إيران.. بوابة قيادات تنظيم القاعدة

جاسم محمد

رؤية ـ جاسم محمد

ما زال الجدل قائما داخل الولايات المتحدة حول علاقة تنظيم القاعدة بإيران، رغم أن تحقيقات 11 سبتمبر 2001، كشفت بأن طهران منحت أراضيها إلى بعض المتورطين في أحداث 11 سبتمبر والبعض الأخر حصل على التدريب على أراضيها، لكن وزير خارجية الولايات المتحدة  “مايك بومبيو” ، حسم الأمر بإعلانه يوم 12 يناير 2021، إن إيران أصبحت المقر الجديد للتنظيم.

قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو -في بيان نشره الموقع الإلكتروني للوزارة، يوم 12 يناير 2021- إن إيران باتت القاعدة الرئيسية الجديدة لتنظيم القاعدة، وأضاف أن الولايات المتحدة باتت لديها خيارات أقل في مواجهة التنظيم بعد أن تحصن داخل ذلك البلد.

وأكد بومبيو أن إيران منحت قادة القاعدة ملاذا آمنا وتقدم الدعم للتنظيم.

وهنالك أدلة عديدة لشراكة إيران والقاعدة وكانت هناك مئات الوثائق من قاعدة بيانات “هارموني  في وست بوينت” والوثائق الملغاة سريتها قد تم نشرها في الإعلام الأمريكي وتناولتها وسائل الإعلام العربية، حيث ذكرت أن إيران تمثل بوابة الخروج والدخول لتنظيم القاعدة من خلال امتدادها الجغرافي ما بين العراق وأفغانستان وباكستان.

رسائل بن لادن

نشرت الولايات المتحدة عدد من الوثائق خلال عام 2015 من بين أكثر من ستة آلاف تم العثور عليها في منزل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في أبوت آباد بباكستان أثناء العملية التي قتل فيها يوم 2 مايو 2011، وقالت إحدى الوثائق إنه بعد الغزو الأمريكي لأفغانستان عام 2001، فر بعض قياديو القاعدة وأسرهم إلى إيران، ووضعتهم السلطات هناك قيد الإقامة الجبرية، ثم أفرجت عن بعضهم ومن بينهم أفراد من أسرة بن لادن، وأبقت على آخرين . 

واعترف تنظيم القاعدة خلال شهر نوفمبر 2019  بمقتل أبومحمد المصري، أبرز قادة القاعدة في إيران، وبحسب ما جاء في بيان التعزية: “نعزي أمتنا الإسلامية باستشهاد الشيخ المجاهد المهاجر الأسير أبو محمد المصري بعد أكثر من ثلاثين عاماً من الهجرة والجهاد والأسر”، بحسب البيان، وهو اعتراف بوجود قيادات القاعدة في إيران.

مجلس إدارة القاعدة في إيران

عملت إيران على نقل العديد من مقاتلي القاعدة بينهم قيادات الخط الأول والقيادات الوسطى من تنظيم القاعدة المركزي، وأسست القاعدة في إيران عام 2002 مجلس إدارة تنظيمها بتكليف من بن لادن لدعم التنظيم في أفغانستان وباكستان، ويشمل أعضاء المجلس البارزين: عادل وسليمان أبو غيث، وأبو محمد المصري، وأبو حفص الموريتاني، سيف ذي العدل وقد كان حرس الثورة الإيراني الجهة المسؤولة عن المجلس وعلى عملية لم شمل عوائلهم.

كان من بين هؤلاء أبوالخير المصري “نائب الظواهري”، والذي قُتل بقصف من طائرة من دون طيار في مدينة إدلب في 2017، والأردني سامي العريدي زعيم تنظيم “حراس الدين”، والقائد العسكري إياد الطوباسي “أبوجليبيب الأردني”، قبل مقتله في 2019.

وقد استغلت إيران ضعف القاعدة ومطاردة الولايات المتحدة لها لتخضعها للمساومة والإقامة الجبرية لبعض قياداتها وهذا ما جعل العلاقة ما بين القاعدة وإيران شد وجذب وتجدر الإشارة هنا إلى مراسلات التنظيم التي كشفت عنها الإدارة الأمريكية في الذكرى الأولى لمقتل بن لادن شهر مايو 2011 . 

ووفقا لمعلومات وزارة الخزانة الأمريكية فإن المدعو ياسين السوري من مواليد 1982 هو الذي كان مسؤولا عن تمرير قيادات القاعدة وعوائلهم من وإلى إيران، ما دفع إيران مؤخرا إلى فرض الإقامة الجبرية عليه  كخطوة احترازية، لما يمثله من مصدر معلومات مهمة.

جغرافيا ، تمثل إيران ممرا مركزيا للقاعدة بين أفغانستان وباكستان والعراق واليمن بحرا، وما تملكه إيران من خزين بشري لمقاتلي القاعدة وقياداتها خاصة من الخط الأول دفع المراقبون لوصفها “بالاحتياطي ” الذي يسد استهلاك قيادات القاعدة في تلك الدول.

ومن بين قيادات القاعدة التي كانت في إيران ناصر الوحيشي زعيم القاعدة في اليمن -والذي سلمته إلى السلطات اليمنية- وقتل عام 2015 في عملية خاصة نفذتها قوات النخبة الأمريكية. 

وفي جانب آخر، قال أبوجندل -الحارس الشخصي لابن لادن سابقا- إن تنظيم القاعدة يقيم علاقة وصلات مع الحكومة الإيرانية لأن “عدوهما ” واحد وهو الولايات المتحدة الأمريكية.

وأكد : “هناك شخصيات في القاعدة تتابع ملف التعاون مع إيران مثل سيف العدل وأبو حفص الموريتاني ووجود شخصيات من القاعدة في إيران هو للتنسيق وهذا لا يعني أبدا أن القاعدة تقاتل وفق الطريقة والأجندة الإيرانية”. 

الخلاصة

باتت العلاقة بين إيران والقاعدة علاقة المزدوجة ومركبة تشترك في عدائهما للولايات المتحدة، وتقوم على استخدام عناصر تنظيم القاعدة وأذرع إيران المسلحة في دول المنطقة، من أجل تهديد الولايات المتحدة وحلفائها، وإيران تحرص على عدم الكشف أو الاعتراف باستقدامها لقيادات القاعدة على أراضيها، وهو الأمر الذي يعتبر انتهاكا لقرارات الأمم المتحدة المعنية بمكافحة الإرهاب . 

وتحمل الأمم المتحدة والولايات المتحدة والعالم جميعا مسؤولية ترك إيران تستقدم من تريد من قيادات تنظيم القاعدة والعمل بشكل مشترك في إدارة عدد من العمليات الإرهابية التي باتت تهدد الأمن الإقليمي والأمن الدولي.

بات مطلوبا من غدارة بايدن أن تطلب من إيران الكشف عن قيادات القاعدة وتسلم من هو مطلوب  أو متورط منهم في تنفيذ عمليات إرهابية، من جانب أخر الاتحاد الأوروبي، هو الآخر مطلوب منه الأمر نفسه خلال اجتماعات بروكسل مع إيران حول الملف النووي الإيراني.

ربما يعجبك أيضا