بين شروط بايدن والدعم الأوروبي.. النووي الإيراني ينتظر «قبلة الحياة»

عاطف عبداللطيف

كتب – عاطف عبداللطيف

مع قرب رحيل دونالد ترامب المنتهية ولايته عن “البيت الأبيض”، وتولي الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن دارت التساؤلات عن إمكانية عودة أمريكية حقيقية للالتزام بالاتفاق النووي الموقع عام 2015، وهل ستلقى الخطوة التي أكد فيها بايدن مؤخرًا إمكانية العودة المشروطة، دعمًا أوروبيًا.

صحيفة نيويورك تايمز قالت: إن جو بايدن يريد توسيع الاتفاق النووي ليشمل دول مجاورة لطهران ليعلق بايدن قائلًا: “سيكون الأمر صعبًا، لكن نعم”، وبذلك يكون بايدن قد كرر ما كتبه في مقال في سبتمبر الماضي ما نصه: “إذا احترمت طهران مجددًا القيود على برنامجها النووي فستعود واشنطن بدورها إلى الاتفاق”.

نوايا جو بايدن تشكل بارقة أمل لإيران التي تعاني من عقوبات أمريكية فرضتها إدارة ترامب منذ انسحابها من الاتفاق عام 2018. ومع دعم فرنسا والمملكة المتحدة للصفقة الجديدة، طالبت أصوات أوروبية باتفاق جديد إذ صرح وزير الخارجية الألماني هايكو ماس في مقابلة مع مجلة “دير شبيغل” الأسبوعية بأن “العودة إلى الاتفاق السابق لن يكون كافيًا وأن يكون هناك اتفاق على إضافات جديدة على الاتفاق النووي”.

أيضًا قال رافائيل غروسي، مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية: هناك اتفاق بين السياسيين الغربيين على وجود حاجة لاتفاق جديد لإحياء الاتفاق النووي الإيراني. ورغم أن بايدن أبدى استعداده للعودة إلى المعاهدة، استغرب موقع “إس.تي.إن. شتوتغارته ناخريختن” الألماني (13 نوفمبر 2020) من “استمرار الخروقات الإيرانية بشأن البرنامج النووي”.

1000x 1 2

شروط بايدن

وعلق مدير مركز جدار للدراسات الإيرانية، محمد عبادي قائلًا: موقف جو بايدن من الاتفاق النووي معلوم منذ حملته الانتخابية وقبل فوزه بالانتخابات الرئاسية، ويتلخص في إمكانية العودة إلى الاتفاق النووي من حيث المبدأ، لكن في التفاصيل اشتراط بايدن 4 شروط أساسية سيكون على إيران تحقيق تقدم فيها أولًا، حتى يتم رفع العقوبات والدخول في مفاوضات جادة حول الاتفاق النووي.

وأضاف محمد عبادي -في تصريحات خاصة- تتمثل الشروط في معالجة إيران لمخاوف جيرانها وحلفاء واشنطن في الإقليم فيما يخص برنامجها الصاروخي الباليستي الذي تهدد به المنطقة، وكذلك دور وكلائها في المنطقة والدعم السخي الذي تتلقاه هذه الميلشيات من النظام الإيراني، لتحقيق أغراض توسعية.

بايدن شدد أيضًا على مسألة حقوق الإنسان في إيران، وعدم احترام طهران لحقوق مواطنيها، فضلًا عن الانتهاك المروع لحقوق السجناء والقوميات والعرقيات الأخرى التي تعيش في إيران كمواطنين من الدرجة الثانية.

أما فيما يتعلق بالاتفاق النووي ذاته، فقد شدد بايدن على أن العودة إلى الاتفاق النووي مشروطة بشكل أساسي بتراجع إيران عن انتهاكها لبنود الاتفاق، ومراحل خفض الالتزام عن شروط خطة العمل الشاملة المشتركة الموقعة بين إيران ودول “5+1” في عام 2015، وقطعًا هذا أمر ترفضه إيران وتلقي الكرة في الملعب الأمريكي مشترطة رفع العقوبات عنها ومن ثم تعود تدريجيًا للاتفاق.

فرص الاتفاق النووي

الرئيس الإيراني حسن روحاني قال إن بلاده ستعود إلى العمل بالاتفاق النووي الجديد، المعروف باسم “خطة العمل الشاملة المشتركة” بعد إعلان الولايات المتحدة التزامها هي الأخرى، لكن هذا وحده قد لا يكون كافيًا. ولا ننسى أن الاتفاق قد يهدده الفشل، ومن المتوقع أن يواجه الرئيسان روحاني وبايدن معارضة شرسة وتذهب سدى أي جهود لإبرام اتفاق أو عودة الاتفاق بشروط جديدة في ظل قرب الانتخابات الإيرانية في يونيو المقبل وسط تعالي أصوات جناح الصقور الرافض لأي تسوية مع أمريكا ولا يرى من الحوار معها نفعًا.

106830188 6f0010e2 5d4a 463b ad28 9242960c7b87 1

وكتب كيرستن كنيب -على موقع دويتشه فيله (23 نوفمبر 2020)- “ما لبث الرئيس الإيراني حسن روحاني أن تحدث بحذر عن مستقبل العلاقات الإيرانية الأمريكية، حتى تداول موقع “جهان نيوز” الإيراني المحافظ تصريحات لقائد “سرايا القدس” إسماعيل قاني، أكد فيها أن سمة السياسيين الأمريكيين هي الجهل، واصفًا إياهم بالجبن لأنهم لم يخجلوا من التنكر لتوقيعهم أمام العالم، وإنهم غير قادرين على التفاوض”.

التوقعات والدور الأوروبي

فيما توقع الباحث المتخصص في الشأن الإيراني، أسامة الهتيمي، أن تختلف سياسات الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن عن دونالد ترامب المنتهية ولايته فيما يتعلق بالملف الإيراني ككل ولابد أن يكون هناك تمايز بين الحزب الديمقراطي ومنافسه الجمهوري، فالديمقراطيون يعتبرون ترامب تجاوز الكثير من الخطوط الاستراتيجية بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية من أهم هذه السياسات تراجعه وانسحابه من الاتفاق النووي، فيما أعلن بايدن في مؤتمراته قبل وبعد انتخابه أنه سيعود إلى الاتفاق النووي ولكن بشروط وإجراءات أمريكية ستتخذها إدارة بايدن قبل رفع العقوبات عن إيران.

ورأى الهتيمي -في تصريحات لـ”رؤية”- أن الطرف الأوروبي أكثر وعيًا وحرصًا من إدارة دونالد ترامب في التعامل مع الملف النووي الإيراني، وسيدعم الأوروبيون إجراءات إدارة بايدن الجديدة تجاه طهران والحرص أن تبقى شعرة معاوية قائمة في التعامل بين واشنطن وطهران واستمرار الدور الوظيفي الإيراني في المنطقة للعودة للاتفاق النووي ورفع العقوبات الأمريكية.

تبقى إرادة الدولة الإيرانية وحظوظ حسن روحاني في الانتخابات المقبلة مع رغبة إدارة جو بايدن، الفيصل في الوصول إلى اتفاق حول الملف النووي الإيراني أو العودة إلى الاتفاق الذي انسحب منه دونالد ترامب في ظل ترحيب أوروبي على أن يكون هناك اشتراطات ومطالب غربية من حكومة طهران.

ربما يعجبك أيضا