تزامنًا مع مناورات إيرانية .. هجوم على مليشيات طهران في سوريا

يوسف بنده

رؤية

شنّت إسرائيل بتنسيق أمريكي سلسلة غارات هي الأعنف منذ أشهر على مدينة البوكمال السورية الواقعة على أهم طريق بري لنقل الأسلحة الإيرانية والمقاتلين إلى سورية، وشملت مناطق تمتد من شرق محافظة دير الزور إلى مدينة الميادين بالقرب من المطار.

تعرضت مواقع لقوات الحكومة السورية والميليشيات المرتبطة بإيران، فجر أمس، لأكبر قصف جوي منذ أشهر من طيران إسرائيلي وبتنسيق أمريكي.

وقد كشف مصدر استخباراتي أمريكي أن الضربات الإسرائيلية على شرق سوريا تمت بتعاون أمريكي، وذلك لاستهداف مستودعات أسلحة إيرانية، وتضاربت الأنباء بشأن عدد الضحايا، حيث قدرت بعض المصادر سقوط العشرات.

وحسب تقرير صحيفة الشرق اللبنانية، فقد نقل عن مسؤول استخباراتي أمريكي رفيع قوله أن الضربات الجوية الإسرائيلية نفذت بناء على معلومات استخبارية أمريكية، مؤكدا أن وزير الخارجية مايك بومبيو ناقشها مع رئيس جهاز الاستخبارات الإسرائيلي يوسي كوهين في اجتماع عام في مطعم بواشنطن.

وقالت مصادر محلية  إن 10 عناصر من المليشيات الإيرانية قتلوا جراء الغارات، وإن القصف أسفر أيضا عن عدد كبير من الجرحى في القوات الإيرانية، وتم نقلهم إلى مستشفى خاص بالقوات الإيرانية في المنطقة ومُنع الاقتراب من المكان.

وأوضحت المصادر أن القصف الإسرائيلي يعتبر الأكبر شرقي سوريا، حيث وصل عدد الغارات إلى أكثر من 25 غارة، وشمل مدن دير الزور والميادين والبوكمال.

واستهدفت الطائرات محيط مطار دير الزور ومستودعات أسلحة تسمى «مستودعات عياش»، ومركز تبديل للقوات الإيرانية في دير الزور يوجد فيه عادة أكثر من 100 عنصر.

من جانبها، نقلت وسائل إعلام إيرانية عن مصدر إيراني مسؤول قوله «لا وجود لقتلى إيرانيين في الاعتداء الإسرائيلي على دير الزور».

كما نقلت وكالة الأنباء السورية عن مصدر عسكري قوله إن قصفا جويا إسرائيليا تعرضت له محافظة دير الزور دون أن يعلن عن حجم الخسائر.

شاحنات أسلحة

وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، تسبّب القصف بمقتل ٥٧ عنصرا  من قوات النظام، ومن المقاتلين الموالين لإيران من غير السوريين، وأصيب 37 آخرون بجروح.

وأضاف المرصد أن الضربات الإسرائيلية جاءت بعد أيام من استقدام «لواء فاطميون» الأفغاني الموالي لإيران 4 شاحنات محمّلة بأسلحة إيرانية من الجانب العراقي، تم تفريغ حمولتها في مستودعات بالمواقع المستهدفة.

وفي ضربات جويّة منفصلة أمس الأول، لقي 12 مقاتلاً مواليا لإيران مصرعهم وأصيب 15 آخرون بجروح من غير السوريين في بادية البوكمال، من دون أن يتمكن من تحديد هويّة الطائرات التي شنّتها.

وردا على سؤال من إذاعة «ريشيت بيت» الإسرائيلية عن هذا القصف، قال وزير شؤون المستوطنات تساحي هنجبي إنه لن يعلق على الأمر، لكنه أضاف أن إسرائيل تضرب الأهداف الإيرانية في سوريا «مرة بعد أخرى… عندما تملي علينا ذلك معلومات المخابرات ووفقا لقدراتنا العملياتية».

وبدوره، قال رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الأسبق عاموس يدلين إن الهجوم لديه مميزات، معتبرا أنه شُن في عمق الأراضي السورية وفي مناطق بعيدة في دير الزور والبوكمال، وشمل أهدافًا واسعة.

وأضاف يدلين في سلسلة تغريدات على تويتر أن إسرائيل عازمة على مواصلة مواجهة القدرات العسكرية التي تبنيها إيران في سوريا والبنى التحتية لنقل الأسلحة.

وأضاف يدلين، وهو حاليا رئيس معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي في جامعة تل أبيب، أن الهجوم ينطوي على عدة رسائل، أولاها للرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن، ومفادها أن إسرائيل ستواصل العمل في سوريا أيضا في عهده.

والرسالة الثانية إلى سوريا، وهي أنها ستدفع ثمن منحها إيران الحرية الكاملة للتحرك في أراضيها.

ورسالة أخرى إلى الإدارة الأمريكية أن لإيران أنشطةً سلبية أخرى في المنطقة سوى برنامجها النووي.

وقال يدلين إن هذا الهجوم أدى إلى تضخيم ما سماه الحساب المفتوح لإيران ضد إسرائيل، سواء كان له علاقة بحالة التأهب في أعقاب اغتيال العالم النووي فخري زاده أم لا.

وقال رئيس الأركان أفيف كوخافي الشهر الماضي إن الضربات الصاروخية «أبطأت وتيرة ترسيخ الوجود الإيراني في سوريا».

ونادرا ما تؤكد إسرائيل تنفيذ هذه الضربات، إلا أن الجيش الإسرائيلي أعلن في خطوة نادرة قبل أسبوعين، وفي تقريره السنوي، أنه قصف خلال عام 2020 حوالي 50 هدفا في سوريا، من دون أن يقدم تفاصيل.

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي في 18 تشرين الثاني -غداة إعلان إسرائيل عن قصفها «أهدافا عسكرية لفيلق القدس الإيراني وللجيش السوري» في جنوب سوريا- إن إسرائيل «ستواصل التحرك وفق الحاجة لضرب التموضع الإيراني في سوريا الذي يشكل خطرا على الاستقرار الإقليمي».

قبل رحيل ترامب

ونقلت وكالة “أسوشييتد برس” عن مسؤول استخباراتي أمريكي أن “الغارات الإسرائيلية التي نُفِّذت بناء على معلومات استخبارية قدمتها الولايات المتحدة، استهدفت مستودعات كانت بمثابة خط أنابيب لمكونات تدعم البرنامج النووي الإيراني”، مضيفاً أن “وزير الخارجية مايك بومبيو ناقش الغارة الجوية، أمس الأول، مع يوسي كوهين رئيس الموساد” الذي كان في واشنطن.

وجاء ذلك مع تزايد المخاوف من صدام عسكري محتمل مع الولايات المتحدة قبيل مغادرة الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب البيت الأبيض في 20 يناير، وبالتزامن مع إطلاق إيران مناورات بحرية صاروخية في بحر عُمان وشمال المحيط الهندي مع عرض سفينتين حربيتين جديدتين واستخدامهما في التدريبات.

وجاءت المناورات، التي تعد الرابعة من نوعها في غضون أسبوع، في سياق الاستعدادات الإيرانية لمواجهة أي حرب محتملة بعد تلقيها والجماعات المتحالفة معها في المنطقة سلسلة ضربات اتهم إسرائيل بشنها بالتواطؤ مع إدارة ترامب.

وحسب تقرير صحيفة الجريدة الكويتية، فقد شارك في المناورات التي تختتم اليوم، رئيس هيئة الأركان العامة الجنرال محمد باقري والقائد العام للجيش عبدالرحيم موسوي. ونظم حفل بجزيرة كنارك لتسليم السفينتين الجديدتين “مكران” و”زره” إلى القوات البحرية.

وذكر “الحرس الثوري” أنه أطلق خلال المناورات التي تشارك بها غواصات “عدة صواريخ متطورة ودقيقة منها صواريخ ذات مدى بعيد”، فيما حذر خبراء وناشطون من تكرار الأخطاء القاتلة على غرار ما حدث في مايو الماضي، عندما قتل 19 ضابطاً وجندياً بحرياً خلال إصابة فرقاطة “كنارك” بصاروخ قيل إنه أطلق “عن طريق الخطأ” من مدمرة للجيش أثناء تدريبات بنفس المنطقة.

مهمة وقاعدة

ووسط تصعيد للتهديدات الإقليمية، ذكرت مصادر إيرانية إن السفينة “مكران” التي قالت طهران إنها أكبر وأحدث سفينة حربية يتم تصنيعها محلياً سترسل في مهمة من خليج عُمان إلى البحر الأحمر مروراً ببحر العرب وخليج عدن قبالة اليمن، حيث توجد جماعة “أنصار الله” الحوثية المتمردة والمدعومة من طهران.

ولفتت المصادر إلى أن السفينة تملك القدرة على تخزين كميات كبيرة من الصواريخ والعتاد العسكري وتضم معدات للحرب الإلكترونية والرصد ومن مهامها تقديم خدمات للسفن العسكرية والمدنية.

وأشارت إلى وجود مهبط على سطح السفينة قادر على استقبال أضخم مروحية لدى القوات الإيرانية.

وكشفت المصادر أن المرشد الأعلى علي خامنئي أمر بصناعة 4 سفن مماثلة لـ”مكران” ضمن مخطط لإنشاء قاعدة بحرية في شمال المحيط الهندي.

وكان القائد العام للحرس الثوري الإيراني، حسين سلامي، قد أزاح الجمعة، الستار عن قاعدة صاروخية بحرية تحت الأرض على شواطئ الخليج، وصفت بأنها استراتيجية”.

ربما يعجبك أيضا