الرئيس الفرنسي الأسبق فاليري جيسكار ديستان في سطور

محمود سعيد

رؤية – محمود سعيد

“السياسي الذي يدافع عن أوروبا”

هكذا كان يُعرف الرئيس الفرنسي الأسبق فاليري جيسكار ديستان، الذي توفي في وقت متأخر، أمس الأربعاء، عن عمر ناهز 94 عاما، جرّاء إصابته بفيروس كورونا، حيث فارق الحياة في منزله الكائن بإقليم “لوار وشير” التابع لمنطقة “لو سانتر” وسط فرنسا، وكان تم نقله منتصف شهر نوفمبر/تشرين ثان المنصرم إلى مستشفى في مدينة “تور” (غرب)، بسبب مشاكل صحية بالقلب.

والعام الماضي، شارك الرئيس الراحل في 30 أيلول/سبتمبر 2019 في جنازة رئيس سابق آخر هو جاك شيراك الذي كان أول رئيس وزراء في عهد جيسكار ديستان.

حياته السياسية

كان عمره 18 عاماً فقط حين التحق بصفوف المقاومة الفرنسية خلال الحرب العالمية الثانية وشارك في تحرير باريس من المحتلّين النازيين في 1944، قبل أن يقاتل لمدة ثمانية أشهر في ألمانيا والنمسا، وبدأ ديستان حياته السياسية كنائب برلماني عام 1956 وعمل وزيراً للمالية والاقتصاد خلال فترة حكم الرئيسين الراحلين شارل ديغول، وجورج بومبيدو.

وفي أيار/مايو 2020 فتحت النيابة العامة الفرنسية تحقيقاً إثر ادّعاء صحافية ألمانية بأنّ الرئيس الأسبق تحرّش بها جنسياً عن طريق لمسها بشكل غير لائق مراراً في مكتبه في باريس بعد أن أجرت مقابلة معه في 2018. إلا أنّه نفى بشدّة هذه الاتهامات، واصفاً إياها ب”البشعة”.

ديستان رئيسا

الرئيس الفرنسي الأسبق الذي تولي الحكم بين عامي 1974-1981، اتسمت بإجراء إصلاحات واسعة، حيث جاء بعد حكم سنوات حكم  ديجول وبومبيدو المحافظين، وقد أضفى، على هذه الإصلاحات التقدمية، وهو السياسي المحسوب على الوسط اليميني، لمسته الخاصة كرئيس قريب من الشعب ومنفتح على جميع فئاته.

وبعد فشله في الفوز بولاية رئاسية ثانية لم يعتزل السياسة بل ظلّ يمارسها، من تحت قبة البرلمان الفرنسي كما الأوروبي، وذلك حتى العام 2004 حين سقط في الانتخابات التشريعية فاعتزل العمل السياسي.

رؤساء فرنسا

ونعى الرئيس إيمانويل ماكرون الرئيس الأسبق، معتبراً أنّ “عهده غيّر فرنسا”، وأضاف ماكرون في رسالة تعزية أنّ “المسار الذي خطّه لفرنسا ما زال يوجّه خطانا. كان خادماً للدولة وسياسياً يؤمّن بالتقدّم والحريّة. وفاته تغرق الأمة الفرنسية في حداد”، كما أشاد الرئيسان السابقان نيكولا ساركوزي وفرانسوا هولاند بذكرى الراحل.

وقال ساركوزي في رسالة عبر وسائل التواصل الاجتماعي بحسب “الفرنسية” إنّ “فاليري جيسكار ديستان عمل طوال حياته على تعزيز العلاقات بين الدول الأوروبية، وسعى ونجح في تحديث الحياة السياسية، وكرّس ذكاءه العظيم لتحليل القضايا الدولية الأكثر تعقيداً”، بدوره قال هولاند في بيان إنّ فرنسا “تخسر رجل دولة اختار الانفتاح على العالم”.

من إصلاحاته

ومن أهم إصلاحاته، تخفيض سن التصويت لإشراك الشباب في العملية الانتخابية من 21 عاما إلى 18 بموجب قانون 5 يوليو 1974، انسجاما مع وعود حملته الانتخابية، وقام بإجراء تعديل دستوري في 29 أكتوبر 1974 يمنح للبرلمانيين إمكانية الطعن في دستورية قانون معين. وهو حق كان يتمتع به رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيسا الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ فقط، ومن الإصلاحات الهامة تفكيك مكتب البث الإذاعي التلفزيوني الفرنسي، الذي عمل عشر سنوات، إلى شركات جديدة، بينها راديو فرنسا، تي إف 1، فرانس 3.

ولكنه كذلك قام بتشريع الإجهاض وهو الأمر الذي واجه معارضة قوية من داخل الأغلبية اليمينية. واعتبر محللون أن جيسكار ديستان أطلقه مباشرة بعد انتخابه للاستفادة من ديناميكية الدعم الذي كان يتمتع به كرئيس جديد للبلاد.

وكذلك ساهم في سن قانون 11 يوليو 1975، الذي غير مدونة الأسرة الفرنسية في العمق، وسمح للزوجين الطلاق بالتراضي، وفي حال “عدم العيش تحت سقف مشترك”. فيما كان لا يسمح به في السابق إلا بسبب “الخطأ”.

ومن القوانين التي سنها في فرنسا بحسب عدد من الخبراء، قانون التعليم الإعدادي المشترك، وصدر هذا القانون في 11 يوليو 1975، اسم وزير التربية الوطنية وقتها روني هابي، وينص على توفير تعليم إعدادي مشترك بعد التعليم الابتدائي وقبل الثانوي، ويسير في سياق تعميم التعليم المنصوص عليه في القانون الفرنسي منذ 1882، وإجباريته حتى 16 عاما وفقا لقانون تم تبنيه في 1959.

كما قدم الكثير للوحدة الأوروبية، واعتبر مدافعا شرسا عنها، إذ حتى بعد خروجه من الإليزيه بقي يعمل في سبيل تحقيق التكامل الأوروبي، كما ساعد في الدفع قدماً نحو الاتحاد النقدي بالتعاون الوثيق مع المستشار الألماني هيلموت شميدت الذي أصبح “صديقاً” له.

ربما يعجبك أيضا