خطة الإنقاذ الأمريكية.. هل يواصل بايدن سياسة إضعاف الصين؟

كتب – حسام عيد

خلال الربع الثاني من عام 2020 الماضي، دخلت الولايات المتحدة الأمريكية رسميًا مرحلة الركود الواسع مع تسجيل اقتصادها الأكبر عالميًا، تراجع تاريخي في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 32.9%، وهو أكبر انخفاض في الناتج منذ بدأت الحكومة حفظ السجلات في 1947.

المؤسسات الأمريكية والعالمية الكبرى أوضحت أن الانكماش الكبير للاقتصاد الأمريكي يشكل انعكاسًا للاستجابة لوباء كوفيد-19، مع تدابير العزل التي فرضت في مارس وأبريل.

ومما يؤكد ضعف الأوضاع في سوق العمل في ظل تفاقم جائحة كوفيد-19 الذي يعرقل العمل في المطاعم والشركات، ارتفاع طلبات إعانة البطالة الأمريكية إلى 965 ألف طلب في الأسبوع المنتهي في 9 يناير 2021، وهو أعلى مستوى منذ أغسطس 2020.

تداعيات جميعها سلبية تنذر بآفاق عصيبة للاقتصاد الأمريكي خلال مرحلة التعافي المنشودة، الأمر الذي دفع الرئيس المنتخب جو بايدن للإعلان عن خطة إدارته الاقتصادية لمواجهة آثار جائحة كورونا. ورغم أن تلك الخطة يأمل منها بايدن إنعاش الاقتصاد الأمريكي وحركة رؤوس الأموال المتداولة، إلا أن الأسواق الناشئة، وتحديدًا في آسيا، تعتبر الخطة بمثابة خسارة اقتصادية كبيرة على المدى القريب.

خطة الإنقاذ والتعافي

هناك نحو 18 مليون أمريكي يعتمدون على إعانات البطالة، هكذا استهل جو بايدن حديثه من مقره في ويلمنتجون بولاية ديلاوير، عن حزمته التحفيزية المقترحة، بعنوان “خطة الإنقاذ الأمريكية”.

الرئيس الأمريكي المنتخب قال: إن خطته تتكون من مرحلتين هما الإنقاذ والتعافي، وإنها تتضمن إيصال 2000 دولار إلى الأميركيين بشكل مباشر.

وترتكز الخطة على حزمة إجراءات تحفيزية بقيمة 1.9 تريليون دولار تشمل المزيد من المساعدات للعاطلين والجياع والذين يواجهون خطر التشرد، ودعمًا إضافيًا للشركات الصغيرة والحكومات المحلية، وتوفير مساعدات للحكومات المحلية والولايات بقيمة 350 مليار دولار، و170 مليار دولار للمؤسسات التعليمية، و50 مليار دولار لاختبارات الفيروس.

وتم وصف هذه الحزمة باسم خطة الإنقاذ الأمريكية الضرورية لتلبية الاحتياجات الفورية والسيطرة على جائحة فيروس كورونا، كما يخطط بايدن لوضع خطة للتعافي الاقتصادي في الأسابيع المقبلة تهدف إلى خلق فرص عمل ومكافحة أزمة المناخ.

أبرز نقاط الخطة “الطموحة”

نستعرض فيما يلي أبرز النقاط الواردة في خطة “الإنقاذ الأمريكية” الطموحة، والتي تحتاج إلى التمرير من قبل الكونجرس لتدخل حيز التنفيذ.

تسريع اللقاحات وعودة المدارس.. 400 مليار دولار؛ تنص الخطة على تخصيص 20 مليار دولار لتسريع وتيرة اللقاحات بالشراكة مع السلطات المحلية، و50 دولار لزيادة عدد الفحوصات الطبية للكشف عن فيروس كورونا المستجد، و30 مليار دولار من أجل تأمين التجهيزات والمعدات والمستلزمات الوقائية ضد “كوفيد-19″، و10 مليارات دولار للاستثمار لمساعدة الصناعيين الأمريكيين على تصنيع هذه التجهيزات.

ويتمثل العنصر المهم الآخر في إعادة فتح المدارس، التي لا تزال مغلقة على نطاق واسع في الولايات المتحدة. وسيخصص مبلغ 170 مليار دولار لتضييق مساحة قاعات الصفوف وشراء عوازل للحماية وتحسين التهوية، وزيادة إمكانات النقل لخفض عدد التلامذة في الباصات.

دعم مباشر للعائلات وتعزيز إعانات البطالة؛ سيتم دفع شيكات جديدة، بقيمة 1400 دولار لكل شخص، وستمدد مهلة دفع إعانات البطالة التي ستزداد بقيمة 400 دولار أسبوعيًا لكل شخص، حتى 30 سبتمبر 2021، ما يجعل الإجمالي يبلغ 2000 دولار بالنظر لإقرار 600 دولار في الشهر الماضي.

الحد الأدنى للأجور 15 دولارًا في الساعة؛ ومن أبرز نقاط الخطة، وقد سبق أن تحدث عنها خلال حملته الانتخابية، زيادة الحد الأدنى للأجور، ليرتفع إلى أكثر من النصف ويصبح 15 دولارا في الساعة.

440 مليار دولار لمجموعات تضررت من كوفيد-19؛ تشمل الخطة أيضًا مساعدة الذين يعانون من الجوع حيث يستثمر 3 مليارات دولار لمساعدة النساء والرضع والأطفال على تأمين الغذاء، ومنح الأقاليم الأمريكية مليار دولار كمساعدات غذائية. وسيخصص صندوق بقيمة 25 مليار دولار لمؤسسات العناية بالأطفال الذين يعانون من الأزمة.

ويريد بايدن زيادة الائتمان الضريبي للأطفال، ودعم الأسر ذات الدخل المنخفض، ودعم أقساط التأمين الصحي وزيادة وتوسيع الإعانات المالية، وتوفير 4 مليارات دولار لخدمات الصحة العقلية واضطراب تعاطي المخدرات و 20 مليار دولار لتلبية احتياجات الرعاية الصحية للمحاربين القدامى.

كما سيوفر خمسون مليار دولار لمساعدة المؤسسات الصغيرة على الحصول على سيولة تحتاج إليها.

أسواق آسيا الناشئة “ضحية”.. الصين أكثر المتأثرين سلبًا

بايدن يأمل من “خطته التحفيزية” إنقاذ الاقتصاد الأمريكي وعودته لمسار النمو، لكن ذلك قد يكون على حساب الأسواق الآسيوية الناشئة، وتحديدًا الصين.

رئيس أبحاث الأسهم الآسيوية اليابانية السابقة في جي بي مورجان، جيمس سوليفان، رأى أن الأسواق الناشئة في آسيا قد تصبح ضحية نتيجة خطة إغاثة الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن الأخيرة البالغة 1.9 تريليون دولار.

وقال سوليفان: “كان معظم المستثمرين إيجابيين للغاية بشأن آسيا والأسواق الناشئة مقارنة بالولايات المتحدة” قبل الإعلان عن تفاصيل حزمة الإنقاذ الأخيرة”. وأضاف “لقد شهدنا أكثر من 18 أسبوعاً متتالياً من تدفقات الأموال إلى آسيا باستثناء اليابان على مدار الشهرين الماضيين”.

أضاف أنه “من المحتمل جداً” أن تبدأ الصناديق بالتناوب من الأسواق الناشئة في آسيا، والعودة إلى الولايات المتحدة نتيجة لدعم النمو الاقتصادي من خطة بايدن.

وقال سوليفان إن بنك جي بي مورجان توقع سابقاً انخفاضاً بمقدار نقطتين مئويتين في الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة نتيجة الافتقار إلى الحوافز المالية.

وتابع “لقد استوعبنا توقعاتنا لحزمة تحفيز مالي بقيمة 900 مليار دولار، أدت إلى الانتقال من 0.02% إلى ارتفاع 70 نقطة أساس إلى الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة”.

وختامًا، يمكن القول، إنه مع وصول خطة بايدن البالغة 1.9 تريليون دولار الآن بأكثر من ضعف المبلغ المتوقع من قبل جي بي مورجان، ستكون “مفاجأة إيجابية” للسوق وكذلك بالنسبة للمستويات الإجمالية للنمو الاقتصادي في الولايات المتحدة، لكنها ستكون مفاجأة ثقيلة بالأعباء والتكاليف الإضافية على الأسواق الصينية، ما يجعلها أول الأسواق التي ستتأثر سلبًا بهذا التحول.

ربما يعجبك أيضا