سياسة بايدن .. إعادة إيران إلى الصندوق وأصوات تقول «لا»

يوسف بنده

رؤية

إعادة إيران إلى الصندوق .. بهذا التعبير وصف مستشار الأمن القومي، القادم، جيك سوليفان سياسة إدارة بايدن المقبلة تجاه إيران، وركز على استعداد إدارة الرئيس بايدن للعودة إلى الاتفاق النووي، وضبط سلوك إيران مرة أخرى ومنع الموقف من التأزم أكثر.

ووفقا لصحيفة “وول ستريت جورنال” قال سوليفان مطلع شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي، إن الإدارة الآتية تريد إعادة إيران “إلى الصندوق” من خلال الرجوع إلى الاتفاق النووي وإجبار طهران على الامتثال لشروط الاتفاقية الأصلية. وأضاف: “في المقابل، ستكون الولايات المتحدة مستعدة لاحترام شروط اتفاق 2015”.

تصعيد نووي

بناء على قرار البرلمان الإيراني الذي اعتمده مؤخرًا، فإن الحكومة ملزمة أيضًا بوقف التنفيذ الطوعي للبروتوكول الإضافي، بعد شهرين من دخول القرار حيز التنفيذ، إذا لم يتم إلغاء العقوبات.

وكان المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، علي ربيعي، قد قال الأسبوع الماضي، إن إيران بدأت عملية تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 بالمائة في موقع فوردو النووي.

وتأتي هذه الخطوات من قبل إيران، في إطار الضغط النووي الذي تمارسه تجاه الولايات المتحدة الأمريكية، بما يدفع الإدارة الأمريكية للعودة إلى الاتفاق النووي.

وقد أعلن المعهد الدولي للعلوم والأمن، في تقرير له، أن صور الأقمار الصناعية المأخوذة من منشأة نطنز النووية في 5 يناير (كانون الثاني) أظهرت أنه تم حفر ثلاثة أنفاق في جبل بالقرب من الموقع، وأن التقييم الأولي هو أنه يتم بناء منشآت جديدة تحت الجبل.

من جانبٍ آخر، أصدر مجلس الاتحاد الأوروبي، الإثنين، بيانًا أكد فيه دعمه للاتفاق النووي الإيراني، معربًا عن قلقه العميق من تحرك إيران لزيادة تخصيب اليورانيوم في منشآتها النووية في فوردو، وطالب إيران بالامتناع عن تصعيد التوترات ووقف أعمالها فورًا.

كما رحّب مجلس الاتحاد الأوروبي، في معرض دعمه الجهود الدبلوماسية الجارية لإعادة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي وإلزام إيران بالوفاء بالتزاماتها، بموقف بايدن بشأن ضرورة عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي.

وفي الأسبوع الماضي، نشرت وكالة رويترز تقريرًا سريًا للوكالة الدولية للطاقة الذرية يفيد بأن إيران تخطط لتركيب ثلاث سلاسل أخرى من أجهزة الطرد المركزي المتطورة من طراز IR-2M في مجمع نطنز للتخصيب النووي.

قلق الوكالة الدولية

وقد قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، الإثنين 11 يناير (كانون الثاني)، إن إحياء الاتفاق النووي الإيراني يجب أن يتم خلال الأسابيع القليلة المقبلة، مشيرًا إلى تطور طهران “السريع” فيما يتعلق بتخصيب اليورانيوم بنسبة 20 بالمائة.

وفي تصريح أدلى به إلى وكالة أنباء “رويترز”، قال غروسي: “من الواضح أنه ليست لدينا شهور طويلة. أمامنا أسابيع على الأرجح”.

وأضاف: “نحن بحاجة إلى الوصول لفهم واضح حول كيفية تحقيق التعريفات والشروط الأولية للاتفاق النووي”.

كما قال إنه يأخذ القانون الأخير الذي أقره البرلمان الإيراني “على محمل الجد” لأنه قد يلغي عمليات التفتيش المفاجئة على المنشآت النووية الإيرانية.

استعدادات بايدن

وقد اعتبر المحلل العسكري في “يديعوت أحرونوت”، أليكس فيشمان، أن “مستوى التوتر سيستمر بالارتفاع حتى 20 كانون الثاني/ يناير الحالي”.

ونقل فيشمان عن مصادر سياسية إسرائيلية “تتابع عن كثب استعدادات إدارة بايدن لبدء ولايتها”، قولها إن “المقربين من الرئيس المنتخب يرون كافة الخطوات الإيرانية الأخيرة في المجال النووي بأنها جزء من شروط بدء المفاوضات عندما يتم استئنافها. والإيرانيون يدركون جيدا الاستعدادات الجارية في الولايات المتحدة لاستئناف المفاوضات ويعرفون المسار الذي يستعد له مستشارو بايدن”.

وأضافت المصادر نفسها أن “قناة المعلومات هي تلك التي توصف بـ’المنفيين الإيرانيين’، الذين يشكلون حلقة وصل بين الحكومة الإيرانية ومستشاري بايدن، وفيما يحظر عليهم رسميا، وفق القانون، إجراء أي مفاوضات سياسية قبل دخول الرئيس إلى منصبه”.

ورأى فيشمان أن تعيين وليام بيرنز رئيسا لوكالة الاستخبارات المركزية الإيرانية (سي.آي.إيه.) يدل على أن الإدارة الجديدة تعتزم استئناف المفاوضات في القضية النووية الإيرانية، “لأن بيرنز هو شريك كامل لموقف الرئيس، القائل إن ثمة حاجة إلى حل القضية النووية الإيرانية بوسائل دبلوماسية. وهو الذي بدأ قناة المحادثات السرية مع الإيرانيين في العام 2013، في عمان ومن وراء ظهر إسرائيل. وبيرنز وجاك ساليفان، الذي سيعين مستشارا للأمن القومن لبايدن، كانا نائبان لوزيرة الخارجية هيلاري كلينتون. وكلاهما شاركا في الخطوات التي أدت إلى توقيع الاتفاق النووي”.

ورجح فيشمان أن تحرر إدارة بايدن أموالا إيرانية مجمدة وأن تلغي العقوبات التي فرضها ترامب على إيران بعد انسحابه من الاتفاق النووي، عام 2018، ومنح إيران “أكسجين اقتصادي” قبيل الانتخابات هناك، في حزيران/يونيو المقبل. وفي المقابل، يلتزم الإيرانيون بوقف خرق الاتفاق النووي، الذي بدأوا فيه عام 2018، والسماح بمراقبة كاملة ووقف تحصيب اليورانيوم بنسبة 20%، وأن تبدأ المفاوضات حول اتفاق نووي جديد ودائم بعد الانتخابات الإيرانية.

لا للعودة للاتفاق النووي

قال وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، في كلمة لـ “صوت أميركا” يوم الإثنين إنه يأمل أن تستمر السياسة الأمريكية الحالية في الشرق الأوسط، في تلميح إلى عزم إدارة الرئيس القادم جو بايدن إلى الاتفاق النووي مع إيران.

وأشار بومبيو إلى أن “الإدارة السابقة (إدارة أوباما) كان لها رأي مختلف”، مضيفاً: “الآن ليس عام 2015”. وتابع ‏وزير الخارجية الأمريكي: “خلال الأربع سنوات الماضية حدثت تغييرات جوهرية في الشرق الأوسط وأتيحت للولايات المتحدة الفرصة للحد من الحكم الديني في إيران”.

وفي شرح التغييرات، أشار أيضًا إلى التطورات في إسرائيل، بما في ذلك اعتراف دول مختلفة بإسرائيل.

كما حذر وزير الخارجية ومستشار الأمن القومي الأميركي الأسبق هنري كيسنجر، في مؤتمر لمعهد سياسة الشعب اليهودي، الاثنين، من العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران. وقال إنه على الإدارة الأميركية الجديدة ألا تعود إلى روح الصفقة الإيرانية التي قد تؤدي إلى سباق تسلح في الشرق الأوسط.

وانتقد كيسنجر اتفاق إيران لعام 2015، الذي انسحب منه الرئيس دونالد ترمب في 2018، ويسعى الرئيس المنتخب جو بايدن للعودة إليه إذا وافقت إيران مرة أخرى على الامتثال لقيود الاتفاقية على برنامجها النووي.

وقال الدبلوماسي والمستشار والمؤلف البالغ من العمر 97 عامًا: “يجب ألا نخدع أنفسنا. لا أعتقد أن روح [صفقة إيران]، مع وجود حد زمني للصفقة وغيرها من البنود ستفعل أي شيء بخلاف جلب الأسلحة النووية إلى جميع أنحاء الشرق الأوسط وبالتالي خلق حالة من التوتر الكامن الذي سينفجر عاجلاً أم آجلاً”.

وقال إن النظام الحالي في إيران “لا يبدو أنه قادر على التخلي عن هذا المزيج من الإمبريالية والتهديد” وفي الوقت نفسه، أوضح كيسنجر: “أنا لا أقول إننا لا يجب أن نتحدث معهم”.

وأجرى دينيس روس، المستشار السابق للرؤساء جورج بوش الأب وبيل كلينتون وباراك أوباما، مقابلة مع كيسنجر. وسأل روس كيسنجر عما سيوصي بايدن وإدارته بفعله للاستفادة من الاتفاقيات التي قامت بموجبها أربع دول عربية بتطبيع العلاقات مع إسرائيل.

وقال كيسنجر: “يجب ألا نتنازل عما تم تحقيقه مؤخرًا في هذه الاتفاقيات بين العالم العربي وإسرائيل. أود أن أقول للإدارة القادمة إننا نسير على مسار جيد”. وقال كيسنجر إن الاتفاقات “فتحت نافذة من الفرص لشرق أوسط جديد”.

ربما يعجبك أيضا