اتفاق تجاري يلوح في الأفق.. فرص كبيرة لـ«ما بعد بريكست»

كتب – حسام عيد

في الأسبوع الأول من ديسمبر، توصل الاتحاد الأوروبي مع بريطانيا لاتفاق “من حيث المبدأ” لإدارة التجارة إيرلندا الشمالية، مما يبقي المنطقة التي تديرها بريطانيا، في الاتحاد الجمركي للاتحاد الأوروبي والسوق الموحدة للبضائع بعد 31 ديسمبر عندما تغادر المملكة المتحدة بالكامل الاتحاد.

أمر كان يوصف بالعقبة الكبيرة في طريق إتمام صفقة بشأن التجارة الحرة بمرحلة ما بعد بريكست، لكن التوافق بشأنه قد يجعل صفقة ما بعد بريكست ممكنة. وهو ما يبدو أنه يلوح في الأفق اليوم، عندما أفاد دبلوماسي أوروبي الأربعاء 23 ديسمبر 2020، بأن هناك اتفاقًا تجاريًا وشيكًا بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي لتنظيم العلاقات التجارية بينهما بعد خروج المملكة المتحدة من الكتلة الأوروبية (بريكست)، موضحة أن الاتفاق قد يتم التوصل إليه في وقت لاحق من اليوم.

ويتبقى أمام المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي مهلة مدتها 8 أيام قبل إتمام عملية البريكست يوم الحادي والثلاثين من ديسمبر الجاري.

اتفاق تجاري وشيك

بعد عشرة أشهر من المفاوضات المتوترة والمضنية، بدا الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة على وشك التوصل إلى اتفاق بشأن علاقتهما التجارية المستقبلية، ما سيسمح لهما بتجنب خروج بريطانيا بدون اتفاق (بريكست) قبل ثمانية أيّام من الموعد المحدد.

وقال مصدر أوروبي “نحن في المرحلة النهائية”. وتحدث مصدر ثان عن “فرص كبيرة” لإبرام اتفاق بريكست في المساء. وذكرت مصادر أوروبية أن المفاوضات باتت منذ الإثنين الماضي في يدي رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون اللذين كثفا الاتصالات بينهما.

وكان وصول الصيادين الأوروبيين إلى المياه البريطانية لا يزال صباح الأربعاء النقطة الشائكة النهائية في المناقشات التي أنجزت تقريباً، بما يشمل موضوعات طرحت إشكالية سابقًا، مثل كيفية تسوية النزاعات وتدابير الحماية من أي منافسة غير عادلة.

من الناحية النظرية، سيترك التوصل لاتفاق الأربعاء أو الخميس وقتًا كافيًا لدخوله حيز التنفيذ في الأول من يناير عندما تخرج المملكة المتحدة نهائيا من السوق المشتركة بعد أن غادرت الاتحاد الأوروبي رسميًا في 31 يناير 2020.

وكانت أنباء قد ترددت حول توصل الجانبين إلى اتفاق  بعد ظهر اليوم الأربعاء، في أعقاب تأكيد مسؤولين بالاتحاد الأوروبي أن الاتفاق “في مراحله النهائية”.

وأكدت وسائل إعلام عديدة أنه تم التوصل إلى اتفاق لكن مسؤولي الحكومة البريطانية والاتحاد الأوروبي قالوا لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إن المحادثات مازالت جارية.

ويقول الجانبان باستمرار إنهما حريصان على التوصل إلى اتفاق قبل انتهاء المرحلة الانتقالية يوم 31 ديسمبر الحالي.

ومن جانبه، توقع ألكسندر شالينبرج وزير خارجية النمسا، التوصل إلى اتفاق بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، على الرغم من الصعوبات الواسعة التي تحيط بمفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي “بريكسيت”، ومع قرب انتهاء الفترة الانتقالية بنهاية العام الجاري.

وقال شالينبرج -في تصريحات اليوم الأربعاء- “لا أستطيع أن أتخيل أننا لا نستطيع التوصل إلى اتفاق أوروبي بريطاني”، معتبرا أن التوصل إلى اتفاق سوف يكون له تأثير كبير على الجوانب المعنوية بين الطرفين.

تفاؤل أوروبي ومكاسب بريطانية

عبرت بريطانيا عن أملها في أن لا يكون هناك علاقة بين الخروج البريطاني “بريكست” والأزمة على الحدود مع بقية الدول الأوروبية وأن تنتهي أزمة عبور الشاحنات.

بدورها أبدت مصادر أوروبية تفاؤلها حول التوصل لاتفاق تجاري بين أوروبا وبريطانيا خلال ساعات.

ولقد واصل الجنيه الإسترليني مكاسبه متجاوزًا 1.35 دولار، بعد أن أوردت “رويترز” أن الاتحاد الأوروبي يستعد للتطبيق المؤقت لاتفاق تجارة مع بريطانيا وأن الدول الأعضاء أحيطت علما بعقد اجتماع غدا الخميس في حالة التوصل إلى اتفاق نهائي.

وقالت صحيفة “صن” أن اتفاقا للخروج من الاتحاد الأوروبي بات يلوح في الأفق.

وكان الإسترليني مرتفعًا 1% إلى 1.3503 دولار بعد صعوده في وقت سابق إثر إعادة فتح للحدود الفرنسية. وكانت مكاسب الإسترليني وصلت لنحو 1.6% في وقت سابق من التعاملات، وهي أكبر وتيرة صعود يومي فيما يزيد عن أسبوع.

كما ارتفعت العملة البريطانية مقابل نظيرتها الأوروبية الموحدة بنحو 0.8%، ليتراجع اليورو إلى 0.9033 إسترليني.

وزادت عوائد السندات الحكومية لمنطقة اليورو بعد التقرير، ليصعد عائد سندات 10 سنوات الألمانية خمس نقاط أساس في حين بلغ مؤشر الأسهم الأوروبي أعلى مستوياته للجلسة، مرتفعا نحو واحد بالمئة.

مبادلات ثنائية في حال الفشل

لكن في حال عدم التوصل لاتفاق، سيتعين إجراء المبادلات التجارية بين الاتحاد الأوروبي ولندن وفقًا لقواعد منظمة التجارة العالمية بما يعنيه ذلك من فرض حصص ورسوم جمركية، فضلاً عن الإجراءات الإدارية التي قد تؤدي إلى اختناقات هائلة وتأخير في التسليم.

ويمثل هذا سيناريو حساساً بشكل خاص بالنسبة للمملكة المتحدة التي تعاني سلالة أسرع انتشاراً من فيروس كورونا المستجد أدت إلى عزلها تقريباً عن بقية العالم.

وعلى الرغم من ضآلة أهميته الاقتصادية، فإن للصيد البحري أهمية سياسية واجتماعية للعديد من الدول الأعضاء، بما في ذلك فرنسا وهولندا والدنمارك وإيرلندا. لكن المملكة المتحدة جعلته رمزًا لاستعادة سيادتها بعد الانفصال.

وتركز المفاوضات على تقاسم حوالى 650 مليون يورو من المنتجات التي يصطادها الاتحاد الأوروبي كل عام في مياه المملكة المتحدة وطول فترة التأقلم التي يحتاج الى الصيادون الأوروبيون مع المعطيات الجديدة.

الكرة الآن في ملعب “بوريس جونسون”، فاقتراح الاتحاد الأوروبي بالنسبة له لا يمكن أن يكون سوى “العرض النهائي” في ضوء المخاوف التي أثارها بالفعل لدى بعض الدول الأعضاء، ولا سيما الدنمارك.

ربما يعجبك أيضا