بعد قرار إنهاء مهامها.. لماذا يخشى مواطنو دارفور من انسحاب «يوناميد»؟

محمد عبدالله

رؤية – محمد عبدالله

بعد 13 عاما من العمل في دارفور، تنتهي مهام بعثة الأمم المتحدة المشتركة مع الاتحاد الأفريقي لحفظ السلام «يوناميد»، بعدما قرر مجلس الأمن الدولي إنهاء عمل البعثة في الـ 31 من الشهر الجاري، على أن يتم الخفض التدريجي لتنسحب بشكل كامل في غضون 6 أشهر .

ويأتي سحب هذه القوات، التي عملت في الإقليم منذ عام 2007 ويصل عدد أفرادها إلى 16 ألفا، عقب توقيع اتفاق سلام ينهي الصراع بين متمردي دارفور والقوات الحكومية المدعومة بميليشيات متهمة بارتكاب جرائم ضد السكان. ويتخوف سكان الإقليم من أن يؤدي انسحاب البعثة الأممية إلى عودة أعمال العنف التي تستهدفهم.

مخاوف مشروعة

تزايدت المخاوف من أن يعيد الفراغ الأمني الأوضاع في دارفور إلى مربع الصفر. مخاوف عبر ت عنها احتجاجات واسعة خرج فيها الآلاف من المحتجين في عدة مناطق بالإقليم، للمطالبة بتمديد عمل قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لحين تشكيل حكومة جديدة.

هواجس الدارفوريين لها ما يبررها، فحوادث العنف التي تعصف بإقليمهم المضطرب منذ عام 2003 لم تتحول إلى ذكرى بعيدة، وإنما هي واقع لا يزال يهدد أمنهم وحياتهم اليومية . واقع تنقله تسجيلات الأسابيع الأخيرة عبر الفضاء الافتراضي، بعد حديث مواطنين عن إحراق منازل في إقليم دارفور على يد من يصفونهم بـ«ميليشيات الجنجويد» .

فيما تفيد الأنباء عن نزاع قبلي مماثل على المياة في ولاية جنوب دارفور خلف عشرات القتلى والجرحى ودفع بالسلطات لاتخاذ قرار بتشكيل قوات حفظ الأمن.

وتقدر الأمم المتحدة أن القتال في دارفور الذي كان مسرحا لصراع مرير اندلع عام 2003 بين أقليات أفريقية متمردة على التهميش وقوات مدعومة من حكومة الرئيس المعزول عمر البشير أودى بحياة 300 ألف شخص وشرد نحو 2.5 مليون آخرين.

يوناميد يسلم مهامه لـ«يونيتامس»

تحديدا ما يؤرق الدارفوريين حينما تحزم قوات اليوناميد أمتعتها استعدادا للرحيل بنهاية العام تنفيذا للقرارين اللذين تبناهما مجلس الأمن الدولي بالإجماع في يونيو ما يمهد بانتقال المهام الأممية من يوناميد إلى يونيتامس – البعثة المتكاملة – والتي تخل مهامها في حفظ السلام من استخدام القوة المرتبطة عادة بالفصل السابع.

وهكذا سيصبح أمن دارفور المسؤولية الملقاة على كاهل السلطات الانتقالية التي طالبت بانسحاب «اليوناميد» بالتعاون مع فصائل الجبهة الثورية؛ حيث يفترض أن تشكل بناء على اتفاق السلام، قوات مشتركة لهذا الغرض.

غير أن العبرة ستكون بالتنفيذ، إذ لم تتخذ حتى الآن خطوات فعلية تشكيلها في ظل تحفظ بعض الفصائل المسلحة على آلية وعلى ما وصفته بالقرار المتسرع لسحب يوناميد. كما يمثل غياب ثقة الكثيرين من الدارفوريين بقوات الدعم السريع، بقيادة نائب رئيس مجلس السيادة، محمد حمدان دقلو «حميدتي» عقبة أخرى قد تعترض جهود حفظ الأمن في الإقليم.

مطالبات بالتمديد ولكن!

من جهتها، طالبت منظمة العفو الدولية بتمديد عمل بعثة يوناميد. وقالت في بيان إنه «بالنظر خصوصا إلى فشل القوات السودانية في حماية المدنيين من الهجمات التي استهدفتهم في الأشهر الأخيرة، نخشى أن يكون للفراغ الأمني تداعيات كارثية على سكان دارفور».

ورغم ترحيب بريطانيا بتبني قرار الانسحاب، لكنها أعربت عن أسفها لأن مجلس الأمن لم يسمح لقوة حفظ السلام التابعة ليوناميد بمواصلة تقديم الدعم خلال فترة الانسحاب. وقالت السفيرة البريطانية لدى الأمم المتحدة باربرا ودوورد «كل ما سيكون بإمكانهم فعله هو حزم أمتعتهم والانتظار حتى مغادرة دارفور».

هي إذن تحديات تجعل كثيرين يخشون من تداعيات الفراغ الأمني الذي قد يخلفه انسحاب يوناميد في إقليم لا تزال النزاعات التي حصدت أرواح مئات الآلاف وشردت قرابة 3 ملايين من سكانه، ذكرى حية فيه.

جدير بالذكر أن مجلس الأمن الدولي كان قد أنشأ في يونيو الماضي، بعثة سياسية تسهم في الانتقال السياسي في السودان، ومن أجل إرساء السلام في أرجاء البلاد، لكن سكان إقليم دارفور الواقع غرب السودان يتخوفون من أي يؤدي انسحاب البعثة الأممية إلى عودة أعمال عنف التي تستهدفهم.

ربما يعجبك أيضا