للضغط على «بايدن» و«روحاني» .. رئيس البرلمان يدفع لإخراج المفتشين النوويين من إيران

يوسف بنده

رؤية

بعد أن اطمأنت إيران لرحيل الرئيس الأمريكي الجمهوري، دونالد ترامب، الذي فرض عليها أشد العقوبات في تاريخها؛ بدأت طهران في فرض مزيد من الضغوط على الرئيس الأمريكي الديموقراطي القادم بعد 20 يناير/كانون الثاني الحالي، جو بايدن، وذلك من أجل دفعه للعودة إلى الاتفاق النووي وإنقاذه، بعدما شرعت إيران في عملية تخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 20%، كجزء من خطة التحرك الاستراتيجية الإيرانية للتصدي للعقوبات الخارجية، التي وافق عليها البرلمان في ديسمبر 2020.

وفي خطة مزيد من تخفيف الالتزامات النووية، لوحت طهران، أمس السبت، بطرد مفتشي «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، إذا لم يرفع الحظر عنها بحلول 21 فبراير (شباط)، وهو موعد نهائي حدده البرلمان.

وقال عضو الهيئة الرئاسية لمجلس الشورى أحمد أميرابادي فراهاني، «سيطرد مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية من طهران بحلول الشهر المقبل؛ ما لم يتم رفع إجراءات الحظر الأمريكي الظالم ضد الشعب الإيراني».

وأضاف في تصريح نقلته وكالة «فارس»: «إن المفتشين سيطردون بالتأكيد ما لم يتم إزالة الحظر، خصوصاً عن القطاعات المالية والمصرفية والنفطية». وأضاف أن «الجمهورية الإسلامية ستوقف بالتأكيد التنفيذ الطوعي للبروتوكول الإضافي؛ حيث إن الحكومة ملزمة بتنفيذ قانون مجلس الشورى الإسلامي الذي ينص على هذا»، مشيراً إلى أن «الهدف الرئيس من وراء المفاوضات النووية كان رفع إجراءات الحظر، وهو ما لم يتم تحققه بالفعل».

وقد أشارت صحيفة “كيهان” المقربة من المرشد الأعلى، علي خامنئي، إلى توعد البرلمان الإيراني بطرد المفتشين الدوليين التابعين للوكالة الدولية للطاقة الذرية، وعنونت في صفحتها الأولى، نقلا عن أحد البرلمانيين: “سنطرد مفتشي الوكالة الدولية للطاقة إذا لم يتم رفع العقوبات يوم 21 فبراير (شباط) القادم”، لكن صحيفة “آفتاب يزد” المقربة من تيار الحكومة علقت على هذا التصريح من البرلماني الأصولي، وكتبت: “طرد المفتشين الدوليين للطاقة الذرية ليس موقفًا رسميًا”.

موقف أوروبي

وقد حذر الاتحاد الأوروبي من تحرّك إيران لتخصيب اليورانيوم بنسبة 20 بالمائة، واصفا الخطوة بأنها «خرق كبير» للاتفاق النووي.

كما أكد رئيس مجلس العلاقات الخارجية الإيراني كمال خرازي، «وجود خلافات جذرية مع الأوروبيين»، مشدداً على «ضرورة عدم الانخداع بالابتسامات والعلاقات الظاهرية للأوروبيين».

وقال خرازي في تصريح للتلفزيون الإيراني حول مطالب الدول الأوروبية الثلاث بشأن الاتفاق النووي، «لا ينبغي أن ننخدع بمجاملات وابتسامات وعلاقات الأوروبيين الظاهرية».

وأضاف: «حينما كنت في وزارة الخارجية (وزيراً) أتذكر أن علاقاتنا مع الأوروبيين كانت قد أصبحت وثيقة جداً، فضلاً عن الزيارات المتبادلة التي كانت بيننا، لكن رغم كل ذلك لم يكفوا عن ممارساتهم الماكرة».

وتابع: «لقد كانوا يعِدون لكنهم لم يكونوا يوفون بوعودهم. وفي تلك الفترة لم يأتوا لتنفيذ أعمال جدية من حيث توظيف الاستثمارات والمشاركة الاقتصادية في إيران. لقد تم إنجاز الكثير من الأعمال، لكن ليس بمستوى إيجاد تحول جاد في العلاقات».

وأضاف خرازي: «إن هذا الأمر يشير إلى وجود خلافات جذرية بيننا وبينهم، يعود السبب فيه إلى روح المناداة بالاستقلال لدينا، وأن نحفظ أفكارنا ومعتقداتنا، ونمضي في طريقنا، ولا نكون مرتبطين بالأجانب»، معتبراً أن «الأوروبيين لا يتحملون اعتمادنا على الشعب، ويستخدمون مختلف الأساليب للوصول إلى أهدافهم. نحن أيضاً ينبغي علينا، مع إجراء المحادثات الدبلوماسية، ألا ننسى أبداً في أي ساحة نحن، ومن الذي أمامنا، وألا نضيع نهجنا وطريقنا».

ويشهد الملف الإيراني توتراً جديداً منذ اغتيال محسن فخري زاده، نائب وزير الدفاع لشؤون الأبحاث والتطوير، المشتبه بإدارته برنامجاً سرياً سابقاً لتطوير أسلحة نووية، في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وعقب هذا الهجوم المنسوب إلى إسرائيل، أقر البرلمان الإيراني الذي تسيطر عليه غالبية محافظة تعارض التقارب مع الغرب، قراراً ملزماً للحكومة باتخاذ إجراءات جديدة تنتهك الاتفاق، ما لم ترفع الإدارة الأمريكية العقوبات.

وكان الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترمب قد سحب في مايو (أيار) 2018 توقيع الولايات المتحدة على الاتفاق النووي مع إيران ثم أعاد فرض عقوبات صارمة على طهران.

رد أمريكي

وقد أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية بيانًا وصفت فيه تهديد إيران بطرد مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأنه “يتجاوز انتهاك الاتفاق النووي”، وأكدت أنه بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لمنع انتشار الأسلحة النووية، فإن إيران ملزمة بالسماح للمفتشين بالوصول إلى المواقع النووية، وأن انتهاك هذه الالتزامات يتجاوز خرق الاتفاق النووي.

وفي إشارة إلى قرار البرلمان الإيراني بـ”طرد مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إذا لم يتم رفع العقوبات”؛ أضاف البيان أن “النظام الإيراني استغل، مرة أخرى، برنامجه النووي لابتزاز المجتمع الدولي وتهديد الأمن الإقليمي”.

وقالت وزارة الخارجية في بيانها: “ليس فقط الولايات المتحدة، ولكن كل الدول ترى أنه من المهم أن تمتثل إيران لالتزاماتها. اللعبة النووية لن تعزز موقع إيران، بل ستؤدي إلى مزيد من العزلة والضغط”.

وأضاف بيان الخارجية الأمريكية “لا ينبغي السماح لأكبر دولة راعية للإرهاب في العالم بتخصيب اليورانيوم بأي مستوى”، في إشارة إلى زيادة تخصيب اليورانيوم في إيران.

واختتمت وزارة الخارجية الأمريكية بيانها بالقول إن الولايات المتحدة تدعم “الرقابة المهنية والمستقلة للوكالة الدولية للطاقة الذرية على برنامج إيران النووي”. وشددت على أن “طرد المفتشين الدوليين يجب أن يقابل بإدانة عالمية”.

وفي غضون ذلك، كتبت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، مورغان أورتاجوس، في تغريدة لها: “اليوم هددت إيران مرة أخرى بطرد المفتشين النوويين. هذا السلوك ينتهك ضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية ويحتاج إلى إدانة من قبل المجتمع الدولي”.

للضغط على بايدن

وفي تصريحات تكشف صراحةً، سياسة الضغط التي تمارسها طهران على الرئيس المنتخب جو بايدن، من أجل العودة العملية للاتفاق النووي، وليس الاكتفاء بالتوقيع على تجديد الاتفاق النووي من قبل الرئيس الأمريكي؛ قال رئيس البرلمان الإيراني، محمد باقر قاليباف، اليوم الأحد 10 يناير (كانون الثاني)، إن “توقيع بايدن ليس ضمانًا لنا” وإن إيران ستفي بالتزاماتها بموجب الاتفاق النووي، بشرط رفع العقوبات بشكل ملموس.

وبشأن الرفع الملموس للعقوبات، قال قاليباف إنه من وجهة نظر إيران “سيتم رفع العقوبات عندما نستطيع بيع نفطنا واستخدام عائدات بيعه من خلال الآلية المصرفية الرسمية لتلبية احتياجات الشعب الإيراني، وتمكن تجارنا من ممارسة تجارتهم في العالم. وفي هذه الحالة ستفي إيران بالتزاماتها في إطار الاتفاق النووي”.

وأضاف: “نعلن بحزم أن إيران ستفي بالتزاماتها عندما تفي الولايات المتحدة أيضا بالتزاماتها وترفع جميع العقوبات والأوامر التنفيذية لرئيس الولايات المتحدة”.

وذكر محمد باقر قاليباف، في كلمة له أمام البرلمان، اليوم الأحد: “الاتفاق النووي ليس اتفاقًا مقدسًا بالنسبة لنا، لكن الجمهورية الإسلامية قبلته بشرط رفع العقوبات، لذا فإن عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق ليست مهمة بالنسبة لنا، بل المهم هو فقط رفع العقوبات بشكل ملموس”. كما وصف قاليباف تصريحات المرشد الإيراني خامنئي، بأنها “الرأي الحاسم”.

للضغط على روحاني

وتعبر تصريحات رئيس البرلمان، قاليباف، عن حجم الخلاف بين الحكومة والبرلمان في إيران؛ إذ يضغط قاليباف على الحكومة ولا يريدها أن تكتفي بمجرد عودة الولايات المتحدة الأمريكية إلى الاتفاق النووي؛ بل يجب أن تلتزم عمليًا بشروط هذا الاتفاق. وهو ما يعتبر أمرا صعبا في المرحلة الحالية. وهدف قاليباف من ذلك، إفشال جناح الإصلاحيين في السلطة، ممثلاً في شخص الرئيس، حسن روحاني، لصالح المحافظين والعسكريين الذين يعتزمون خوض الانتخابات الرئاسية المقبلة.

وكان خامنئي قد قال في خطاب متلفز، في اليوم السابق، إنه سيقبل عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي، إذا تم رفع العقوبات، مضيفًا: “لسنا في عجلة من أمرنا لعودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي. مطلبنا المنطقي هو رفع العقوبات، إذا تم رفع العقوبات فسيكون من المنطقي أن تعود الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي”.

يشار إلى أنه بالتزامن مع تأكيد فوز الرئيس الأمريكي المنتخب، اتخذ البرلمان الإيراني قرارًا طعنت فيه الحكومة، بالموافقة على خطة لرفع تخصيب اليورانيوم إلى 20 بالمائة، والتي بدأت للتو وسط معارضة من القوى العالمية.

يذكر أنه في مقابلة مع “سي بي إس” في 16 ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، نصح رافائيل غروسي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، الرئيس المنتخب جو بايدن بالتحرك للتفاوض مع إيران في أقرب وقت ممكن، بالنظر إلى الظروف الجديدة والتطورات الحالية.

ومن جهته، قال جو بايدن ومرشحوه للإدارة الأمريكية المقبلة إن الولايات المتحدة ستعود إلى الاتفاق النووي، لكن من أجل التفاوض مع إيران للحد من برنامجها الصاروخي وسياساتها الإقليمية.

فيما تقول إيران إن برنامج الصواريخ “خط أحمر” ولن تتفاوض حوله مع الولايات المتحدة أو أي دول أخرى.

وينظر البرلمان الإيراني حالياً في مشروع قانون يمنع الحكومة الإيرانية من التفاوض مع الولايات المتحدة في الأمور غير النووية، إذا تمت الموافقة عليه بشكل نهائي.

ربما يعجبك أيضا