هل من هجمات محتملة لداعش خلال أعياد رأس السنة؟

جاسم محمد

رؤية ـ جاسم محمد

كل عام مع تحضيرات أوروبا لأعياد الميلاد ورأس السنة، يطل تنظيم داعش عبر منصات الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي. ومهما كان نوع وحجم التهديدات، فإن أجهزة الاستخبارات الأوروبية يجب أن تأخذها مأخذ الجد.

حذر مرصد ”الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة“ التابع لدار الإفتاء المصرية، من دعوات لتنظيم ”داعش“ المتشدد تحث أتباعه لشن ”هجمات إرهابية“ في أعياد الميلاد. وقال المرصد في بيان صادر إن ”التنظيم دعا في رسالة عرفت باسم (الغلظة على الكفار) إلى شن هذه الهجمات في أعياد الميلاد المقبلة ورأس السنة الجديدة 2021.

وسبق لتنظيم داعش أن نفذ عمليات إرهابية خلال أعياد الميلاد في أعوام سابقة، ففي ديسمبر 2016 نفذ التنظيم هجوما إرهابيا استهدف به سوقا بالعاصمة الألمانية برلين، مما أسفر عن مقتل 12 شخصا وإصابة 50 آخرين. كما تمكنت السلطات النمساوية في العام نفسه من إحباط هجوم إرهابي كان يعد له داعش عبر ثلاثة شبان تأثروا بأيديولوجيته، وكانوا يسعون إلى شن هجمات إرهابية على سوق في العاصمة فيينا.

كما أصدر التنظيم في عام 2017 ما عرف بـ”دليل الذئاب المنفردة”، وهو مكون من17 عنصرا يتحدث فيه عن كيفية عمل عناصره في أوروبا بهدف شن هجمات إرهابية مروعة خلال أعياد الميلاد.

وفقا لتقارير حصلت عليها أجهزة استخبارات دولية حول قدرة تنظيم داعش، كشف بأن عناصر التابعين داعش، نفذوا أو حاولوا تنفيذ هجوم إرهابي جديد كل أسبوعين في أوروبا بعد هزيمة التنظيم في سوريا والعراق، وفق دراسة أعدها مركز مكافحة التطرف. وكشفت الدراسة أن التهديد الإرهابي للدول الأوروبية، رغم تراجعه بعد انهيار التنظيم في مارس 2019 في آخر معاقله بالباغوز السورية، لا يزال عند مستويات “يمكن اعتبارها كارثية قبل عقد من الزمان”. وتشير الدراسة إلى أن “عشرات الآلاف من المتطرفين المنتشرين في أنحاء أوروبا لم يختفوا” لمجرد هزيمة التنظيم.

وتستند الدراسة إلى قاعدة بيانات المؤامرات التي نشرتها السلطات في كل من بريطانيا وأوروبا، والتي تم الاحتفاظ بها منذ يناير 2014، إذ كان” الجهاديون” نفذوا أو حاولوا تنفيذ ما يقرب من هجوم واحد في أوروبا أسبوعيا، بحسب صحيفة “التليغراف”.

بناء شبكات 

نُشرت دراسة لـ”جانين دي روي فانتزجويدفين ودايمون وديفيد مالت” ، من جامعة تشيلسي، تتحدث عن مسيرة هؤلاء المقاتلين الأجانب. تقول الدراسة إن من نجا منهم من رحلته الأولى، سيتجه إلى “جمع مصادره وتطوير قدراته لنقلها إلى معارك أخرى”. كما تشير الدراسة إلى كيفية تنقل هؤلاء ليس من معارك إلى معارك، بل من جماعة إلى أخرى قريبة إيديولوجيا. “وبينما بنى الجيل الأول منهم شبكات علاقاته داخل معسكرات التدريب، لجأ الجيل الجديد منهم إلى فكرة الحفاظ على الحركة الجهادية العالمية”. وأوضحت الدراسة “أنهم قد يقاتلون في صراعات وتمردات محلية، لكنهم غير مرتبطين بديناميكيتها. بل يسافرون للبحث عن فرص قتال في دول ضعيفة”.

وأصبح المهاجمون المحتملون أكثر استقلالية بعدما بات من الصعب تنفيذ هجمات كبيرة ومنسقة، وتشجعهم أيديولوجياتها ببساطة على تنفيذ الضربات وبوسائل بسيطة وسكين المطبخ مثلاً.

الكاتب السياسي راينر هارما، رأى، عبر صحيفة “فرانكفورتر الغماينه”، أنه يجب أخذ ثلاثة أمور في الاعتبار في محاربة الإرهاب الجهادي: عودة “داعش” في الشرق الأوسط، مستفيداً من الفراغ في سورية وضعف مؤسسات الدولة العراقية والانسحاب الجزئي لوحدات مكافحة الإرهاب الأمريكية من البلدين، وأيديولوجية الإرهاب الجهادي، وشبكاته في هذا البلد.

رغم أن تنظيم داعش خسر الكثير من قدراته وإمكانياته في أعقاب خسارة معاقله في العراق وسوريا عام 2017 وخسارة آخر معاقله في الباغوز، ثم مقتل زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي عام 2019، فإن التنظيم ما زال يمتلك الكثير من “الإرث” إلى حد أنه ما زال يتقدم على بقية التنظيمات “الجهادية” أبرزها تنظيم القاعدة الأم وجبهة النصرة وغيرها.

السؤال، هل يستطع تنظيم داعش تنفيذ عمليات إرهابية في أوروبا مع استقبال العالم للعام الجديد 2021 ؟

هذا السؤال بدون شك يراود الكثير من المعنيين في قضايا الأمن والجماعات المتطرفة وكذلك صناع القرار ووسائل الإعلام. المعطيات الحالية إلى تنظيم داعش ومراجعة تهديدات تنظيم داعش لتنفيذ عمليات إرهابية في أوروبا مع احتفالات العالم بالعام الجديد، لم تكن جدية ما بعد عام 2017 ولحد الآن.

ويعود ذلك للأسباب التالية :

ـ التنظيم فقد اتصالاته، أي لا يوجد اتصالات ما بين قيادات التنظيم وعناصره في أوروبا تحديدا، وما عاد موجودا في أوروبا، هي عناصر “جهادية” ليس بالضرورة مرتبطة بالتنظيم، تنفذ عمليات إرهابية على غرار الذئاب المنفردة، وهي عمليات إرهابية محدودة.

ـ خسر التنظيم في أوروبا الكثير من وسائل الدعاية عبر الإنترنيت، ونجحت دول أوروبا نسبيا في تقليص مساحة نشر الخطاب المتطرف للجماعات المتطرفة، بعد أن توصلت دول أوروبا تحديدا إلى اتفاقات مع محركات الإنترنت.

ـ لم يعد تنظيم داعش فاعلا على الأرض داخل أوروبا، بسبب الإجراءات الوقائية والاستباقية التي اعتمدتها أجهزة الاستخبارات الأوروبية، نتج عنها غلق الكثير من المراكز والجمعيات والمساجد التي تنطلق منها فتاوى التطرف.

ـ الحد من نفوذ الإسلام السياسي في أوروبا فقد نجحت بعض دول أوروبا، بفرض رقابة مشددة على الإخوان المسلمين وحظر حزب الله وجماعات إسلاموية أخرى.

ـ سعت دول أوروبا خاصة فرنسا وألمانيا، على اتخاذ سياسات وإجراءات وتدابير جديدة من أجل الحد من مصادر التمويل الخارجية والداخلية إلى المراكز والجمعيات التي ساهمت بنشر التطرف.

ـ تعزيز التعاون الأمني داخل أوروبا، خاصة عندما يتعلق الأمر بمتابعة المطلوبين في سجل الإرهاب وكذلك السجل الجنائي.

رغم ما تتخذه دول أوروبا من إجراءات احترازية، فهذا لا يمنع من احتمال وقوع عمليات إرهابية مع احتفالات أوروبا بأعياد رأس السنة، لكنها تبقى ضعيفة ومحدودة، وسط حالة التاهب التي تعيشها أجهزة الاستخبارات الأوروبية.

ربما يعجبك أيضا