مفكر سياسي لـ«رؤية»: حقوق الإنسان لافتة سياسية موجهة بمعايير مزدوجة ‎

سحر رمزي

رؤية – سحر رمزي

 يرى المحلل والمفكر السياسي العراقي الدكتور ضرغام الدباغ أن هناك ازدواجية كبيرة في التعامل “مع ملف حقوق الإنسان”، و ما حدث في الدول الكبرى من انتهاكات إنسانية وتصرفات غير مقبولة من حيث ثقافة حقوق الإنسان يؤكد أنه شعار ولافتة سياسية، موجهة عن طريق وسائل الإعلام وغيرها، بالمزاج و بمعايير مزدوجة وقد غدا هذا أمرا مفهوماً بدرجة تامة، وفي تقييمه لأداء الشرطة في المجتمعات الغربية،  وصف رجال البوليس في الولايات المتحدة بأنهم  عبارة “عن وحوش آدمية .

 كما أكد في حواره مع “رؤية” على أن الدولة الرأسمالية في ذروة تقدمها، قليلة التسامح، التضامن والتكافل الاجتماعي مفقود في المجتمعات، الدولة تظهر وتجسد أكثر فأكثر أنها تميل وتمثل مصالح فئات دون فئات ، وحين يمارس بعض من مجانين المجتمع سياسة التخويف  (الفوبيا ) يتفاعل معهم قادة سياسيون، ورجال قانون وغيرهم،  ويصبح الأمر حقا بحاجة إلى تأمل عميق، وقريباً ستنتقل ممارسة الفوبيا على صعيد أوسع، فهناك دولاً لا تطيق أن تسمع مكتسبات تقدمها دولة لا تحبها أو لا تفضلها، وتضع حدود لتقدم كل دولة حسب العنصرية والطائفية أو تريد أن ترغم البشر على ثقافة وتقاليد وسياسات اجتماعية كما تراها، وكما تعتقدها حتى يصل الأمر إلى درجة استخدام القوات المسلحة.

ومن وجهة نظر السياسي العراقي، أن الدول الرأسمالية ترى النظام الوطني القومي ممنوع وتحاربه كما فعلت مع عبد الناصر وصدام حسين، النظام الإسلامي (المزمع إقامته) ممنوع ونقاتل، النظم كنظم الخليج، محاربة يضايقونها ليلا نهار، نظام كالسودان لا يرضيهم، والآن الجزائر نصب عينيهم ما العمل.

كذلك يرى افتعال مواقف وقضايا يتدخل بها مسؤول كبير قصص مفتعلة، ويطرح بعض القضايا على سبيل المثال، ويقول هل أصبح عدم تناول هذا الصنف من اللحوم مشكلة أو موضوع يستحق مناقشات (بدرجة وزير) في حلقات عليا ؟ وهل أصبح ارتداء الحجاب مشكلة كبيرة تقود إلى الكثير من الاعتداءات في الشارع ؟ وهل تستحق هذه القضايا البسيطة، كل هذه القوانين والعناء ؟ لقد جرى تسخير القوانين و”مشروعها قبلوا أن يصبحوا رماح بيد المتطرفين”، في محكمة تتخذ موقفا رسمياً من إنسان لأنه يقبل أو لا يقبل المصافحة ! حين أجازوا رسمياً السخرية من (س) على أنها حرية رأي، ولكنهم يعاقبون بأشد العقوبات مجرد إن شككت ب (ص) مجرد تشكيك !

وفي حوار مع المفكر السياسي العراقي الدكتور ضرغام الدباغ تناول العديد من القضايا حول كيف يتعامل المجتمع الغربي مع ملف حقوق الإنسان؟ وجاء الحوار على النحو التالي،

كيف تقيم تعامل الشرطة مع الشعوب في المجتمعات الغربية؟

بداية لابد وأن نوضح أن العقوبة ليست انتقام، والشرطة ليست عدو للناس، الشرطة أداة شعبية لوقف الاعتداء على الناس، ومنع الجريمة الجنائية والاقتصادية، أي منع الاعتداء على الناس وممتلكاتهم. ولكن أنظروا إلى مئات الأفلام في اليوتيوب والانترنيت عن مشاهد تستخدم فيها الشرطة الأمريكية والبريطانية وحتى السويدية أشد صنوف القسوة البالغة بحق متهمين لدرجة إطلاق النار من الأسلحة على متهمين أو مشبوهين والقتل بقضايا تافهة لا تستحق هذه الإجراءات العنيفة، تجاوز إشارة مرور مثلاً. في الولايات المتحدة خاصة، برجال البوليس عبارة “عن وحوش آدمية”.

وأضاف كان لدي إحصائية (فقدتها للأسف) عن عدد القتلى من ضحايا البوليس الأمريكي السنوية بإطلاق النار بتهمة ” نودي عليه بالوقف فلم يمتثل ” وهي أعداد تصيب بالصدمة لمن يطالعها.

وماذا عن أداء الشرطة في أوروبا مقارنة بأمريكا؟

حتى الشرطة البريطانية التي كانت توصف بالاتزان والحصافة والمهنية، ولا يحمل أفرادها الأسلحة، عدا العصي، يرتكب اليوم أفرادها جرائم واضحة خلال العمل، ولا يلاقون العقوبة الرادعة، بدليل تزايدها. أما في الولايات المتحدة الأمريكية فالأمر، قاد وسيقود إلى كوارث، والسؤال لماذا لا يتم السيطرة على هذه الخروق. ثم أن هناك أمرا آخر مقلق، هو تفشي اليمين المتطرف في المجتمعات، بدرجة بلغ مداه إلى أجهزة الشرطة والأمن والجيش (في قوات النخب خاصة).

لكن البوليس أداة الدولة لحماية المجتمع من أشكال الانتهاكات ؟

الحكومة تطبق القانون بواسطة الشرطة، وكما هو الترهل والارتخاء والتلكؤ غير مقبول، كذلك الحماس ومزج الرأي الشخصي بالإجراءات مرفوض تماماً. وما نراه بشكل شبه يومي على شاشات التلفاز من شرطي يسحق عظام رقبة مواطن حتى الموت بدون سبب ودون أن يقاوم، وشرطي آخر يسحق فتاة شابة يوقعها أرضاً بنفس الأسلوب، وما هو سيئ جداً ومثير للإحباط، أن الشرطة الأوروبية يقلدون زملائهم الأمريكان في هذه التصرفات، والسويد المعروفة اتزانها، تمارس الشرطة أعمالاً لا يمكن وصفها قانونية، وهذا يشير إلى قضية مؤسفة، أن الشرطة بوصفها جهاز مكلف بتطبيق القانون قد تسلل إليه اليمين وربما توصلت مراتب قيادية فيه، والنزعات الاعتدائية، والتمتع بإظهار السطوة والقوة.

لماذا تجد  تصرفات الحكومات الغربية غير مقبولة؟

اليوم مسؤول كبير بدرجة رئيس جمهورية في دولة تعتبر نفسها عظمى (فرنسا) يقف وراء المايكرفون ويحرض علناً على الكراهية والحقد والانتقام، والعوازل،  ووزير داخليته يتدخل في طريقة عرض بيع اللحوم ! أيحدث هذا في بلد التنوير ؟ أم أنه يفعل ذلك لينال (بالاستجداء) أصوات اليمين المتطرف، هو فعلها على أية حال، وتحسب سلباً على النظام ” الديمقراطي ” وأكد نظرية أن لا ينبغي أن يتولى المسؤولية الأولى شبان طائشون في مقتبل العمر.

 وضرب مثلا آخر، بما حدث في أمريكا من تبادل ناري للحديث بين الرئيس ترامب ومنافسه بايدن في آخر مناظرة بينهما (22/ أكتوبر) حول التمييز العرقي، قال جو بايدن إن الرئيس الأمريكي

دونالد ترامب “يصب الوقود على كل حريق عنصري”. وقال ترامب عندما سئل عن الاحتجاجات المتعلقة بالعدالة الجنائية في الولايات المتحد ة : ” أنا أقل شخص عنصري في هذه الغرفة” (معنى ذلك الغرفة (البلد ــ الدولة) مليئة بالعنصريين ! ياله من اعتراف مذهل ). ورد بايدن قائلاً إن ترامب من بين “أكثر الرؤساء عنصرية في التاريخ الحديث” (لاحظوا كم هو دارج وسلس الحديث عن العنصرية في بلد كأمريكا يتألف من كل الأعراق والأديان، والكل غرباء ومن أصول ليست أمريكية، بلد يتزعم الديمقراطية ” لفضاً “) .

من الممكن أن تكون تصرفات الشرطة ناتجة عن  مواقف عرضية ؟

لا بالطبع فما يحدث هو تراكم انحدار وانحطاط ثقافي عام، ولكن هناك من يمارسها بوحشية وهمجية، وهناك من يمارسها بصورة مخففة، فهذا الشرطي، او الجندي الذي يرتكب جرائم حرب وحشية، ألم يدرس في مدرسة ابتدائية، وقبلها في روضة أطفال؟ ومدرسة متوسطة، ثم تأهيلاً متقدماً، ماذا تعلمه من قياداته؟ لذا تشيع بشكل متكاثف ظواهر وتربية الشراسة والقوة في المدارس  ( وقد تحولت إلى مشكلة حقيقية، و تدرس في مناهج التربية والتعليم في الولايات المتحدة خاصة، وفي العالم الرأسمالي عامة، وهي في نهاية المطاف حصيلة ضغوط اجتماعية واقتصادية وثقافية عديدة، وهذه هي بالضبط التي تقود إلى حوادث الإجرام المعروفة بالقتل الجماعي العشوائي)،  والتي تروع المجتمعات بين الحين والآخر، ولأن جذر التربية فاسد، وتتكرر في الولايات المتحدة وفي دول رأسمالية أخرى.

التجسس على البشر نوع من الانتهاكات

قال الدكتور ضرغام أن التجسس حسب ما كتبته سارة جيونغ من نيويورك تايمز في مقال لها، إنه حالما يتم جمع البيانات الخاصة، يصير بإمكان أيّ كان شراؤها أو بيعها، ولا توجد منافذ قانونية لطلب تعويض من هذا البيع. لكن هناك شركات تحاول خلق نظام جديد من “سماسرة البيانات” يعوّض النظام الحالي.

وتنقل الكاتبة عن رئيس شركة أحد التطبيقات الصحية كيف يتم جمع البيانات من شركات تتوفر على السجلات الصحية للمرضى، ويتم بيعها إلى باحثين وإلى شركات التسويق، لكن بهدف أن يستفيد المرضى من نسبة معينة من عمليات البيع، وهكذا تسمح السلطات لنفسها، أو شركات حكومية تعمل تحت غطاء، التجسس على ملايين المواطنين الأمريكيين (25 ــ 28 مليون مسلم)، بالإضافة إلى نحو 50 ــ 60 مليون مسلم خارج الولايات المتحدة، التجسس وسرقة بيانات ومعلومات شخصية بصفة غير مسوغة وغير قانونية. وبذلك تؤكد أن الدولة هي المخترق الأول للقوانين. والمنتهك الرئيسي لحقوق الإنسان التي يتشدق بها الغرب.

ربما يعجبك أيضا