الإرهاب يتوعد أوروبا في أعياد الميلاد.. و«الذئاب المنفردة» داء بلا دواء

عاطف عبداللطيف

كتب – عاطف عبداللطيف

قلق جديد ينتاب الأوساط الأوروبية والعواصم الغربية قبل ساعات من الاحتفالات بعيد الميلاد وأعياد الكريسماس مع تزايد التهديدات الإرهابية أطلقها تنظيم داعش بشن هجمات في إسبانيا وألمانيا وفرنسا وغيرها.

وفي سياق متصل، قال مرصد الفتاوى التابع لدار الإفتاء المصرية، في بيان له، إن تصاعد عمليات تنظيم “داعش” في أفريقيا قد يعطي دفعة لعناصره في الغرب بتنفيذ هجمات إرهابية. وكان التنظيم الإرهابي قد بث مؤخرًا رسالة دعا فيها إلى شن هجمات في أعياد الميلاد المقبلة.

يأتي هذا فيما أعلنت وكالة الأنباء العراقية “واع” أن الأمن الوطني اعتقل انتحاريًا كان يعتزم تفجير نفسه خلال أعياد رأس السنة، وذكرت أنباء نقلتها صحيفة العراق الإلكترونية أن أعضاء جماعة بوكو حرام الإرهابية في نيجيريا (الموالية لتنظيم داعش) هاجموا وقتلوا 11 شخصًا في قرية مسيحية في شمال نيجيريا عشية عيد الميلاد.

وأشار مرصد الفتاوى إلى أن “التنظيم عادة ما يبث مثل هذه الدعوات بهدف بث الحماس في نفوس عناصره، لا سيما ما يعرف بـ”الذئاب المنفردة” منهم وبخاصة في المجتمعات الغربية، إلا أن توقيت إصدار هذه التهديدات يختلف عن الأعوام السابقة بسبب تنفيذ التنظيم لثلاث عمليات إرهابية استهدفت كل من فرنسا والنمسا في أكتوبر ونوفمبر من هذا العام، وهو ما يعطي انطباعًا بأن التنظيم عاد مرة أخرى إلى الاعتماد على ذئابه المنفردة في تنفيذ عمليات إرهابية باستخدام الأسلحة الخفيفة أو الدهس وغيرها”.

إسبانيا وفرنسا وبريطانيا

كان تنظيم داعش، قد كرر تهديداته الإرهابية لإسبانيا خلال عيد الميلاد العام الحالي، ونشر على شبكات التواصل الاجتماعي ملصقات تحمل تهديدات محددة في مدريد، ووصف في رسالته شعوب إسبانيا بـ”الخنازير الخائنة”، بحسب موقع البوابة نيوز المصري.

أيضًا كشف مسؤول سابق في الاستخبارات البريطانية، مطلع الشهر الجاري، أن تنظيم داعش الإرهابي سيشن هجمات واسعة النطاق في عدة دول أوروبية، على رأسها فرنسا وبريطانيا، وذلك ردًا على الرسوم المسيئة للرسول.

ونقلت صحيفة “ديلي ميل” البريطانية عن المسؤول، الذي قضى مهام تجسس شديدة السرية بشأن تنظيم القاعدة الإرهابي، قوله إن داعش يعكف الآن على تدريب عدة إرهابيين في سوريا وليبيا لتنفيذ العمليات الانتقامية في أوروبا خلال أعياد الكريسماس.

وأوضح المسئول الاستخباراتي أن الإرهابي أبوعمر الشيشاني، وهو أحد القيادات البارزة في داعش، هو المسؤول عن عمليات تدريب الإرهابيين وإرسالهم إلى الأراضي الأوروبية.

تحذيرات

وحذر مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء المصرية، في بيان له، الأسبوع الماضي، (من دعوات إرهابية لتنظيم “داعش” حث من خلالها عناصره وذئابه المنفردة على شن هجمات إرهابية في أعياد الميلاد، حيث دعا التنظيم في رسالة عرفت باسم “الغلظة على الكفار” إلى شن هذه الهجمات في أعياد الميلاد المقبلة.

في سياق متصل، قالت صحيفة “لاراثون” الإسبانية إن إسبانيا تحافظ على المستوى الرابع من حالة التأهب لمكافحة الإرهاب، وحتى الآن منذ بداية العام تم تنفيذ أكثر من 20 عملية ضد الإرهاب التي منعت العديد من الهجمات أن تحدث داخل البلاد.

واستشارت الصحيفة بعض خبراء مكافحة الإرهاب، الذين أكدوا أنه يجب أن يتم وضع إجراءات أمنية مشددة، وأن يتم وضع هذه الإجراءات في السياق العام.

لماذا الغرب؟

وأوضحت الصحيفة الإسبانية أن داعش والتنظيمات الإرهابية الأخرى ترى أن الغرب من أول المناطق التي يجب هدمها من خلال الهجمات الإرهابية التي يقومون بها بطريقتهم الخاصة على غرار ما حدث في نيس وفيينا، فهؤلاء الإرهابيين يتفاخرون بقتل الأشخاص وحرق أماكن العبادة.

وأضافت صحيفة “لاراثون” أنه في نوفمبر الماضي أصدر تنظيم داعش تسجيل فيديو يحمل شعارًا عامًا “نحن هنا”، في إشارة إلى أنه يمكنهم، في أي لحظة، ارتكاب عمل إجرامي في العاصمة الإسبانية. أشاروا إلى أهداف محددة، أظهر التسجيل شخصًا يرتدي عباءة ويرتدي نظارة داكنة ويتحدث باللغة العربية وترجمت كلماته إلى الإسبانية. وأوضحت أنهم سينتقمون من اعتقال رئيس القناة التابعة له منتصر في إسبانيا، في أغسطس الماضي، وتحديدًا في بلدة بارلا في عملية نفذتها مفوضية المعلومات العامة (CGI).

ثم أطلق رسالة إلى “شعوب أسبانيا” التي وصفها بالخنازير الخائنة، معلنًا أن “الله يعاقبكم وينهزمون”، قائلين:  “نحن خلافة الأندلس وسنهاجم عندما لا تتوقع ذلك. وأكدوا أن للخلافة خلايا في جميع أنحاء إسبانيا وستكون الأندلس حرة”.

قناة المنتصر

ونشرت كل هذه التسجيلات بعد اعتقال رئيس قناة المنتصر التابعة لتنظيم داعش الإرهابي في العملية المذكورة. وكانت لديه دفاتر ملاحظات في منزله كتب فيها أسماء العديد من الشخصيات السياسية، مثل وزير العدل آنذاك، دولوريس ديلجادو، الذي كان قبل توليه هذا المنصب المدعي العام المنسق لمكافحة الإرهاب في المحكمة الوطنية العليا.

وتم العثور على العديد من ملفات الكمبيوتر في منزله بالإضافة إلى عدد كبير من السلائف الكيميائية، بما في ذلك نترات الأمونيوم، وكذلك بيروكسيد الهيدروجين وميثيل إيثيل كيتون(MEK) ؛ عناصر أساسية في صنع ما يسمى بـ TATP و”أم الشيطان”، وهي المتفجرات الأكثر استخدامًا من قبل الارهابيين والتي كان أعضاء “خلية ريبول” يعتزمون استخدامها قبل انفجار المتفجرات في فيلا الكنار.

كما أنه تلاعب بالهواتف المحمولة، وعدل الساعات التي يمكن استخدامها كمؤقتات، وغطاء سترة واقية من الرصاص، ولوحة بها كريات معلقة مثل الشظايا، وعثر رجال الشرطة  على كتيبات ورسومات مكتوبة بخط اليد حول الخطوات الواجب اتباعها لصنع العبوات الناسفة.

الذئاب المنفردة

قال الكاتب الصحفي والباحث المتخصص في شؤون الجماعات المسلحة والإرهاب، أحمد سلطان إنه في المناسبات مثل الكريسماس تدعو العديد من الجماعات والتنظيمات الإرهابية ومنها القاعدة وداعش إلى عمليات ضد المسيحيين في أوروبا وغيرها من الدول كنوع من استغلال الزخم والكثافات العددية في احتفالات أعياد الميلاد والتجمعات في الشوارع والميادين والمتنزهات والكنائس وحدثت قبل ذلك هجمات دموية عديدة نفذها أفراد متأثرون بأفكار التنظيمات ومتعاطفين مع أفكارها وهذا هو الخطر الحقيقي.

وأضاف أحمد سلطان في تصريحات خاصة لـ”رؤية” أن التنظيمات مثل داعش أو القاعدة لا تلجأ إلى إرسال عناصر إلى القيام بمثل تلك العمليات وإنما تقوم من يعرفوا بالذئاب المنفردة في كثير من الدول وخاصة أوروبا وهم من نوع ما يعرف بــ”الجهاديين المحليين” بشن هجمات في هذه البلدان ويتبناه التنظيم دون أي تكلفة بشرية أو مادية عليه ودون أدعمن تحرق شبكاته التي غالبا ما تقوم بمهام أخرى كال الإعلامي واللوجيستي وما إلى ذلك.

وأشار إلى أن الهدف الأساسي من تكرار الإعلان عن هجمات إرهابية في الدول الغربية هو إنهاك أجهزة الأمن في تلك الدول وتكبيدها خسائر اقتصادية عديدة لاستدعاء وحدات مكافحة الإرهاب ونشر قوات بشكل مكثف وهي تكلفة اقتضادية باهظة في ظل تداعيات أزمة كورونا اقتصاديًا وظروف بالغة التعقيد تعمل فيها أجهزة الأمن والاستخبارات، وتعتمد تكتيكات العمليات الإرهابية في الدول الغربية إلى القيام بها في فترات الراحة الأمنية عقب الاحتفالات، وهو تكتيتك إرهابي متكرر.

إرهاق الأمن

وحذر الباحث المصري المتخصص في شؤون الإرهاب من خطورة تلك الدعوات المسعورة –على حد وصفه- التي تسبب إرباكًا واستنفارًا مكلفًا ومرهقًا لأجهزة الأمن في الدول الأوروبية وغيرها من الدول، مع وجود خلفية لهدمات دامية شهدتها أعوام 2016 وغيرها من السنوات وفي تصوري خلال العام الحالي لن تكون هناك هجمات على غرار ما شهدناه في سنوات سابقة وإن حدثت ستكون هجمات بسيطة يقوم بها بعض المتعاطفين مع تنظيمات مثل داعش والقاعدة وخطرها يكمن في إمكانية حدوث هجمات باستخدام سيارات للدهس أو سكاكين للطعن أو عبوات بدائية الصنع أو إطلاق رصاص.

ولفت النظر إلى أن تنظيم القاعدة دخل على “خط النار” وأطلق بعض مناصريه مجلة جديدة باسم “ذئاب منهاتن” دعوا فيها إلى شن هجمات في الكريسماس ولكن لم يلق الأمر رواجًا إعلاميًا كبيرًا، على اعتبار أنها مجلة ضيقة الانتشار ويتم تداولها في جروبات ضيقة على تطبيق “تليجرام” وليس هناك إمكانية لرصد كل ذلك وتحليله إعلاميًا.

ورأى أحمد سلطان أن الصراع المحتدم بين تنظيمي “القاعدة” و”داعش” هو صراع على شرعية أجهزة الجهاد المعاونة ومن يقود الحركة الجهادية في الفترة الحالية والأيام المقبلة، ويلقي هذا الصراع بظلاله على أجهزة الأمن في أوروبا والمنطقة العربية أيضًا خلال احتفالات الكريسماس التي ستحد منها كثيرًا جائحة “كورونا” مع لجوء العديد من الدول لتطبيق إجراءات احترازية صارمة ومنع الاحتفالات خاصة الدول التي تعاني من انتشار “كوفيد 19” بشكل كبير.

ربما يعجبك أيضا