بمسرحية انتخابية.. مادورو يحكم قبضته على فنزويلا ولا عزاء للمعارضة

ولاء عدلان

كتبت – ولاء عدلان

فاز التحالف الداعم للرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، بالانتخابات التشريعية التي أُجريت أمس الأحد، وسط مقاطعة واسعة من جموع الشعب والمعارضة وانتقادات دولية للعملية السياسية برمتها، وبذلك استعاد مادورو السيطرة على المؤسسة الوحيدة التي كانت تدور خارج فلكه.  

وأعلنت رئيسة المجلس الوطني الانتخابي أنديرا ألفونزو، صباح اليوم الإثنين، حصول التحالف الداعم لمادورو على 67,7% من أصوات الناخبين، لافتة إلى أن قسما صغيرا من المعارضة شارك في الانتخابات وحصل على 18% من الأصوات.

وبلغت نسبة عزوف المواطنين عن المشاركة في هذه الانتخابات نحو 69%، إذ لم يشارك في الاقتراع أمس، سوى 5,2 ملايين – بحسب الأرقام الرسمية- من أصل 20 مليون ناخب مسجل لدى المجلس الوطني الانتخابي، فيما يشير مراقبون تابعون للمعارضة إلى أن نسبة المشاركة كانت أقل من 20%.   

المعارضة ومادورو

تعليقا على النتيجة، اعتبر زعيم المعارضة ورئيس الجمعية الوطنية “البرلمان” خوان غوايدو، أن رفض أكثرية الشعب الفنزويلي لهذه الانتخابات كان واضحا، مضيفا أن فنزويلا أدارت ظهرها لمادورو وفساده.

كان غوايدو وغالبية رموز المعارضة قد دعوا إلى مقاطعة الانتخابات بوصفها مجرد مسرحية هزلية لإضفاء الشرعية على نظام مادورو.

يذكر أن المعارضة تسيطر على البرلمان منذ 2015، عندما تمكنت من إنهاء 15 عاما من هيمنة الحزب الحاكم “التشافي” – الذي يحمل اسم الرئيس الاشتراكي الراحل هوغو تشافيز- على الجمعية الوطنية.

ويعتبر غوايدو حكم مادورو غير شرعي، إذ تعتبر المعارضة الفنزويلية ويوافقها الرأي العديد من البلدان الأجنبية إعادة انتخاب مادورو في 2018  جاءت بناء على عملية انتخابية مزورة، وهذا ما دفع غوايدو إلى تحرك استثنائي في مطلع 2019 عندما أعلن نفسه رئيسا مؤقتا للبلاد.

وفي ذلك الوقت، اعترفت أكثر من 50 دولة؛ بما فيها الولايات المتحدة، بغوايدو رئيسا شرعيا مؤقتا لفنزويلا، وطالبت مادورو بالرحيل عن السلطة إلا أنه ظل متمسكا بالكرسي واستعان بدول مثل الصين وروسيا وكوبا لمواجهة الضغوط الأجنبية وعلى رأسها العقوبات الأمريكية التي تلاحق كل ما له علاقة بنظامه سواء أشخاص أو مؤسسات منذ 2017.

وباستعادة مادورو للسيطرة على البرلمان، سيكون أمامه فرصه لتمرير صفقات استثمارية لعدد قليل من الشركاء الأجانب الذين لديهم استعداد للمخاطرة بمخالفة العقوبات الأمريكية من أجل التعامل مع دولة مثل فنزويلا عضو في منظمة أوبك ولديها ثروة نفطية لا يستهان بها.

إلى جانب الصراع السياسي بين مادورو والمعارضة، تعيش فنزويلا أزمة اقتصادية خانقة، فمنذ نوفمبر 2019 بلغ التضخم في البلاد نحو 4000%، ما تجسد على أرض الواقع بأزمة  نقص في الوقود والغاز والمياه، انقطاع متكرر للتيار الكهربائي، يشار هنا إلى أن واشنطن تفرض على النفط الفنزويلي حظرا شاملا منذ أبريل 2019، وهو ما شكل ضربة قاضية للاقتصاد المحلي.

ماذا ينتظر فنزويلا؟

في أول تعليق خارجي على الانتخابات الفنزويلية، وصفها وزير الخارجيّة الأمريكي مايك بومبيو، أمس، بـ”المهزلة”، وكتب على “تويتر”: ما يحصل في فنزويلا اليوم هو تزوير ومهزلة، مضيفا أن النتائج التي سيعلنها نظام نيكولاس مادورو غير الشرعي لن تعكس إرادة الشعب الفنزويلي.

ردا عليه قال وزير الخارجية الفنزويلي خورخي أرياس: تحدث “الزومبي” على الرغم من أنه “مايك بومبيو” كما صرح رئيسه دونالد ترامب، تم تزوير الانتخابات في بلاده، مضيفا: بومبيو أقبل الحقيقة بهدوء وتواضع، لقد عانيت في فنزويلا من فشل كامل.. نأمل أن تعود الدبلوماسية قريبا إلى وزارة الخارجية والبيت الأبيض.

مادورو أيضا وجه رسالة مباشرة للمعارضة وآخرى ضمنية لأمريكا أمس، عقب الإداء بصوته قائلا: أنا فخور بأن أكون فنزويليًا، وأن يكون لي وطن حر واعي.. كان لدينا الصبر والحكمة لانتظار هذا اليوم وإنهاء تلك الجمعية الوطنية الفظيعة التي جلبت وباء العقوبات والقسوة والألم والمعاناة.

أمام هذا التحدي الواضح، دعا غوايدو الفنزويليين للمشاركة في استفتاء للمعارضة الأسبوع المقبل يدعو إلى إنهاء “اغتصاب مادورو للرئاسة”، وتمديد ولايته في رئاسة الجمعية الوطنية إلى ما بعد تاريخ انتهائها في الخامس يناير، واعتبر غوايدو أن الأغلبية العظمى من الفنزويليين يريدون التغيير، لذا يخشى نظام مادورو إجراء انتخابات حرة.

لكن المرشح الرئاسي لمرتين “هنريك كابريليس” – وهو من معارضي مادورو وغوايدو على حد السواء-  يرى أن المعارضة لا تمتلك خطة واضحة للخلاص من مادورو، وكتب على “تويتر”:  لا يمكن أن تكون استجابة القطاعات الديمقراطية حيال فشل النظام هي مجرد دعوات للتعبئة دون حلول ملموسة.. بعد كل هذه الإخفاقات للمعارضة سيكون من الضروري إعادة التفكير في البدائل الحقيقية وفتح المسارات جنبًا إلى جنب مع جميع التيارات.

مع عدم وجود خطة واضحة للمعارضة وإحكام مادورو سيطرته على كافة المؤسسات الحساسة بالبلاد كالجيش والحكومة والبرلمان، واستمرار ضغط العقوبات الأمريكية، ستكون فنزويلا في 2021 على موعد مع مزيد من الفوضى.

إليوت أبرامز، المبعوث الأمريكي لفنزويلا قال في تصرح لـ”رويترز” قبل يومين: إنه لا يتوقع تغيرات كبيرة ستطرأ على السياسة الأمريكية فيما يتعلق بالموقف من  نظام مادورو عندما يتسلم الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن السلطة في يناير المقبل.

ربما يعجبك أيضا