«الغرب» ينتقد .. ازدواجية الديمقراطية الأمريكية كشفتها أحداث الكونجرس

سحر رمزي

رؤية – سحر رمزي

أمستردام –  يرى الكثير من الأوروبيين والغربيين بشكل عام أن ما حدث بالأمس أمام مبنى الكونجرس الأمريكي  كشف  ازدواجية  الديمقراطية الأمريكية، وأنه إرهاب بمعنى الكلمة، لا يقل عن أي عمل إرهابي  تتعرض له أي دولة في العالم، وأنه كان يجب أن تتعامل معه السلطات من أول دقيقة على أنه إرهاب، ولكن للأسف لم يواجه بمفهومه الصحيح وهو ما يؤكد أن الشرطة الأمريكية تتعامل بمكيالين، و”حسب لون بشرة مرتكبي الحادث”، وأنه لو كان مرتكب الحادث من أصحاب البشرة السوداء أو من المهاجرين المسلمين، كان سيناريو الأحداث والتعامل معه اختلف تماما من أول دقيقة ولا نستبعد تصفيتهم جميعا جسديا بحجة الدفاع عن سيادة الدولة وسيادة القانون، ولكن إذا كان منتهكو سيادة الدولة من أهل العنصرية والبشرة البيضاء وصف الحدث على أنه فوضى حادث صادم، وفي هذا التقرير نرصد ردود أفعال من الشارع الأوروبي، والتي جاءت على النحو التالي.

التورتة المسمومة

وصف البعض تولي إدارة  جو بايدن رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية بالتورتة المسمومة التي ستهلك من يحاول التهامها، حيث الانشقاق والانقسام داخل المجتمع الأمريكي، وقد هز مشهد الأمس عرش الثقة في قدرة الرئيس الجديد على  المحافظة على وحدة الشعب والحفاظ على الديمقراطية  الأمريكية ووحدة الصف بين أبناء الشعب من الديمقراطيين والجمهوريين، ولكن ما حدث بالأمس شكك العالم في قدرة أمريكا على السيطرة على الموقف، وخاصة البوليس الذي وقف مكتوف الأيدي ويتهرب من المواجهة.

 لماذا لا يسلّم ترامب بالهزيمة؟

يتساءل المراقبون: لماذا لا يسلّم ترامب بالهزيمة؟ وهل بلغت به الطفولة المتأخرة أن يتمسك بآخر لوح من مركب يغرق؟ في ظني أن الأمر يتعلق بالخطة الأساسية، والأهداف المستقبلية. والإصرار على اتهام الطرف الآخر بالسرقة والتزوير يخدم نظرية المؤامرة ويعزز الخوف والكراهية ويوحّد الصفوف في مواجهة العدو المفترض. ومع قناعة الرئيس وقادة حزبه بأنهم سوف يقرون بالهزيمة في نهاية المطاف، إلا أن نار الصراع لن تخفت وسيتم تسليم البيت الأبيض بنيّة مواصلة الحرب خلال السنوات الأربع المقبلة. ولو حافظ معسكرهم على الغالبية في مجلس الشيوخ مع التحسّن الأخير في معادلة مجلس النواب، واستعادتها كثيراً من المقاعد في الانتخابات الأخيرة، فيمكنهم تعطيل مشاريع الإدارة الديموقراطية القادمة، بدءاً بترشيحات القياديين في البيت الأبيض والقضاة في المحاكم الفيدرالية، وحتى العودة إلى الاتفاق النووي واتفاقية المناخ وإلغاء العقوبات على إيران والصين والضرائب على بعض الحلفاء

 وتسأل شباب أوروبي “هل سيدفع الثمن  الحزب الجمهوري، لأنه يدافع عن الجمهورية والليبرالية وسيادة القانون”. وهذا الواقع الجديد من المرجح أن يعرضه “لانشقاقات” على أن “يعود لقواعده كحزب جمهوري تقليدي وليس على نمط ترامب” في تلميح إلى أن هذا الحزب المحافظ سرق من أصحابه.

هولندا: الكونجرس فشل  في تهنئة الفائز في الانتخابات!

قالت الصحف الهولندية ومنها موقع أن أو إس، في النهاية بعد أحداث صادمة استمرت ساعات طويلة، أعلن بنس أن النتيجة كانت 306 أصوات لبايدن و232 لترامب ، تماشيا مع توزيع الأصوات الانتخابية كما أصبح واضحا بالفعل. فشل في تهنئة الفائز في الانتخابات.

ونقلا عن الصحف الأمريكية كتبت نظيرتها الهولندية العنف في الكونجرس أولى نتائج تحريض ترامب،  أمريكا تشهد اليوم حصاد الأكاذيب التآمرية، استراتيجية الأرض المحروقة التي مارسها الرئيس المنتهية ولايته برفض نتيجة الانتخابات أدخلت الديمقراطية الأمريكية في أزمة دستورية خطيرة..تويتر وفيسبوك وإنستغرام يجمّدون حسابات ترمب بعد اقتحام الكونغرس.

تفتقر الصحف والمنافذ الإخبارية والمواقع الإخبارية الأمريكية إلى صيغ التفضيل المطلقة لوصف اقتحام مبنى الكابيتول، يتفقون جميعًا على أنه حدث تاريخي، لكنهم يختلفون بشكل كبير في كيفية تفسيرهم للأخبار، وأوضحوا أن الإعلام الأمريكي على مدار أربعة أعوام ينتقدون الرئيس المنتهي ولايته ترامب، وقالوا ترامب يثير الحشود” ، عناوين الصحف في صحيفة نيويورك تايمز كبيرة بشكل غير عادي في الصفحات الأولى للصحيفة. أربع سنوات من الاستفزازات تنتهي باقتحام مقر الديمقراطية.

على الموقع، تقوم الصحيفة بتكبير علم الكونفدرالية الذي حمله بعض المتظاهرين إلى مبنى الكابيتول. “التلويح بالعلم الفاشي لترامب” ، عناوين الصحف في مقال رأي. علم الاتحاد مثير للجدل: يرى الكثيرون أنه رمز للعنصرية. تصف مراسلة تجربتها في المبنى أثناء العاصفة، واصفة إياه بأنه “أعنف هجوم على الكونجرس منذ أن حاول الإرهابيون تحطم طائرة في المبنى منذ أكثر من 19 عامًا”.

فرنسا: الديمقراطية الأمريكية تعيش أزمة حقيقة

قالت محررة الشؤون الدولية والسياسية في فرانس24 رامتان عوايطية إن رسائل “هذا اليوم الأمريكي الطويل” متعددة، ومنها أن الديمقراطية في الولايات المتحدة تعيش أزمة حقيقية قد تشبه أزمة عام 1861 وبداية الحرب الأهلية. وذكرت أيضا الهوة داخل “البيت الأمريكي بين المد الشعبوي” و”الآخرين”، وكذلك الأزمة في الحزب الجمهوري والتي تفجرت أمام الملأ بعد أربع سنوات من حكم دونالد ترامب.

الديمقراطية الأمريكية “تتألم” جراء الضربة الموجعة، التي تلقتها في أحد أهم ركائزها، على إثر اقتحام أنصار الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب ليل الأربعاء مبنى الكونغرس في موعد دستوري هام، كان بموجبه ممثلو الشعب بمجلسي النواب والشيوخ يعقدون جلسة المصادقة على فوز جو بايدن في السباق الرئاسي. وقتل في هذه الأحداث أربعة أشخاص. وتزداد المخاوف بعد هذه الأحداث مما يمكن أن يفعله ترامب خلال الأيام المتبقية له في البيت الأبيض، حيث من المفترض أن يسلم السلطة لبايدن في 20 من الشهر الجاري.

الشارع الأوروبي

حسب تحليلات عربية أوروبية، ما يقلق الديموقراطيين أكثر أن ظاهرة ترامب تحولت تياراً سياسياً وشعبياً عميقاً وقوياً (الترامبية)، وأن الحزب الجمهوري بات خاضعاً لهذا التيار وقائده، كما حدث في ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا قبيل الحرب العالمية الثانية، وخلالها. وكما يحدث اليوم في البلدان التي استيقظت فيها النعرة القومية التي تشعل نارها التي بدا أن الاتحاد الأوروبي نجح في إخمادها خلال عقود السلام السبع التي تلت الحرب العظمى. ففي بولندا مثلاً، يقود زعيم شعبوي وحزب قومي البلاد إلى مواجهة، حتى مع الاتحاد الأوروبي، الذي أخرجها من دمار الحرب وبراثن الاتحاد السوفياتي إلى مكانتها الحالية كدولة صناعية وماكنة اقتصادية تقارن بجارتها الأكبر ألمانيا. 

محطة ترامب المقبلة يتوقع البعض أن تكون المحطة المقبلة لترامب هي محطته السابقة نفسها، صف المعارضة. فمن مدرجات الجمهور، سوف يتابع أداء إدارة بايدن وأجنداته الداخلية والخارجية، ويعمل على قصفها إعلامياً باستحواذ أو إطلاق وسائل إعلامية مؤثرة، والمشاركة في البرامج السياسية واستغلال منصاته على وسائل التواصل الاجتماعي (حيث اقترب عدد متابعيه في “تويتر” من حاجز المئة مليون) .

ربما يعجبك أيضا