الاتفاق بشأن التجارة مع إيرلندا الشمالية.. ما بعد «بريكست» ممكنًا!

كتب – حسام عيد

حتى وإن كان الخروج صعبًا من الاتحاد الأوروبي في الوقت الراهن حسبما قال بوريس جونسون رئيس وزراء بريطانيا، فهناك ضوء خافت نحو اتفاق ما بعد «بريكست» بين الطرفين، وقد لاح بالفعل في الأفق مع إعلان بريطانيا والاتحاد الأوروبي يوم الثلاثاء الموافق 8 ديسمبر 2020 عن اتفاق لإدارة التجارة مع إيرلندا الشمالية، الأمر الذي كان يوصف بالعقبة الكبيرة في طريق إتمام صفقة بشأن التجارة الحرة بمرحلة ما بعد بريكست.

وكان رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، أعرب عن “تفاؤله” بزيارته المرتقبة إلى بروكسل خلال الأسبوع الجاري لإجراء مفاوضات التجارة ما بعد خروج بلاده من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، وتحديدًا حول ثلاث نقاط رئيسية تتعلق بالمنافسة المتكافئة والحوكمة والصيد البحري.

تغيير مرتقب في يناير 2021

رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، قال إن حكومته ستبذل قصاري جهدها، لافتًا إلى أن هناك خيارات رائعة في انتظار بريطانيا، ولكن الشيء الأساسي، هو أنه سيكون هناك تغيير في الأول من يناير 2021، مهما حدث.

ويترقب جونسون ما سيسفر عنه اليومين المقبلين، لكنه يعتقد في الوقت ذاته أن موقف حكومة المملكة المتحدة هو أنها مستعدة للمشاركة على كافة المستويات، سواء كانت سياسية أو غير ذلك، فهي مستعدة لتجربة أي شيء.

إقرار بروتوكول إيرلندا الشمالية

أولى التغييرات المرتقبة، جاءت بالفعل يوم الثلاثاء 8 ديسمبر من بروكسل، مع توصل بريطانيا والاتحاد الأوروبي لاتفاق «من حيث المبدأ» لإدارة التجارة مع إيرلندا الشمالية بعد خروج بريطانيا من الاتحاد.

وبعد اجتماع في بروكسل، قال الوزير البريطاني مايكل جوف ونائب رئيسة المفوضية الأوروبية ماروس سيفكوفيتش إن الاتفاق يتضمن ترتيبات حدودية.

ونتيجة لذلك، ستسحب لندن ثلاثة بنود موضع خلاف في مشروع قانون معروض على البرلمان كان من شأنه أن يحرم بروكسل من أن يكون لها رأي في الترتيبات التجارية المستقبلية بين مقاطعة إيرلندا الشمالية ودولة إيرلندا العضو في الاتحاد الأوروبي.

ومن جهتها، رحبت الحكومة الإيرلندية بالاتفاق بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي بشأن كيفية تنفيذ بروتوكول إيرلندا الشمالية لما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وتمت الموافقة على البروتوكول كجزء من اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي لمنع “الحدود الصعبة” بين إيرلندا الشمالية وجمهورية إيرلندا في الاتحاد الأوروبي، مما يبقي المنطقة التي تديرها بريطانيا، في الاتحاد الجمركي للاتحاد الأوروبي والسوق الموحدة للبضائع بعد 31 ديسمبر عندما تغادر المملكة المتحدة بالكامل الاتحاد.

وقال وزير الخارجية الإيرلندي سيمون كوفيني: “تقدم جيد! سيوفر أخيرا بعض اليقين بشأن تنفيذ بروتوكول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في إيرلندا الشمالية. وقد تم الاتفاق على التعاون العملي والمرونة لجعله قابلا للإدارة قدر الإمكان للأفراد والشركات”.

اتفاق أو بدون.. الخاسر الأكبر اقتصاد بريطانيا

وخرجت بريطانيا من الاتحاد الأوروبي رسميًا في نهاية شهر يناير الماضي، لكنها تظل في السوق الموحدة والاتحاد الجمركي حتى نهاية العام الجاري. وإذا لم يكن هناك اتفاق بحلول هذا الموعد النهائي، فسيتم إعادة فرض تعريفات ورسوم جمركية كبيرة.

مع أو بدون اتفاق، يُتوقع أن يتسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بمزيد من التأرجح في الاقتصاد البريطاني الذي تعصف به تداعيات جائحة كورونا الوبائية “كوفيد-19” ويبدو أن التحسن المأمول سيتطلب وقتًا.

في الأول من يناير 2021، ستنفصل بريطانيا عمليًا عن الاتحاد الأوروبي، شريكها التجاري الرئيسي، من خلال مغادرة السوق الموحدة والاتحاد الجمركي اللذين استفادت منهما شركات بريطانية كثيرة على مدى عقود.

وإذا كان حجم الأضرار يعتمد على نتيجة المفاوضات الجارية حاليًا بين لندن وبروكسل، فإن الخبراء الاقتصاديين يتوقعون أن يكون بريكست مؤلمًا اقتصاديًا.

وتذهب جامعة لندن للاقتصاد المرموقة إلى حدّ توقع أن يكون بريكست من دون اتفاق، أي العودة لفرض رسوم جمركية وتدابير رقابية على الحدود، مكلفاً أكثر من كوفيد-19، لأن تداعياته ستكون ظاهرة لفترة أطول.

ولم تخف الحكومة المحافظة السابقة تأثير بريكست في المستندات الرسمية التي كُشف عنها أواخر العام 2018. وبحسب التقديرات آنذاك، سيتسبب الانفصال “بدون اتفاق” بتراجع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 7.6% على مدى 15 عامًا. في حال تم التوصل إلى اتفاق، فسينخفض بنسبة 4.9%، وهو تأثير كبير إلى حد ما، ويشكل مؤشرًا للتحدي المتمثل بمغادرة الاتحاد الأوروبي.

وقبل 3 أسابيع فقط من استكمال بريطانيا الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، فشل القادة في تضييق هوة الخلافات بشان اتفاق تجارة بعد الانفصال البريطاني، فلا تزال لنقاط الخلافية تتمحور حول حق سفن الصيد الأوروبية بدخول المياه البريطانية وشروط المنافسة العادلة والآلية المستقبلية لحلّ الخلافات.

ويترقب المستثمرون ما ستسفر عنه مفاوضات المحولة الأخيرة للتوصل لاتفاق تجارة بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا خلال يومي الخميس والجمعة المقبلين في بروكسل.

ربما يعجبك أيضا