معضلة الأمن الإقليمي .. هل تطارد إسرائيل أشباح إيران في المنطقة؟

يوسف بنده

رؤية

يشكل النفوذ الإيراني المتعاظم في سوريا خطراً على الاستقرار الإقليمي حيث تسعى طهران لبقاء طويل الأمد هناك، وهو ما ينذر بتصاعد التوترات مع إسرائيل وقد يجبر إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن على التحرك هناك فور توليه منصبه.

وحسب تقرير صحيفة الرؤية الإماراتية، فقد نشرت مجلة «فورين بوليسي» تقريراً موسعاً استعرضت فيه الخيارات التي يمكن أن تقدم عليها إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب لتخليص سوريا من القبضة الإيرانية.

وذكر التقرير أن إدارة الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب قد لجأت إلى الانسحاب من الاتفاق النووي، وفرض العقوبات لتوقيع أقسى درجة من الضغط على إيران، من أجل تعديل الاتفاق ليضم قيوداً على برنامجها للصواريخ الباليستية، ووقف سياساتها الرامية للهيمنة على المنطقة، لكن ترامب لم يلتفت كثيراً لقضية النفوذ الإيراني الكبير في سوريا.

ولفت التقرير إلى الدور الذي تقوم به إسرائيل لمواجهة النفوذ الإيراني في سوريا، حيث لجأت إسرائيل خلال السنوات الماضية إلى شن الهجمات لاستهداف المواقع الإيرانية في سوريا، وفي خلال الشهور الماضية ركزت إسرائيل هجماتها على ما يمكن وصفه بـ«الأهداف الكبيرة» لإيران في سوريا.

وقال التقرير إنه إذا كان بايدن قد أعلن أن إدارته ستعطي أولوية لقضية الوجود والنفوذ الإيراني في سوريا، ولتحقيق ذلك فإن فريق السياسة الخارجية في إدارة بايدن عليهم أن يعملوا مع دول المنطقة ومع الدول الأوروبية.

وأوضح التقرير أن الوضع الحالي في سوريا يشير إلى أن النفوذ الأمريكي «محدود» في سوريا، لكنه يشمل ملفات لا يمكن إنكارها، مثل القوة الجوية، والوجود في المنطقة الشمالية الشرقية لسوريا، وكذلك السيطرة على حقول النفط الموجودة بتلك المنطقة، وكذلك فإن النفوذ الأمريكي يشمل أيضاً إمكانية تخفيف العقوبات على كل من إيران وسوريا، وهو الأمر الذي تحتاجه وبشدة كل من طهران ودمشق.

التعاون مع روسيا

وأضاف التقرير إلى أن الولايات الأمريكية تحتفظ بقنوات اتصال مع روسيا للتنسيق حول سوريا، ويمكن لأمريكا العمل على تعظيم المصالح مع روسيا، وتوسعة فجوة الخلافات ما بين مواقف موسكو وطهران، وكذلك العمل مع روسيا من أجل إزاحة وجود القوات الإيرانية والميليشيات الموالية لها من مناطق نهر الفرات ومن المناطق المتاخمة للحدود الإسرائيلية، وفي المقابل يمكن أن تقدم أمريكا لروسيا مناطق أقل أهمية بالنسبة لواشنطن، وأكثر أهمية بالنسبة لموسكو، مثل القاعدة الأمريكية في التنف.

ولفت التقرير أيضاً إلى إمكانية قيام الولايات المتحدة بالعمل مع تركيا، بالإضافة إلى روسيا، لتحجيم النفوذ الإيراني في سوريا، مضيفاً أنه من الممكن إقامة مناقشات ثلاثية أمريكية روسية تركية، حول الخلايا الإرهابية في منطقة إدلب، آخر معاقل المعارضة السورية والتي يتواجد بها أيضاً معقل لداعش والقاعدة، ويمكن للولايات المتحدة أن تعمل على خلع جذور وجود الجماعات الإرهابية من شمال سوريا، واستبداله بوجود أمريكي لتعزيز دور واشنطن ونفوذها كلاعب أساسي في الجهود الدبلوماسية الخاصة بسوريا.

وأوضح التقرير أنه على الولايات المتحدة العمل جنباً إلى جنب مع إسرائيل، والتأكيد على أن الدولة العبرية بمقدورها العمل بكل حرية ضد التهديدات ضدها والموجودة في المناطق المتاخمة للحدود السورية – الإسرائيلية، وبالطبع فإن لإسرائيل مصالح في أي مفاوضات مقبلة حول الوجود والنفوذ الإيراني في سوريا، ويمكن إجراء محادثات أمريكية ثنائية منفصلة مع كل من إسرائيل، وروسيا، ثم الانطلاق في حوار ثلاثي يجمعهم، لتحميل روسيا مسؤولية أي وعود يمكن لموسكو أن تقطعها، وقد تكون هذه المحادثات الثلاثية مفيدة لتبادل المعلومات الاستخباراتية حول تحركات الأسلحة الإيرانية والتهديدات المحتملة لإسرائيل.

دور إسرائيلي

حسب موقع مجلة “فورين أفيرز”، فقد كشفت تقارير إعلامية أمريكية عن منح الرئيس دونالد ترامب وزير خارجيته المتشدد مايك بومبيو “صكا مفتوحا” للضغط على إيران طالما لم يؤد إلى “حرب عالمية ثالثة”. ولم يؤكد البيت الأبيض هذه التقارير لكنها غذت القلق الإيراني عن منح واشنطن الضوء الأخضر لأفعال إسرائيل بل وقيامها بالتحرك ضدها.

وعبرت إدارة بادين عن تعهدها بمواجهة التأثير الإيراني في المنطقة. فالوجود هذا يؤثر على الاستقرار، ذلك أن طهران تدعم نظام الأسد الذي يقمع شعبه وتزود الجماعات من غير الدول في العراق وسوريا ولبنان بالسلاح والمال.

وحددت إدارة ترامب المشكلة وبدقة لكنها اتبعت سياسة شاملة أو لا شيء وبالغت من تقدير نفوذها على إيران.

وأدى هذا النهج لتحصين وتوسيع التأثير الإيراني في سوريا. ومن أجل حرف مسار الموجة للاتجاه الآخر، على فريق بايدن العمل مع الشركاء بالمنطقة وأوروبا والاعتراف بأن إيران بالتأكيد ستمارس نوعا من التأثير الدائم في سوريا.

دور عسكري

وقد أعلنت إسرائيل والولايات المتحدة اليوم الثلاثاء، عن تعاون جديد في مجال الدفاع الصاروخي، وذلك بعد الانتهاء من اختبارات اعتراض بالذخيرة الحية لنظام ديفيدز سلينج للصواريخ المضادة.

وقال جيش الاحتلال الإسرائيلي، إنه تم بنجاح اختبار القدرات الدفاعية بالتعاون مع وكالة الدفاع الصاروخي الأمريكية.

وأضاف الجيش في بيان، أن التدريبات المشتركة مع نظيره الأمريكي تحاكي هجوما بصواريخ باليستية، حيث يتم اعتراض صواريخ كروز وطائرات مسيرة.

وحسب صحيفة “إسرائيل اليوم”، شملت  اختبار القدرات الدفاعية، التي أجريت من وسط إسرائيل، نظام الدفاع الصاروخي ديفيدز سلينج، والذي يحاكي هجوما بصواريخ باليستية.

وأكد موشيه باتيل، رئيس منظمة الدفاع الصاروخي الإسرائيلية، وتزامنا مع الاختبار الناجح لنظام الدفاع الصاروخي الإسرائيلية متعدد الطبقات أن هذا النظام بإمكانه أن يصيب أهدافا مثل صواريخ كروز أو الصواريخ البالستية على ارتفاعات مختلفة.

كما تم إجراء اختبارات طيران إضافية لجمع البيانات الفنية والهندسية المرتبطة بأداء نظام الدفاع الصاروخي وقابلية التشغيل البينية بين طبقات مختلفة من بنية الدفاع الإسرائيلية متعددة المستويات.

تحالف إقليمي

وقد أعلنت وزارة الدفاع الإسرائيلية عن استعداد تل أبيب للتعاون مستقبلا في مجال الدفاع الصاروخي، مع الدول العربية في الخليج، والتي لديها مخاوف مشتركة بشأن إيران.

وقال موشيه باتيل، رئيس منظمة الدفاع الصاروخي، وهي جزء من وزارة الدفاع الإسرائيلية، اليوم الثلاثاء 15 ديسمبر (كانون الأول)، في تصريح أدلى به للصحافيين، إن هناك إمكانية مشاركة وتنسيق أنظمة الدفاع الصاروخي مع حلفاء إسرائيل الجدد في المنطقة، مضيفًا: “قد يمكن إنجاز هذه الأمور في المستقبل”.

وتابع: “من منطلق هندسي، هناك مزايا كبيرة في حال إمكان مشاركة المعلومات، فهي مثل أجهزة استشعار يمكن نشرها في البلدين، لأن لدينا أعداء مشتركين”.

وأشار إلى أن السعي وراء مثل هذه الصفقات لا يزال سابقًا لأوانه، وأنه إذا كان الأمر يتعلق بأنظمة إنتاج إسرائيلية الصنع بتقنية أو رأسمال أميركي، فإنه يحتاج إلى موافقة واشنطن أيضًا.

تأتي قضية التعاون العسكري والدفاعي بين إسرائيل والدول العربية في الخليج بعد أن انخرطت تل أبيب- بوساطة دونالد ترامب- في اتفاقيات تطبيع مع 4 دول عربية، هي: الإمارات العربية المتحدة، والبحرين، والسودان، والمغرب.

وتعتبر المخاوف المتزايدة بشأن تدخل إيران في الدول الإقليمية بما فيها: العراق وسوريا واليمن ولبنان من بين العوامل التي سعت إسرائيل إلى معالجتها من خلال تطبيع العلاقات مع الدول العربية في المنطقة.

ربما يعجبك أيضا