خسائر وتحديات بأفق الاقتصاد الأكبر عالميًا.. والسبب ترامب!

كتب – حسام عيد

في دولة تصنف بأنها القطب الاقتصادي الأضخم والأول عالميًا، والمستقبل الأكبر للاستثمارات الأجنبية المباشرة منذ عام 2005 بفضل سياسة «الباب المفتوح» التي تكفلها بيئتها التشريعية والتنفيذية بما يتواءم مع أمنها القومي، تفاجأ العالم أجمع بما حدث ولا يزال قائمًا، من مشهد فوضوي عارم أمام مبنى الكابيتول وهو المقر الرئيسي للسلطة التشريعية الفيدرالية “الكونجرس” في الولايات المتحدة الأمريكية، وصل إلى حد اقتحام باحات وقاعات الكونجرس، أداره الرئيس الجمهوري دونالد ترامب اعتراضًا على نتائج الانتخابات الرئاسية التي أفضت إلى فوز المرشخ الديمقراطي جو بايدن.

ورغم تصويت مجلس النواب في سابقة تاريخية على عزب الرئيس دونالد ترامب للمرة الثانية خلال ولايته الرئاسية، -ستنقل الاتهامات الموجهة له إلى مجلس الشيوخ للمصادقة عليها- يبدو أن الأمور لن تهدأ مع تصاعد التحذيرات من تجدد الشغب والاحتجاجات مع توعد مجموعة مسلحة بإفشال مراسم تنصيب الرئيس المنتخب جو بايدن.

مشهد غير مسبوق أدى لاهتزاز ثقة المستثمرين حتى ولو كانت لحظية، وبطبيعة الحال قامت العديد من الشركات بحجب وتعليق مساهماتها وتبرعاتها للمشرعين الأمريكيين الذين صوتوا ضد التصديق على انتخاب جو بايدن فيما تزيد البنوك من تضييق الخناق على ترامب.

أحداث متسارعة وشغب منذ بداية 2021

وبإلقاء النظرة على أبرز التطورات التي شهدها العالم مؤخرًا في الولايات المتحدة الأمريكية، رصدنا ما يلي:

– في السادس من يناير شهد الكونجرس جلسة مشتركة لمجلسي النواب والشيوخ للتصديق على فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن، كرئيس للولايات المتحدة.

– بعض الأصوات المؤيدة لترامب بالكونجس أثارت اعتراضًا ولم تصادق على انتخاب جو بايدن كرئيس للولايات المتحدة.

– اقتحام مبنى الكابيتول ووقوع أعمال عنف وشغب واحتجاجات غير مسبوقة بمحيطه وكذلك داخل باحات وقاعات الكونجرس، والتي خلفت 5 وفيات.

ردة فعل غاضبة للشركات

وعلى الفور، قامت العديد من الشركات الأمريكية والعالمية بتعليق تبرعاتها المالية للسياسيين الذين رفضوا المصادقة للسياسيين الذين رفضوا على المصادقة على فوز جو بايدن بالانتخابات الرئاسية.

السبب الرئيسي هنا يعود إلى التعدي على الديمقراطية وإثارة الفوضى التي لم تشهدها، ربما منذ سنوات عديدة، الولايات المتحدة الأمريكية.

ويتم جمع هذه التبرعات والمساهمات المالية لأعضاء الكونجرس والسياسيين المساندين لقضايا تلك الشركات ماديًا، ما يعني وجود مصالح مشتركة بين السياسي الحاصل على تلك التبرعات والشركات الخاصة في العديد من المجالات.

ويبلغ الحد الأعلى لتلك المساهمات قيمة الـ5آلاف دولار لكل متبرع خلال العام.

ووصل إجمالي المساهمات المالية 5% من إجمالي تبرعات بعض الشركات لانتخابات العام 2020.

وقد بلغت قيمة تبرعات الشركات خلال الدورة الانتخابية الأخيرة ما يقارب من الـ91 مليون دولار لأعضاء مجلس النواب، و27 مليون دولار لأعضاء مجلس الشيوخ.

مع العلم أن الحملات الانتخابية للعام 2020، حطمت أرقامًا قياسية حيث أنفق المرشحون للرئاسة والكونجرس ما مجموعه أكثر من 14 مليار دولار أي أكثر من ضعف التكلفة التي شهدنهاها في العام 2016.

وقد قامت العديد من شركات التجزئة والطاقة والتكنولوجيا والترفيه والفنادق ومؤسسات المال والأعمال العالمية والأمريكية، مثل؛ مورجان ستانلي، ماريوت، بوينج، كوكاكولا، وول مارت، بي بي للطاقة، وإيه تي آند تي، بوقف تبرعاتها ومساهماتها المالية السياسية.

البعض أقر التبرعات السياسية بشكل فوري، لكن هناك من قال إن وقف التبرعات لكلا الحزبين (الجمهوري والديمقراطي) لمدة محدودة وستكون مؤقتة مع الأخذ في الاعتبار محادثات الكابيتول مستقبلًا بشأن التبرعات للانتخابات المقبلة بعد العام 2021.

والهدف من ذلك هو تحقيق التوازن بين المصالح السياسية وأهداف الشركات الكبرى.

تكلفة باهظة بسبب ترامب

وبعد كل هذه التطورات من احتجاجات وأعمال شغب وتصريحات متتالية لدونالد ترامب، قامت شركات التكنولوجيا بمقاطعة حسابات الرئيس الأمريكي، كـ”تويتر” التي حذفت حساب الرئيس، لتخسر بعدها 5 مليارات دولار من قيمتها السوقية، حيث هوى سهم تويتر المدرج في ألمانيا 8%، في أولى جلسات الأسبوع، بعد أن أوقفت الشركة نهائيًا، حساب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

وقالت الشركة إن تعليق حساب ترامب، الذي له ما يربو على 88 مليون متابع، جاء بسبب خطر المزيد من العنف، وذلك بعد اقتحام مبنى الكونجرس الأمريكي.

وانخفض سهم شركة التواصل الاجتماعي المدرج في الولايات المتحدة 8% أيضًا، في تعاملات هزيلة.

سناب شات، فيسبوك، يوتيوب، انستجرام، بدورهم، قاموا بتشديد الخناق على حسابات ترامب ومنعت النشر لتفرة محددة.

وأبرز القرارات الحازمة من القطاع المالي، إيقاف دويتشه بنك أنشطته في المستقبل مع ترامب وشركاته، وتصل قيمة المحفظة الاستثمارية النوعية 340 مليون دولار.

تحديات كبيرة

من جانبه، حذر رافائيل بوستيك رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا، من أن استمرار العنف السياسي سيشكل «تحديًا كبيرًا» للاقتصاد الأمريكي الذي ما زال يلملم نفسه من جائحة فيروس كورونا “كوفيد-19”.

وفي إشارة إلى أحداث الشغب التي أغلقت لفترة وجيزة الكونجرس الأمريكي الأسبوع الماضي، قال بوستيك «أي شيء من شأنه أن يهدد ممارسة العملية الديمقراطية هو مهم للغاية ويجب أخذه على محمل الجدية وإذا استمر ذلك (العنف اسياسي) فانه سيكون تحديًا كبيرًا للاقتصاد. لكن حتى اليوم فإن مؤسساتنا الديمقراطية صامدة… أنا متفائل بأن ذلك سيستمر بما يجعلنا لا نواجه السيناريو الأسوأ».

وقال بوستيك أيضًا إنه لا يستبعد أن يعود معدل البطالة في الولايات المتحدة إلى مستوى منخفض عند 3.7%.

ربما يعجبك أيضا