«بتكوين» تُدخل إيران ظلامًا واسعًا.. لميليشيات الملالي مآرب أخرى

كتب – حسام عيد

في مشهد حالك الظلام، غرقت مدن إيران الكبرى في أزمة انقطاع التيار الكهربائي، والمفارقة الغريبة هنا أن السبب وراء حدوث ذلك، هو عملة «بتكوين» الرقمية. الحكومة رأت أن محطات توليد الكهرباء تعاني من نقص في الوقود، بينما أرجعت بعض التقارير تلك الأزمة إلى استهلاك الكهرباء من قبل مستثمرين إيرانيين وصينيين في مجال العملة الرقمية “البتكوين”.

لكن هل يقف حد الأزمة إلى مراكز بيع وشراء العملة الرقمية (البيتكوين) في منطقة رفسنجان الاقتصادية الخاصة التي تسيطر عليها الصين، أم لسلوك نظام الملالي الخبيث المتمثل في أذرع نشر الفوضى والإرهاب خارجيًا، والتي يأتي بمقدمتها ميليشيات الحرس الثوري، دور رئيسي في ذلك؟.

لا كهرباء وظلام واسع

وقد شهدت العاصمة الإيرانية طهران وعدة مدن في مختلف محافظات البلاد، انقطاعا متواصلا للكهرباء خلال الأيام الماضية، وصل ذروته، أمس الثلاثاء، واستمر حتى ساعات الصباح الأولى من الأربعاء.

وفيما قالت السلطات إن السبب نقص الوقود، أفادت وسائل إعلام محلية، أن استهلاك الكهرباء من قبل مستثمرين إيرانيين وصينيين في مجال العملة الرقمية “البتكوين”، أدى إلى تلك المشكلة.

من جهتها، أعلنت شركة توزيع الكهرباء في طهران الكبرى، في بيان أمس أن توقف إنتاج الكهرباء ببعض المحطات كان سبب “الانقطاعات المتفرقة” في طهران. وطالبت بتخفيض استهلاك الكهرباء بنسبة 10٪ من قبل المشتركين.

يأتي ذلك في حين أنه في الأسابيع الأخيرة، أظهرت التقارير الرسمية زيادة في استهلاك الكهرباء في البلاد، وانقطاع التيار الكهربائي المفاجئ في منازل المواطنين، وكذلك الطرق العامة في العديد من المناطق الحضرية والريفية.

ونشر بعض المواطنين على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تُظهر إطفاء أضواء بعض الطرق أثناء الليل، مما أدى إلى ظلام دامس وعدم رؤية السائقين.

نشاط صيني «مريب»

هذا وأفاد موقع “تجارت نيوز” أن الانقطاع المتكرر للكهرباء عائد إلى أن الصينيين قاموا بإنشاء وتوسيع مصانع تعدين للعملات الرقمية في رفسنجان بمحافظة كرمان.

وجاء في التقرير أن من يقوم بهذا العمل هي “مجموعة تنمية الاستثمار الإيرانية الصينية” التي تعمل في منطقة رفسنجان الاقتصادية الخاصة منذ أكثر من عام.

وتعتبر بتكوين العملة الرقمية الأكثر شيوعًا ويتم استخراجها من خلال التعدين بواسطة أجهزة كمبيوتر خاصة ذات استهلاك طاقة مرتفع للغاية.

وردًا على سؤال حول النشاط الصيني، قال وزير الطاقة الإيراني رضا أردكانيان، إنه “يمكن لأي شخص لديه ترخيص العمل على استخراج العملات المشفرة”.

ووفقا لوكالة الطلبة الإيرانية “إيسنا”، فقد أكد أردكانيان أن الكهرباء في إيران يتم إنتاجها بدعم حكومي كبير، لكنه قال إن استهلاك الكهرباء لإنتاج العملات المشفرة يخضع لموافقة مجلس الوزراء.

بدوره، أكد مصطفى رجبي مشهدي، المتحدث باسم شركة الكهرباء الإيرانية أن استخراج العملات الرقمية من بين العوامل التي تزيد من استهلاك الكهرباء في البلاد.

أما مسعود نوري، الصحافي في جريدة “همشهري” ووكالة الأنباء الحكومية الرسمية (إرنا)، فكتب على حسابه عبر “تويتر”، أن “الصينيين يقومون بالتعاون مع كيان عسكري إيراني بإنشاء منجم لتعدين البتكوين في منطقة رفسنجان الاقتصادية الخاصة”.

وأضاف: “أنهم يستهلكون الكثير من الكهرباء الرخيصة مقابل تعريفات منخفضة”.

وأوضح «نوري» أنه في المرحلة الأولى تم تشغيل “10000 جهاز M-3 منخفض الكفاءة للغاية” في هذا المركز.

كما أفادت جمعية “بلوكتشين” الإيرانية أنه في هذه المنطقة، “أقام الصينيون مزرعة لتشفير العملات الرقمية، تستهلك 175 ميجاواط من الكهرباء، ملحقة بخطوط نقل 230/330 كيلوفولت ومحطات فرعية في رفسنجان”.

وأشارت صحيفة “رسالات” إلى ضغط مراكز تعدين البيتكوين على شبكة الكهرباء في البلاد، وأن “إنتاج كل بيتكوين يعادل الاستهلاك السنوي لـ24 منزلاً في طهران، أو ما يعادل استهلاك الكهرباء لمنزل في طهران لمدة 24 عامًا”.

تغذية «الحرس الثوري»

يشار إلى أن سعر كل عملة «بتكوين» وصل إلى ما يقارب 36000 دولار يوم الثلاثاء 12 يناير 2021، ما دفع محللين إلى ترجيح قيام قيام ميليشيات الحرس الثوري الإيرانية باستخراج العملات الرقمية بالتعاون مع الصين، وذلك في عملية التفاف على الحظر المالي المفروض على إيران.

ما يؤكد تورط النظام الإيراني في تلك الأزمة، تقرير يعود إلى يوليو 2019، عندما كشف مصدر في “الحرس الثوري” الإيراني، أن الوحدات الإلكترونية التابعة له استوردت أجهزة عملة رقمية “بتكوين” من الصين وكوريا الجنوبية، ووضعتها في المساجد والمؤسسات الثقافية و”الخيرية”، لاستخراج العملة وتحويلها إلى أنصار إيران في لبنان وفلسطين والعراق.

وقال المصدر لصحيفة “الجريدة” الكويتية إن “الفكرة بدأت عندما زادت الصين كلفة الكهرباء والضرائب على من يستخرجون العملة الرقمية فيها، حيث بحث العديد من الصينيين عن مكان آخر لسك تلك العملة، ووجدوا أن سعر الكهرباء في إيران قليل جداً”.

وأشار إلى أن مراقبة “الحرس” ومتابعته للراغبين داخل إيران، سمح لهم باستيراد الأجهزة ثم فرض عليهم تدريب عناصره على سك تلك العملة، إضافة إلى استيراد الأجهزة اللازمة لحسابه، ثم ركّب الأجهزة في أقبية المساجد لاستغلال مجانية الكهرباء التي توفرها الدولة.

وأوضح أن المؤسسة العسكرية تستخرج ما يعادل عشرات ملايين الدولارات من العملة الرقمية شهريًا، وتستطيع تسليمها بسهولة إلى الجماعات الموالية لطهران في جميع أرجاء الأرض، دون أن تستطيع الولايات المتحدة أو أي مؤسسة رقابية رصدها.

وأفاد المصدر بأن التحويلات الأولية تم إرسالها إلى ميليشيا حزب الله الذي كان يعاني من مشاكل مالية، مع التزام المصارف اللبنانية بسريان العقوبات الأمريكية على طهران، مضيفًا أن تلك التحويلات استطاعت حل مشكلة الحزب، ثم تكرر الأمر مع حركتي حماس والجهاد في قطاع غزة، وأخيرًا مع الجماعات العراقية.

وختامًا، يمكن القول، إن الحرس الثوري قدم عبر “بتكوين” مشروعًا خاصًا إلى المرشد الإيراني علي خامنئي، يضمن على المدى الطويل تأمين عملة صعبة لنشاطات نظام الملالي الخبيثة الخارجية.

ربما يعجبك أيضا