من أجل دعم عملية السلام.. قوات أوروبية في ليبيا

جاسم محمد

رؤية ـ جاسم محمد

الوضع في ليبيا يسير نحو الخيار السياسي – في البلد الذي يشهد حربا أهلية دامية- بعد جهود بذلتها برلين إلى جانب جهود الاتحاد الأوروبي وبمشاركة الأمم المتحدة.

أوصى الأمين العام أنطونيو غوتيريش، يوم 05 يناير 2021 ، بنشر مراقبين دوليين في ليبيا تحت مظلة الأمم المتحدة لمراقبة اتفاق وقف إطلاق النار المبرم في أكتوبر2020  من قاعدة في مدينة سرت الاستراتيجية – بوابة حقول النفط الرئيسية في البلاد- فيما أعلنت تونس عن أملها بصدور قرار أممي بشأن ليبيا في أسرع وقت ممكن.

وسبق أن أعلن مجلس الأمن الدولي خلال شهر يونيو 2020  تمديد قرار 2473 تفتيش السفن التي يشتبه بانتهاكها حظر الأسلحة المفروض على ليبيا منذ عام 2011 ضمن المهمة الأوروبية “إيريني” ولمدة 12 شهرا، ويطلب إلى الأمين العام أن يقدم تقريرا حول تطبيقه إلى مجلس الأمن في غضون 11 شهرا.

ويرتبط قرار السماح بعمليات التفتيش في عرض البحر بقرارات أخرى بينها القراران 2292 و2146، ورحبت  بعض الدول والأطراف الدولية، بعروض الدعم المحتمل لآلية المراقبة من منظمات إقليمية من بينها الاتحاد الأفريقي، والاتحاد الأوروبي، والجامعة العربية.

ورغم أن الأمم المتحدة ما زالت  تبحث تفاصيل إرسال مراقبين دوليين لمراقبة وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه قبل أشهر في ليبيا، أكد الاتحاد الأوروبي يوم 13 يناير 2021 تسلمه طلبا رسميا من الأمين العام أنطونيو غوتيريش من أجل مساهمة خبراء أوروبيين في آلية المراقبة هذه.

وقال المتحدث الرسمي الأوروبي بيتر ستانو، إن الاتحاد يبحث مع الشركاء صيغ المشاركة والحاجات الدقيقة المتصلة بعملية مراقبة وقف إطلاق النار. 

وبحسب ما ورد في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة إلى مجلس الأمن في 30 ديسمبر 2020، والذي اقترح فيه ترتيبات لدعم وقف إطلاق النار من خلال إنشاء وحدة مراقبة كجزء من بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، فمن المتوقع إرسال عدد محدود من المراقبين المحايدين.

الاتحاد الأوروبي يؤكد على الخيار السياسي

صرح المتحدث الأوروبي ـ  بيتر ستانو،  يوم 13 يناير 2021 – الذي رد معلقا على الوضع في ليبيا ورفض رئيس حكومة الوفاق الوطني فائز السراج لمقترحات مصر لحل الأزمة الليبية- قائلا إن “الوضع على الأرض يتغير باستمرار، وموقفنا واضح ولم يتغير نحن دائما نكرر دعوتنا لإيقاف فوري لإطلاق النار وإيقاف الصراع والعودة للحل السياسي لجميع الأطراف”.

وتابع ستانو: “ليس هناك حل عسكري للأزمة، فقط الحل السياسي هو الحل الوحيد”.

جدد الاتحاد الأوروبي مطالبته بوضع حد للقتال في ليبيا وأبدى تصميمه على تطبيق حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة على ليبيا، وتعهّدت المهمة البحرية الجديدة للاتحاد الأوروبي المكلّفة بمنع تدفّق الأسلحة بحرا إلى ليبيا “إيريني” بمشاركة البارجة الفرنسية جان بار وطائرة للمراقبة البحرية تتبع لوكسمبورغ.

ترحيب أمريكي

وقال السفير الأمريكي في ليبيا ريتشارد نورلاند في حديث لوسائل الإعلام في الأول من سبتمبر 2020، إن “وقف إطلاق النار واستئناف إنتاج النفط تمثل تطورات إيجابية للغاية”، حيث شجع السفير الأمريكي القادة في ليبيا على هذه المبادرة، وأعرب عن قلق الولايات المتحدة بشأن النقص الحاد في الكهرباء، لا سيما في ظل تفشي جائحة كورونا بشكل متزايد، معبرا عن دعمه لحق المواطنين بالمشاركة في الاحتجاجات السلمية.

كما حث القادة الليبيين على العمل معا لتلبية الاحتياجات الملحة للشعب واغتنام هذه الفرصة السانحة للبلاد.

المبادرة المصرية  

تضمنت المبادرة المصرية  خلال شهر يونيو 2020 عددا من البنود، شملت وقف إطلاق النار في ليبيا، وإلزام كل الجهات الأجنبية بإخراج المرتزقة الأجانب، وتفكيك الميليشيات وتسليم أسلحتها. إضافة إلى استكمال أعمال مسار اللجنة العسكرية “5+5” في جنيف، برعاية الأمم المتحدة .

وشملت مبادرة مصر قيام كل إقليم من الأقاليم الثلاثة “برقة وفزان وطرابلس” بتشكيل مجمع انتخابي، يتم اختيار أعضائه من مجلسي النواب والدولة الممثلين لكل إقليم إلى جانب شيوخ القبائل والأعيان، مع دعوة الأمم المتحدة للإشراف على المجمعات الانتخابية بشكل عام لضمان نزاهة سير العملية الخاصة باختيار المرشحين للمجلس الرئاسي، وحصول كل إقليم على عدد متناسب من الحقائب الوزارية، طبقا لعدد السكان بعد التوافق على أعضاء المجلس الرئاسي الجديد وتسمية رئيس الحكومة.

التنافس الأوروبي والروسي ـ سياسة دفاعية

يقول الباحث الليبي المختص بالشؤون السياسية والاستراتيجية محمود إسماعيل الرملي في حوار “لسبوتنيك”: أعتقد أنه عندما لاح للأوروبيين أن روسيا تدخلت بشكل فاعل في الأزمة الليبية مع تركيا، وظهر أن لديها إمكانية لحلحلة الوضع في ليبيا، حاول الأوروبيون منع انتقال الملف من الغرب إلى روسيا وتركيا. 

وأضاف أن الأوروبيين يحاولون قدر الإمكان التشبث بمصالحهم دون العبء بليبيا، والتي ستدفع ضريبة كبيرة نتيجة لذلك، ولكن ما هو الوجه القانوني لذلك، وما الذي ستفعله هذه القوات فالليبين يحاولون قدر الإمكان حل الإشكال، من خلال ما تم طرحه في موضوع إطلاق النار.

 وتقول الدكتورة هالة الساحلي، خبيرة الشأن الأوروبي: من وقت بدء عملية البريكست وضع الأوروبيون سياسة دفاعية أمنية جديدة، وهي تقوم على وضع نواة جيش أوروبي، وهي محاولة أوروبية لخلق قوات عسكرية دائمة قادرة على التدخل خارج القارة الأوروبية للحفاظ على الحدود الأوروبية من جهة البحر الأبيض المتوسط وأوروبا الشرقية، وفي هذا السياق، أكدت المفوضية الأوروبية، يوم الثامن من يونيو 2020 ، أنه لا بديل عن نتائج مؤتمر برلين لحل الأزمة الليبية.

الخلاصة

ما زالت الأزمة الليبية تحتل صدارة أجندة أعمال دول أوروبا عى المستوى الوطني ومستوى الاتحاد الأوروبي، ويعود ذلك إلى تداعيات الأزمة على أمن دول أوروبا، التي لا تبعد أكثر من 200 كلم عن الشواطئ الليبية. 

ومن الممكن وصف الموقف الأوروبي تجاه الازمة في ليبيا بأنه ما زال موقفا ضعيفا، فالأزمة في ليبيا من المرجح أن تشهد تعقيدا أكثر، وممكن أن تستغرق وقتا أطولا، طالما هناك اطراف إقليمية ودولية تتقاطع مصالحها على الأرض الليبية، رغم ما تبذله دول أوروبا والأمم المتحدة من مساعي، ويعود ذلك إلى وجود جماعات مسلحة تسيطر على المشهد الأمني والسياسي، في ليبيا، أما قدرات وإمكانيات الاتحاد الأوروبي العسكرية الضعيفة فلا تسمع بالتدخل لفرض الخيار السياسي، ومخرجات مؤتمر برلين واحد واثنين.

ربما يعجبك أيضا