بعد مخاض عسير.. حكومة «اتفاق الرياض» تبصر النور وتتصدى للحوثيين

دعاء عبدالنبي

كتبت – دعاء عبدالنبي

دخلت الأزمة اليمنية مرحلة جديدة في أعقاب الإعلان عن تشكيل حكومة كفاءات قادرة على توحيد معسكر الشرعية في مواجهة وإنهاء الانقلاب الحوثي، لتبصر للنور حكومة جديدة وفقًا لاتفاق الرياض بدعم وجهود سعودية لاقت ترحيبًا عربيًا ودوليًا، تمهيدًا لتنفيذ الحكومة الشرعية الجديدة أولويات عسكرية وسياسية واقتصادية وإنقاذ الريال اليمني من الانهيار.

تشكيل الحكومة

بعد مخاض عسير، أبصرت الحكومة اليمنية الجديدة بدعم من السعودية النور، مساء أمس الجمعة،على أمل إنهاء الخلافات في معسكر السلطة الساعية لمنع الحوثيين من السيطرة على آخر معاقلها في شمال البلد الغارق في الحرب.

وحسب نص قرار جمهوري للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، فإن تشكيل الحكومة يأتي بموجب مخرجات الحوار الوطني الشامل، واتفاق الرياض الموقع في 5 نوفمبر 2019.

وتتألف الحكومة الجديدة من 24 وزيرًا، أبرزهم أحمد عوض بن مبارك وزيراً للخارجية والفريق الركن محمد علي أحمد المقدشي وزيراً للدفاع، وإبراهيم علي حيدان وزيراً للداخلية، ومعمر الإرياني وزيراً للإعلام والثقافة والسياحة. إضافة إلى سالم صالح بن بريك وزيراً للمالية.

ويأتي هذا في وقت قالت قناة “الإخبارية” السعودية الرسمية: إن إعلان الحكومة اليمنية الجديدة يأتي بعد تنفيذ الشق العسكري من اتفاق الرياض.

وتقود السعودية والإمارات تحالفا لدعم حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي في مواجهة جماعة الحوثيين التي تسيطر على العاصمة صنعاء منذ مارس 2015، فيما وقت تواجه البلاد أوضاعاً إنسانية صعبة، بحسب تقارير للأمم المتحدة.

وقال معين عبدالملك -في تغريدة على تويتر- “واثقون بأن الحكومة الجديدة بدعم ومشاركة القوى والمكونات السياسية والمجتمعية، وإسناد الأشقاء في تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية، ستكون عند مستوى التطلعات الشعبية المعقودة عليها بالرغم من كل التحديات والتعقيدات”.

جهود سعودية أنهت الأزمة

تشهد اليمن حربًا مستعرة منذ سنوات بشكل رئيسي بين الحوثيين المدعومين من إيران ، والجيش الوطني التابع للحكومة المعترف بها دوليًا برئاسة هادي وقوات مؤيدة للحكومة المدعومة من تحالف عسكري تقوده السعودية، منذ سيطر الحوثيون على مناطق واسعة قبل نحو ست سنوات. لكن ثمة خلافات عميقة بين القوات الموالية للحكومة في الجنوب حيث تتمركز السلطة، بقيادة “المجلس الانتقالي الجنوبي”، وبين الحكومة المعترف بها دوليًا.

وعملت السعودية منذ أكثر من عام على المساعدة في تشكيل الحكومة الجديدة لإنهاء الخلافات والتفرغ لمقاتلة الحوثيين الذين اقتربوا من السيطرة على مأرب، آخر معاقل السلطة في شمال اليمن المجاور للمملكة.

ووقّع المتخاصمون اتفاقا في نوفمبر 2019 في الرياض ينصّ على تقاسم السلطة في جنوب اليمن بين الحكومة والانفصاليين وتشكيل حكومة جديدة. لكن بنوده لم تنفذ وسرعان ما تجاوزتها الأحداث، إلى أن ولدت الحكومة اليوم.

وقد رحبت الرياض في بيان بتشكيل الحكومة الجديدة ” بعد أن تم تنفيذ الترتيبات العسكرية الخاصة بخروج القوات العسكرية من (عدن) إلى خارج المحافظة، وفصل القوات العسكرية في (أبين) ونقلها إلى مواقعها المنتخبة”، وذلك في إشارة إلى القوات التابعة لـ”المجلس الانتقالي الجنوبي” والقوات التابعة لحكومة هادي.

والأسبوع الماضي، أعلن التحالف العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن منذ مارس 2015، عن تنفيذ عملية فصل بين قوات السلطة وقوات الانفصاليين في العديد من المدن الجنوبية.

ومن المفترض أن تعمل الحكومة على إنهاء الخلافات في معسكر السلطة والتفرغ لمقاتلة الحوثيين في حرب وضعت أفقر دول شبه الجزيرة العربية على حافة المجاعة وتسبّبت بمقتل عشرات الآلاف ونزوح الملايين وبأسوأ أزمة إنسانية في العالم وفقا للأمم المتحدة.

ترحيب عربي ودولي

لقي إعلان تشكيل الحكومة اليمنية الجديدة إشادات دولية وعربية، حيث اعتبر المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن جريفيث، تشكيل الحكومة اليمنية بأنها خطوة محورية نحو حل سياسي دائم للصراع، مُهنئًا المملكة العربية السعودية بنجاح المفاوضات لتنفيذ الاتفاق.

وإلى جانب السعودية، رحبت كلا من الإمارات والبحرين والكويت والأردن ومصر بتنفيذ الأطراف اليمنية، ممثلة بالحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي لاتفاق الرياض، باعتباره خطوة مهمة لتعزيز وتوحيد الجهود اليمنية لمواجهة الميلشيات الحوثية المدعومة من إيران.

فيما أشادت كلا من منظمة التعاون الإسلامي ومجلس التعاون الخليجي والبرلمان العربي بتنفيذ اتفاق الرياض وتشكيل حكومة في اليمن، مثمنة دول السعودية في تشكيل الحكومة.

من جهة أخرى، رحبت آن ليند وزيرة خارجية السويد بتشكيل حكومة يمنية جديدة، واعتبرتها جزءا أساسيا من اتفاق الرياض وخطوة نحو الحل السياسي للصراع اليمني.

كما رحب وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب بالحكومة الجديدة مشيدا بجهود الوساطة السعودية، مؤكدا على أهمية هذه الخطوة التي من شأنها أن ترسي اليمنيين إلى بر السلام.

تعافي الريال اليمني

من جهة أخرى، شهدت أسعار الريال اليمني، تحسنًا أمام العملات الأجنبية في العاصمة المؤقتة عدن، اليوم السبت، متأثرًا بمعنويات تشكيل الحكومة الجديدة.

وبحسب مصادر مصرفية فإن سعر صرف الدولار الأمريكي في عدن سجل 793 ريالاً يمنيًا للبيع، و815 ريالاً للشراء، بعد أن تجاوز قبل أيام حاجز 900 ريال.

وتوقع اقتصاديون أن يؤدي إعلان الحكومة الجديدة إلى استمرار انخفاض سعر صرف العملات الأجنبية، وتحقيق الريال اليمني مزيداً من التعافي.

وأشار متداولون إلى إمكانية تراجع سعر صرف الدولار الأمريكي في عدن إلى 580 ريالاً تقريبًا، بعد التطورات السياسية الأخيرة، والنجاح في تنفيذ اتفاق الرياض وتشكيل الحكومة الجديدة.

ومن المتوقع أن تنعكس معنويات تشكيل الحكومة على تنفيذ إصلاحات سياسية واقتصادية ستثقل بشكل كبير دور المعسكر الشرعي في مواجهة الانقلاب الحوثي وداعميه الإقليميين.

ربما يعجبك أيضا