على الرغم من ظلاميته.. لـ2020 جانبه المشرق أيضًا

كتبت – علياء عصام الدين

قد يعتقد البعض أن عام 2020 -رغم كل ما شهده من مآسي وأحداث مفجعة ومعاناة ودمار اقتصادي بسبب جائحة كورونا التي ضربت العالم، فضلًا عن الاضطرابات السياسية والعدد اللانهائي اليومي من الأخبار السلبية اليومية- عامًا قاتمًا بامتياز،

لكن 2020 احتوى أيضًا على لحظات مشرقة وإيجابية، بعثت على التفاؤل وإن كان حذرًا وخلقت منا “سوبرمان” قادر على النضال والمواجهة والتحدي.

على الصعيد العلمي تمكنت الجائحة أن تولد طاقة عمل جبارة لدى العلماء والمتخصصين في مجال صناعة الأدوية فأحدثت ثورة في سرعة تطوير الأدوية وهي سرعة لم يكن لها مثيل في تاريخ علم اللقاحات .

لقاح «موديرنا».. بارقة أمل جديدة وسط ظلام «كورونا»

عمليًا لم تكن تجربة العمل عن بعد التي فرضها الوباء تجربة سيئة، بل كانت عظيمة إن جاز لنا التعبير، فقد وفرت الوقت والجهد للعاملين والرؤساء على السواء.

تمكن ملايين الأشخاص من العمل عن بعد لمدة عام تقريبًا مع الحفاظ على استمرارية تشغيل البنوك والمدارس والمؤسسات الحكومية الأمر الذي خلق تحولًا جذريًا في إمكانية إعادة التفكير عالميًا في الشكل الذي قد تصبح عليه طريقة العمل بعد انحسار الوباء.

ما بعد كورونا.. “رحلة الذهاب للعمل” فكرة بالية قابلة للتغيير

على الصعيد الاقتصادي والمالي عكست الإجراءات والمبادرات التي أطلقتها الحكومات والبنوك العالمية لدعم العمال والاقتصادات المتضررة من الوباء بشكل لم يحدث مسبقًا جانبًا مضيئًا فقد اتاح الدعم المالي في كثير من البلدان مثل فرنسا وبريطانيا تقليل معدلات البطالة، وقد يكون التعافي الاقتصادي المضطرد في الصين دليل على الاتجاه الإيجابي للاقتصاد العالمي في الأشهر المقبلة.

بخطط مليارية.. العالم ينتفض لاحتواء تداعيات “كورونا”

على الصعيد البيئي رافق وباء كورنا تعافي وانتعاشة بيئية، فانخفضت معدلات تلوث الهواء بنسب كبيرة وصلت إلى 65% في بعض المدن، كما زادت أعداد كثير من الحيوانات المهددة بالانقراض كالدلافين الوردية وغيرها وظهرت الحيوانات وهي تتجول بحرية في شوارع كثير من المدن.

وقد أظهرت صور الأقمار الصناعية الصادرة عن وكالة ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية انخفاضاً كبيراً في انبعاثات ثاني أكسيد النيتروجين -تلك الصادرة عن المركبات ومحطات الطاقة والمنشآت الصناعية- في المدن الصينية، فضلًا عن انخفاض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون حيث اختفت السحابة المرئية للغازات السامة التي كانت تظهر بشكل واضح في سماء المدن الصناعية.

كورونا واهتزازات الأرض.. العالم أكثر هدوءًا

وبفضل الجائحة تسارعت اتجاهات التحول للطاقة المتجددة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية الأمر الذي دفع ببعض الخبراء إلى الدعوة بنهاية عصر النفط لاسيما بعد انحسار الطلب عليه في فترة الإغلاق.

أمنا الأرض.. هل تفتقدنا؟

ودفع هذا التوجه البيئي الصين -أكبر مصدر للتلوث في العالم- للتعهد بخفض انبعاثات الكربون إلى الصفر بحلول 2060 كما دفعت الجائحة بالكثير من المدن لوضع خطط مستقبلية للتخلص التدريجي من السيارات التي تعمل بالوقود الأحفوري.

وتمكنت تطبيقات التكنولوجيا من الإبقاء على التواصل البشري بين الأهل والأصدقاء بالرغم من التباعد الاجتماعي فقد زادت المشاركات الافتراضية والمبادرات التي نجحت في توحيد الكثيرين، فمن تبادل فيديوهات مهارات الطهي في المنزل إلى رحلات السفاري الافتراضية تمكن الملايين من تجاوز الأزمة.

اخيرًا لقد علًمنا عام كورونا إن جاز تسميته بهذا الاسم، أن السلامة في البُعد، وأن المنزل هو المأوى وأن العائلة هي الإرث الأغلى، وأننا قادرون بكل قوة أن ندافع عن أمنياتنا وحياتنا وأن نستثمر في الإنسان.

الاستثمار في الإنسان.. طريق العالم لنهضة جديدة بعد كورونا

قد نختلف جميعًا في العقائد والأفكار والتوجهات والمناهج والطرق والأساليب، قد نختلف في كل شيء لكننا قد اتفقنا هذا العام على المواجهة والصمود والتمسك بإرادة الحياة في مواجهة ثقافة الموت.

في معركة المصير.. إرادة الحياة في مواجهة ثقافة الموت

ربما يعجبك أيضا