سباق مجلس الأمة الكويتي 2020.. انتخابات حاسمة بنكهة كورونا

ولاء عدلان

كتبت – ولاء عدلان

منذ ساعات الصباح الباكر، توافد الناخبون الكويتيون على مقار الاقتراع في الدوائر الانتخابية للإدلاء بأصواتهم، لانتخاب أعضاء مجلس الأمة للفصل التشريعي السادس عشر، في ظل وضع صحي استثنائي فرضته جائحة كورونا.

وبحسب بيان وزارة الصحة الكويتية، أمس، بلغ إجمالي إصابات كورونا المسجلة في البلاد 143917 حالة، بينها 139148 حالة شفاء و886 وفاة، وعلى الرغم من ذلك التزمت الجهات المعنية بإجراء الانتخابات النيابية في موعدها – الخامس من ديسمبر- دون تأجيل، مع تطبيق إجراءات سلامة عالية تتضمن توفير أدوات التعقيم داخل اللجان الانتخابية وأجهزة قياس الحرارة وتخصيص أماكن لانتظار الناخبين مع مراعاة قواعد التباعد الاجتماعي.

انتخابات استثنائية

يبلغ عدد الناخبين الذين يحق لهم المشاركة في انتخابات اليوم 567 ألفا و694 مواطنا، بينهم 273940 من الذكور، و293754 من الإناث، موزعين على مجموع الداوئر الانتخابية “الخمس”، فيما يبلغ عدد المرشحين المتنافسين على مقاعد البرلمان في رابع انتخابات تجرى بنظام الصوت الواحد 326 مرشحا.

وتجرى الانتخابات  في الدوائر الانتخابية الخمس لمدة يوم واحد، إذ من المقرر أن تغلق اللجان الانتخابية أبوابها في الثامنة مساء اليوم بالتوقيت المحلي للكويت، ليعلن بعدها رؤساء اللجان ختام عملية التصويت على أن تبدأ عملية الفرز بعد إغلاق صناديق الاقتراع تمهيدا لإعلان النتائج الرسمية.

ومن بين المرشحين لـ”أمة 2020″، 43 نائبا من مجلس 2016 – وهو أول مجلس يتم مدته الدستورية كاملة منذ 21 عاما- بينهم سيدة واحدة هي النائبة صفاء الهاشم، والتي تسعى لإعادة انتخابها وتتنافس هذه المرة مع 28 مرشحة، في حال فوز نصفهن أو حتى ربع هذا العدد سيكون إنجازا تاريخيا، بعد نحو 7 سنوات تقريبا اقتصر فيها تمثيل المرأة الكويتية نيابيا على سيدة واحدة هي “الهاشم”.

بحسب تقارير إعلامية، بلغت نسبة المشاركة في سباق مجلس الأمة 17% في كافة الدوائر الانتخابية، حتى الساعة 12 ظهرًا بتوقيت الكويت، وشهدت جميع اللجان التزاما تاما بالإجراءات الاحترازية، وسط استنفار من كوادر وزارتي الصحة والداخلية.

تشمل الإجراءات الاحترازية الخاصة بعملية الاقتراع:

-ارتداء الكمامة وتعقيم اليدين ولبس القفازين وقياس درجة الحرارة للناخب قبل الدخول إلى اللجنة الانتخابية.

– عدم التجمع خارج وداخل مراكز الاقتراع.

-الالتزام بالمسار المحدد للناخبين لدخول مراكز الاقتراع وحتى الوصول للجنة المحددة، مع المحافظة على التباعد الجسدي بمسافة لا تقل عن مترين بين الناخبين طوال فترة التواجد داخل مركز الاقتراع.

-توفير عيادات طبية بمقار الاقتراع.

– تخصيص عدد من المدارس لاستقبال الناخبين المصابين بالفيروس ممن ينطبق عليهم العزل الصحي أما من ينطبق عليهم الحجر المنزلي فيصوتون في اللجان التابعين لها، مع التزام كلا الفئتين بأخذ تصريح للخروج عبر تطبيق “شلونك” قبل التوجه إلى صناديق الاقتراع.

وزير الصحة دكتور باسل الصباح أكد – خلال الساعات الأولى من العملية الانتخابية، اليوم- أنه تم إجراء مسحات لجميع العاملين في العملية الانتخابية ضماناً لسلامة الجميع سواء الناخبين أو المشاركين في إجراءات الانتخاب، مطالبا الجميع بالالتزام بالتعليمات الخاصة بعدم التجمع أو إقامة أي احتفالات بعد إعلان النتائج.

انتخابات في لحظة حاسمة

فضلا عن الأوضاع الاستثنائية التي فرضتها جائحة كورونا على المشهد الانتخابي في الكويت، وأن هذه الانتخابات تعد الأولى من نوعها في عهد الأمير الشيخ نواف الأحمد، فهي أيضا تجرى في ظل ظرف استثنائي من الناحية الاقتصادية.

وكالة بلومبرج قالت في تقرير لها عن “أمة 2020″، إن هذه الانتخابات تأتي في لحظة حاسمة بالنسبة للاقتصاد الذي ينتظر سن تشريعات تحدد أفضل السبل للمضي قدما لإنقاذه في ظل تداعيات الجائحة التي فاقمت من وقع الأزمة المالية.

يعاني الاقتصاد الكويتي من أزمة تتعلق بزيادة مخاطر السيولة الحكومية، في ظل استمرار غياب قانون جديد للدين العام يمكن الحكومة من الاستدانة من الأسواق العالمية، وعدم السماح للحكومة بالسحب من صندوق “احتياطي الأجيال القادمة” – الذي يشكل حوالي 489 مليار دولار من إجمالي أصول الهيئة العامة للاستثمار-، وسط اقتراب موارد صندوق الاحتياطي العام السائلة من النفاد.

في سبتمبر الماضي، قامت وكالة موديز لخدمات المستثمرين للمرة الأولى على الإطلاق بتخفيض تصنيف الكويت الائتماني بواقع درجتين من “Aa2” إلى “A1″، وحذر المركزي الكويتي من أن التراخي في تبني الإصلاح المالي والاقتصادي، من شأنه ترسيخ الاختلالات الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد المحلي، ومنها اختلالات الموازنة العامة، والتي سيكون لها تداعيات سلبية جسيمة كتخفيض التصنيف الائتماني السيادي، وما يجره ذلك من ارتفاع الكلفة على المال العام في حال اللجوء إلى الاقتراض من الأسواق الخارجية.

جاءت هذه التحذيرات، بعد أن أقر مجلس الأمة ميزانية السنة المالية 2020/2021 ، بعجز متوقع قدره 14 مليار دينار، وذلك بعد إجراء تعديلات لخفض الإنفاق الحكومي ومراعاة تراجع أسعار النفط وتحديد سعر البرميل عند سقف 30 دولارا، ومع ذلك يعد هذا العجز هو الأكبر خلال عقد كامل.

ومشكلة عجز الموازنة في الكويت قديمة وبدأت تطفو إلى السطح بعد 2016، إذ اعتمدت الكويت على متانتها المالية في مواجهة أزمة انهيار أسعار النفط التي انفجرت عام 2014، دون أن تضع خطة جادة لتنويع الاقتصاد أو ترشيد الإنفاق الحكومي، لتلجأ للمرة الأولى إلى أسواق الدين العالمية في 2017 لإصدار سندات بقيمة ثمانية مليارات دولار، ومنذ هذا التاريخ لم تقدم على مثل هذه الخطوة، لعدم موافقة البرلمان على تمرير قانون يسمح لها باللجوء للأسواق العالمية من أجل اقتراض 20 مليار دينار على مدى 30 عاما، كان من المفترض أن يخصص 12 مليار دينار منها لسد عجز الميزانية والباقي لمشروعات رأسمالية.

وهنا تبرز الحاجة إلى مجلس أمة جديد يتمكن من سن هذا القانون، لتقليص السحوبات من صندوق الاحتياطي العام الذي سبق وأن توقع صندوق النقد الدولي استنفاد أصوله في أقل من عامين في ظل غياب مصادر تمويل جديدة للحكومة، ووسط تقديرات بارتفاع احتياجات الكويت التمويلية على مدى السنوات الست المقبلة إلى نحو 180 مليار دولار.

ربما يعجبك أيضا