران، وهو إجماع من شأنه أن يجعل من جو بايدن أكثر خطورة على إيران من دونالد ترامب”.

غزل إيراني

أعلن وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، اليوم الخميس 3 ديسمبر (كانون الأول) مرة أخرى عن استعداد بلاده لتبادل السجناء مع الدول الغربية.

وفي كلمة له، اليوم الخميس، بالاجتماع الافتراضي لـ “حوارات البحر المتوسط”، قال “ظريف” إن إيران مستعدة أكثر لتبادل سجناء مع مواطنيها المسجونين خارج البلاد.

وأضاف: طرحت إيران عدة مقترحات على الطاولة في هذا الصدد. وسيتم القيام بذلك كلما كانت هناك إمكانية للتبادل. نحن نشارك في هذه العملية. وسنشارك في هذه العملية. هذا يصب في مصلحة الجميع.

وأكد: لدينا سجناء إيرانيون في الولايات المتحدة تم احتجازهم بشكل غير قانوني. لدينا سجناء في أفريقيا حكمت المحكمة بالإفراج عنهم لكنهم ما زالوا رهن الاحتجاز تحت ضغط الولايات المتحدة.

وأردف حول عملية تبادل السجناء: يمكننا أن نفعل ذلك غدًا، ويمكننا حتى فعله اليوم”.

يذكر أنه خلال الأيام الأخيرة، تم طرح تكهنات بشأن تبادل أسدالله أسدي، الدبلوماسي الإيراني المتهم بالتورط في عمليات تفجير اجتماع لمنظمة “مجاهدي خلق” مع أحمد رضا جلالي، المواطن “الإيراني – السويدي” المحكوم عليه بالإعدام.

وتم في الأربعاء من الأسبوع الماضي تبادل السجينة “الأسترالية – البريطانية”، كايلي مورغيلبرت مع ثلاثة مواطنين إيرانيين.

 ورغم أن المسؤولين الإيرانيين رفضوا الإعلان عن هويات هؤلاء الثلاثة، فإن السلطات التايلاندية أكدت نقل ثلاثة سجناء إيرانيين متورطين في محاولة اغتيال دبلوماسي إسرائيلي عام 2012، وهم سعيد مرادي ومحمد خزائي، ومسعود صداقت. وقد أدينوا في المحكمة بمحاولة تفجير سيارة دبلوماسي إسرائيلي في العاصمة التايلاندية بانكوك.

وذكرت صحيفة “استرالين” الأسترالية أن نيك وارنر، رئيس منظمة الاستخبارات الأسترالية والسفير الأسترالي السابق في طهران أجرى مفاوضات مع الحرس الثوري للإفراج عن “مورغيلبرت” قبل أن يتفاوض مع الخارجية الإيرانية.

وكتب عباس عراقجي، مساعد وزير الخارجية الإيراني، أن إيران تبادلت 5 سجناء مع الولايات المتحدة وفرنسا وتايلاند وأستراليا في العام الماضي، وأنه تم إطلاق سراح 6 سجناء أجانب مقابل 8 إيرانيين.

وبحسب التقارير، فقد تم تبادل مجيد طاهري، وهو طبيب إيراني أمريكي متهم بخرق العقوبات، مع المواطن الأمريكي مايكل وايت. كما تم إطلاق سراح جلال روح الله نجاد، وهو إيراني متهم بالالتفاف على العقوبات الأمريكية، والباحث الفرنسي رولان مارشال، في وقت واحد.

كما تم الإفراج عن المواطنين الأستراليين، جولي كينج ومارك فيركين، بالتزامن مع إطلاق سراح رضا دهباشي، الذي تم اعتقاله في أستراليا لخرقه العقوبات.

ربما يعجبك أيضا