عودة «الدكتور سين» ذراع القاعدة الإعلامي تؤرق منام بريطانيا

دعاء عبدالنبي

كتبت – دعاء عبدالنبي

“عادل عبدالباري عاد بيننا. قد مُنح فرصة أخرى لكي يصبح مواطنًا صالحًا أو فرصة أخرى لإحداث الفوضى” هكذا عبرت صحيفة “ديلي ميل” البريطانية عن قلقها، بعدما رصدته الكاميرات خارج منزله في لندن، ليثار الجدل مُجددًا حيال الإفراج عن المتحدث باسم زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، ويثير مخاوف عودة الإرهاب في ظل الحركات المشبوهة للجماعات المتطرفة في بريطانيا.

من هو الدكتور سين؟

عادل عبدالباري الذي يحمل الجنسية البريطانية، كان واحدًا من قيادات جماعة الجهاد الإسلامي المتورطة في اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات، وكان له دورًا في قضية “العائدون من ألبانيا” وقضية خان الخليلي.

اسمه عادل عبدالمجيد عبدالباري نشأ في مصر من مواليد 1960 انضم لصفوف الجماعة الإسلامية في نهاية السبعينيات واعتقل في بداية الثمانينيات وخرج في العام 1985 حيث حصل على ليسانس الحقوق.

أثناء فترة سجنه درس القانون، وعندما سمح له بالسفر عام 1991 إلى الولايات المتحدة لتمثيل الجماعة قانونيًا، توجه بدلًا من ذلك إلى لندن، وتقدم بطلب اللجوء السياسي.

منحته بريطانيا وضع اللاجئ في 30 مارس عام 1993، وفي عام 1997 حصل على إذن بالبقاء لأجل غير مسمى كلاجئ.

وفي هذا الوقت، انضمت إليه زوجته وأطفاله الثلاثة، وأنجب الزوجان ثلاثة أطفال آخرين في لندن.

وبحلول فبراير 1998، اندمجت جماعة “الجهاد” مع “القاعدة”، وبدآ سويًا استهداف المدنيين الأمريكيين، بدأت بتنفيذ تنظيم القاعدة تفجيرًا خارج السفارات الأمريكية في نيروبي وكينيا ودار السلام وتنزانيا الذي أدى حينها إلى مقتل 224 شخصًا.

بعد ذلك، اتهمه القضاء الأمريكي بالتورط في هجومي تفجير السفارتين، حيث كان عبدالباري الذي كان يحمل شهادة الحقوق، حينها ناطقًا باسم تنظيم القاعدة ومستشارًا سياسيًا له أو كما يطلق عليه في الغرب “الدكتور سين”.

اعتقلته لندن عام 2000، قبل تسليمه إلى واشنطن عقب معركة قانونية طويلة، وحكم عليه في 2015 بالسجن 25 عاماً، بعد اعترافه بثلاث تهم منها التآمر لقتل أمريكيين بالخارج، ولكن جرى تخفيض المدة إلى 16 عاماً.

لكن في ديسمبر الماضي، أفرجت السلطات الأمريكية عن عبد الباري (60 عامًا) بعد قرار قضائي بإطلاق سراحه مبكرًا بسبب حالته الصحية، إذ أثار محاموه احتمال إصابته بفيروس كورونا المستجد.

وقال محاميه الأمريكي: “بعد كل هذا الوقت، كل ما يريده عبد الباري هو الاستمتاع بحياة هادئة مع عائلته”، بعد عودته إلى لندن.

اتهامات لا حصر لها

وإلى جانب تورطه في هجوم السفارتين الأمريكيتين في تنزانيا ودار السلام في 1998، خطط  عبد الباري لضرب السياحة المصرية واتهم بالتمويل والتخطيط لعملية انتحارية في منطقة خان الخليلي غرب القاهرة التي تكتظ بالسياح عبر إرسال سيارة مفخخة لتفجير المنطقة واستهداف حافلتين تقل سياحًا أجانب وقتل أكبر عدد ممكن من السياح الإسرائيليين والأميركيين.

وفي العام 1999 صدر ضده حكم من المحكمة العسكرية بالأشغال الشاقة المؤبدة في قضية “العائدون من ألبانيا” وهي القضية التي حوكم فيها 107 من قيادات جماعة الجهاد أمام المحكمة العسكرية العليا اتهم بالتخطيط والتنفيذ لعمليات مسلحة في مصر وخارجها، حيث اعترف عليه أحد المتهمين بأنه كان يمدهم بالمال اللازم لتنفيذ العمليات وتزوير جوازات السفر.

وبحسب تصريحات عمرو عبدالمنعم، الباحث في ملف الحركات الإسلامية لـ”العربية نت” ، فإن عبدالباري اتهم في قضية طلائع الفتح عام 1993 ومحاولة اغتيال رئيس الوزراء الأسبق عاطف صدقي، وسافر إلى أفغانستان عام 1995 وهناك اقترب من الجهادي المصري محمد إبراهيم المكاوي الملقب بسيف العدل، ومن خلاله تعرف على أسامة بن لادن زعيم القاعدة واضطلع بدور كبير في تفجير السفارتين الأمريكيتين في نيروبي ودار السلام في العام 1998.

مخاوف أمنية

باتت عودة الإرهابيين وإطلاق سراحهم مصدر قلق كبير للأجهزة الأمنية البريطانية التي تعاني من انتشار الحركات المتطرفة وعملياتها الاستباقية التي تستهدف الأمن القومي.

وفي هذا السياق، علمت صحيفة “ديلي ميل البريطانية أن “جهاز الاستخبارات البريطاني (إم أي 5) وشرطة العاصمة لندن غير متفائلين بعودة الإرهابي إلى المدينة”.

وكانت الصحف البريطانية قد انتقدت في وقت سابق قرار لندن استقبال الإرهابي المدان وتقديم المساعدات له من أموال دافعي الضرائب.

وانتقدت “ديلي ميل” كل الذين دافعوا عن الإرهابي المدان بوصفه “محاميًا لحقوق الإنسان” أو “سجين رأي”، من اليسار البريطاني إلى منظمة العفو إلى حكومة المحافظين، التي منحته اللجوء السياسي في بريطانيا في التسعينيات.

وكشفت الصحيفة أنه يعيش مع عائلته في منزل يبلغ ثمنه أكثر من مليون و300 ألف دولار، مشددة على أن العائلة كانت تتلقى إعانات قدمتها الحكومة البريطانية.

فيما اعتبرت صحيفة «ذا صن»، أن عودة عبدالباري إلى لندن تمثل مصدر قلق للداخلية البريطانية، التي أكدت أنها عازمة على تخليص البلاد من التهديدات الإرهابية. وقالت: إن عبدالباري قد يطالب بكثير من المزايا؛ منها المراقبة الأمنية لسلامته، ما يكلف دافعي الضرائب في المملكة المتحدة مبالغ طائلة.

وهنا ختمت الصحيفة بنبرة ساخرة أن “التأثير الإيجابي” لعادل عبد الباري تجلى في انضمام ابنه، عبد المجيد، إلى صفوف تنظيم داعش في سوريا قبل أن تعتقله السلطات الإسبانية في طريق عودته إلى أوروبا.

من جهتها، كانت السلطات البريطانية قد رفعت مستوى التهديد الإرهابي في المملكة إلى درجة الخطيرة على خلفية الهجوم الذي ضرب العاصمة النمساوية فيينا والعمليات التي شهدتها مؤخرًا فرنسا.

يأتي ذلك في الوقت الذي تزايدت التهديدات و المخاطر الإرهابية في بريطانيا خلال السنوات الأخيرة، الأمر الذي ألزم السلطات البريطانية على وضع استراتيجيات و برامج محلية و قومية بهدف محاربة التطرف والإرهاب، لكن رغم الجهود المبذولة إلا إنها لم تكن بالقدر الكافي في ظل التحركات المشبوهة للكثير من العناصر المتطرفة داخل بريطانيا وعجز الأجهزة الأمنية والاستخباراتية في توقع الهجمات.

ربما يعجبك أيضا