النفط في 2021.. رياح الجائحة تهدد آمال التعافي

ولاء عدلان

كتبت – ولاء عدلان

يشرف العام 2020 على الرحيل، لكن يبدو أنه من المبكر الاحتفال بالعام الجديد كبداية لنهاية جائحة كورونا التي أثقلت كاهل دول العالم طوال الشهور الماضية بأعباء اقتصادية لم يكن واردًا تحملها وسط ميزانيات مثقلة بالديون واقتصاد عالمي يعاني من تباطؤ في النمو منذ 2019.

وعلى الرغم من بدء حملات التطعيم ضد فيروس كورونا هذا الشهر في عدد  من بلدان العالم، لكن هذا لن يمحي آثار الدمار الهائل الذي لحق بالاقتصاد العالمي وبسوق النفط تحديدا، هذا ما حذرت منه وكالة الطاقة الدولية، في تقرير صدر أمس الثلاثاء.

النفط في حاجة إلى وقت أطول للتعافي  

قالت وكالة الطاقة الدولية – في تقريرها الشهري- إن حالة الحماسة المفهومة التي صاحبت بدء حملات التطعيم تشرح جزئياً الأسعار الأعلى التي سجلتها السوق خلال الفترة الأخيرة، ولكن الأمر يحتاج إلى أشهر لنصل إلى عدد كبير من الأشخاص المحصنين النشيطين اقتصادياً، ومن ثم نرى تأثيرا حقيقا في معدلات الطلب على النفط.

وحذرت من احتمالات ارتفاع معدلات الإصابة بالفيورس مع حلول عطلة نهاية العام، ما قد يدفع بلدان العالم لفرض إجراءات عزل أكثر صرامة مرة آخرى.

وتتفق منظمة الصحة العالمية مع الطاقة الدولية في هذا الأمر، حيث حذرت من تداعيات التهاون بشأن إجراءات الوقاية بالتزامن مع عطلة عيد الميلاد، كما أكدت أن اللقاحات لن تجدي نفعا في الحد من انتشار الفيروس قبل الخريف المقبل على الأقل، وفي تصريح سابق قالت مديرة إدارة التحصين واللقاحات والبيولوجيا بالمنظمة كاثرين أوبراين: إنه لوقف انتقال الفيروس يجب أن يحصل 60 إلى 70 بالمائة من سكان العالم على اللقاح، مؤكدة أن الأمر يعتمد في النهاية على ما سيكون عليه أداء اللقاحات ونجاعتها في مواجهة الفيروس، وأن هذا يتطلب وقتا أطول مما نعتقد.

بالعودة لتقرير وكالة الطاقة، نجدها خفضت توقعاتها للطلب العالمي على النفط العام خلال 2020 بمقدار 50 ألف برميل يوميا، ليصبح عند مستويات 91.2 مليون برميل، كما خفضت تقديراتها للعام المقبل بمقدار 170 ألف برميل يومياً، مشيرة إلى أن الطلب العالمي على النفط ظل منخفضا خلال الربع الأخير من 2020، بنحو 6.2 مليون برميل يوميا مقارنة بالربع ذاته من العام الماضي 2019، مما يعكس تأثير الموجة الثانية من عمليات الإغلاق على مستويات الطلب، حيث عادت بلدان مثل لندن وفرنسا وألمانيا إلى فرض قيود الإغلاق في جزء كبير منها.

وتوقعت أن تبدأ مخزونات النفط العالمية – التي زادت بصورة غير مسبوقة نتيجة تداعي الاستهلاك خلال 2020- في تسجيل عجز بحول يوليو المقبل مقارنة مع مستويات ما قبل الجائحة، ما قد يدعم الأسعار في حال تحسن الوضع الوبائي والطلب العالمي، ورجحت الوكالة أن يسجل النفط الخام مطلع العام الجديد فائض مخزون يبلغ 625 مليون برميل، مقارنة بمستويات 2019.

وفي بادرة أمل، توقع تقرير الوكالة أن يعود الطلب خلال 2020 تدريجيا على البنزين والديزل إلى ما يتراوح بين 97 و99 بالمئة من مستوياتهما لعام 2019.

عدم يقين

الوكالة حذرت من حالة الضبابية التي تعشيها الأسواق وقالت: إن ارتفاع العقود الاَجلة لخام برنت فوق مستوى 50 دولاراً للبرميل واستقرارها عند مستويات العقود الفورية من دون فروق سعرية كبيرة، يعنيان عدم اليقين بمستقبل السوق.

وأكدت أن سوق النفط ستدخل العام 2021 وهي ما زالت هشة وفي حاجة لكل جهود دعم الأسعار من قبل المنتجين الرئيسيين، وفي مقدمتهم أوبك وحلفاؤها، وهنا أشادت بموافقة أعضاء المنظمة هذا الشهر على مواصلة جهود خفض الإنتاج وكبح الإمدادات.

وأضافت من الواضح أن الطلب سيكون أضعف لفترة أطول –تتجاوز الربع الأول من 2021- مما كان متوقعا عند إبرام اتفاق “أوبك بلس”في أبريل الماضي الخاص بتخفيضات الإنتاج، ما يعني أن أوبك سيكون عليها الاستمرار في التخفيضات والتعامل بحذر من أي تعديلات على سقف النتائج.

“أوبك” قالت في تقرير نشر يوم 14 من الشهر الجاري، إن الطلب العالمي على النفط سيتعافى في 2021 بخطى أبطأ مما كان يعتقد في السابق، بسبب التأثير المستمر للجائحة، لافتة إلى أنها تتوقع أن يرتفع الطلب بواقع 5.90 مليون برميل يوميا خلال 2021 إلى مستويات 95.89 مليون برميل يوميا، وهذا الرقم أقل بنحو 350 ألف برميل يوميا، من توقعات المنظمة قبل شهر، ما يعني استمرار عدم اليقين على المدى القريب والمتوسط.  

كان الإعلان الأسبوع الماضي عن بدء توزيع لقاحات كورونا في بريطانيا والولايات المتحدة، ساهم في دعم الأسعار بصورة جيدة، حيث كسر النفط للمرة الأولى منذ مارس الماضي حاجز الـ50 دولارا للبرميل، ويتوقع الخبراء أن تستمر موجة التفاؤل باللقاح في أسواق النفط لفترة جيدة خلال الربع الأول وسط توقعات بوصوله إلى حاجز الـ55 دولارا وربما أقل قليلا، قبل أن تعود للتراجع في الربع الثاني من 2020.

كانت مؤسسة “سيتي ريسيرش” توقعت قبل شهر، أن يتم تداول خامي برنت وغرب تكساس الوسيط خلال 2021 بأسعار 54 دولارا و49 دولارا  للبرميل على الترتيب، موضحة أن الأسعار ستكون مدعومة خلال يناير بتخفيضات أوبك وحلفائها، وأنها ستتأثر بموجة ارتفاع معدلات الإصابة بكورونا التي بدأت خلال الشهر الجاري في أوروبا.

وفي استطلاع لـ”رويترز” شارك فيه 40 اقتصادياً ومحللاً لسوق النفط أواخر نوفمبر، أشار إلى توقعات بأن يبلغ متوسط ​​سعر خام برنت 49.35 دولاراً للبرميل وخام غرب تكساس 46.4 للبرميل خلال 2021، وقال الخبراء المشاركون في الاستطلاع: إن التحفيز الناتج عن زيادة الطلب مع تخفيف قيود كورونا في عدد من البلدان، لن يتحقق على الأرجح قبل النصف الثاني من 2021، وتوقعوا أن تقود الصين نمو الطلب العالمي بما يتراوح بين 5.1 ملايين و6.3 ملايين برميل يوميا.

ربما يعجبك أيضا