اللاجئون وداعش وأطماع الغاز.. أوراق تركية تمنع حلم العضوية بالاتحاد الأوروبي

عاطف عبداللطيف

كتب – عاطف عبداللطيف

تسببت سياسات الرئيس التركي رجب أردوغان وحزبه العدالة والتنمية الحاكم، في زيادة الأزمات بين أنقرة ودول الاتحاد الأوروبي، مما جعل حلم حصول تركيا على العضوية بعيد المنال وفي حكم المستحيل، لا سيما بعد أن سئمت دول “القارة العجوز” من سلوكيات الرئيس التركي، الأمر الذي دفع الاتحاد الأوروبي لفرض حزمة من العقوبات وإن كانت غير كافية.

لقد واجهت تركيا انتقادات كبيرة بسبب أنشطتها في التنقيب عن الغاز في مناطق متنازع عليها شرق المتوسط مع اليونان وقبرص، وهما عضوان في التكتل الأوروبي، بدأ الخلاف في يوليو الماضي مع إرسال تركيا سفينة استكشاف وزوارق من البحرية إلى مياه متنازع عليها، ما أثار غضب اليونان التي تنازع أنقرة السيادة على المنطقة البحرية في شرق المتوسط الغنية بموارد الطاقة بما في ذلك الغاز الطبيعي، وفقا لتقرير المفوضية الأوروبية التي تدير محادثات العضوية وتشرف عليها بالنيابة عن الدول الـ27 الأعضاء.

كما أسهمت زيارة أردوغان الأخيرة إلى جمهورية قبرص الشمالية، غير المعترف بها دوليًا، في تعزيز التوتر مع الاتحاد الذي لوّح مجددًا بفرض العقوبات. ويبرز أيضًا الخلاف حول جزر بحر إيجه بين تركيا واليونان كعامل أخير يسهم في إرباك علاقات أنقرة بالاتحاد الأوروبي، بحسب ما أوردت موقع الشرق الإلكتروني.

كما مثّل الصراع في إقليم “ناجورنو قره باغ” المتنازع عليه بين أذربيجان وأرمينيا ساحة أخرى للتوتر بين الاتحاد وأنقرة في ظل الاتهامات الموجهة للأخيرة بالتدخل عسكريًا في النزاع وإرسال مقاتلين أجانب لترجيح كفة أذربيجان.

وطالب النائب الهولندي في البرلمان، بيتر فان دالين؛ بتحرك أوروبي ضد أنقرة، وقال في تصريحات صحفية إن “أردوغان يريد إعادة إحياء الإمبراطورية العثمانية”، وأضاف: “لا يمكن وقف الرئيس التركي من خلال الكلام وإنما بعقوبات قاسية، حتى لا يكرر مذابح الأرمن التي وقعت عام 1915 في أواخر عهد الإمبراطورية العثمانية مرة أخرى”.

الملف الليبي

تعد ليبيا مصدرًا آخر للتوتر بين الجانبين، إذ يبدي الاتحاد الأوروبي استياءه من الدور التركي في ليبيا، ويعتبر أن التدخل العسكري التركي يعرقل التوصل إلى اتفاق سلام، كما انتقد مذكرة التفاهم بين حكومة أنقرة وحكومة المجلس الرئاسي الليبي برئاسة فائز السراج بشأن ترسيم الحدود البحرية، معتبرًا أنها تنتهك الحقوق السيادية للدول الأخرى.

كما اتهمت الإدارة الفرنسية، أنقرة بالإخلال بتعهداتها في مؤتمر برلين، وزيادة وجودها العسكري في ليبيا، واستيراد مقاتلين من سوريا.

123

أردوغان وماكرون

ومن أهم الأزمات التي تعوق التقارب التركي الأوروبي تلك التي نشبت بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورجب أردوغان بسبب الرسوم الكاريكاتورية المسيئة في فرنسا، أكتوبر الماضي.

 كما دعا أردوغان إلى مقاطعة السلع الفرنسية ردًا على الرسوم، ودفعت هذه المواقف فرنسا إلى الضغط على الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات على تركيا.

وأعلن وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أن الدعوة لمقاطعة المنتجات الفرنسية تتنافى مع الاتفاقات الدبلوماسية والتجارية الموقعة من جانب تركيا مع بروكسل، منددًا في الوقت ذاته بتصريحات أردوغان المسيئة ضد نظيره الفرنسي؛ معتبرًا أنها غير مقبولة وتبعد تركيا أكثر عن الاتحاد الأوروبي، بحسب ما أوردت سكاي نيوز عربية.

اللاجئون وداعش

ويمارس الرئيس التركي رجب أردوغان هوايته في التلاعب بالملفات، مثل ملف ورقة اللاجئين، و«داعش»؛ للضغط على أوروبا، وتحقيق أكبر مكاسب ممكنة.

وإلى حد كبير تمكن «أردوغان» من فرض سياسة الابتزاز، ففي عام 2016 جلس الرئيس التركي على مائدة واحدة مع قادة الاتحاد الأوروبي؛ لعقد اتفاق عُرف بـ«إعادة القبول»، يقضي بإنهاء تدفقات الهجرة غير الشرعية من تركيا إلى الدول الأوروبية، وضمان تحسين ظروف استقبال اللاجئين في تركيا؛ حيث يوجد على أراضيها 3.6 مليون لاجئ سوري، مقابل دعم بقيمة 6.7 مليار دولار.

حصلت تركيا بموجب هذا الاتفاق على مكاسب ومساعدات من الدول الأوروبية، وفي مقدمتهم المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا، تنعش الاقتصاد التركي المنهك، وتدفقت بالفعل 6.2 مليار دولار مساعدات من الاتحاد الأوروبي.

وأصبح اللاجئون السوريون ورقة الضغط الرابحة دائمًا في يد أردوغان، يلوح بها من وقت لآخر في وجه أوروبا، حال اعتراضها على خططه بشأن سوريا، وأفضت في النهاية إلى الوجود التركي في شمال سوريا، بعد ساعات من انسحاب القوات الأمريكية، إثر عملية “نبع السلام” التي شنها جيش أردوغان في 11 أكتوبر الماضي.

ويكفي الإشارة إلى أن أردوغان هدد أوروبا 3 مرات قبل عملية “نبع السلام” من أجل الأموال تارة، ومن أجل تبرير الحرب تارة أخرى، قائلًا: “لسنا بصدد طرد اللاجئين عبر إغلاق أبوابنا، لكن كم سنكون سعداء لو نستطيع المساعدة في إحداث منطقة آمنة (في سوريا) وننجح في ذلك”.

كما لجأت تركيا إلى استغلال تنظيم داعش الإرهابي في تهديد دول الاتحاد الأوروبي، بإعادة سجناء التنظيم الإرهابي إلى بلدانهم الأصلية في الدول الأوروبية مع سقوط التنظيم وهزيمته على الأرض في سوريا والعراق؛ ما يضع الدول الأوروبية في مأزق بالغ الخطورة أمام شعوبهم؛ لأنهم خطر على أمنها القومي، لا سيما أنها تعرضت لعدة هجمات إرهابية في السابق، لذا فليس أمامها سوى الرضوخ لابتزازه ترضية تركيا ماليًا لعدم تصدير عناصر داعش.

من الواضح أنه يتعين على تركيا انتظار الكثير كي تحظى بعضوية الاتحاد الأوروبي، بيد أن نيل المطالب ليس بالتمني، وهو ما يجعل سياسات أردوغان المرفوضة من قبل دول أوروبية كثيرة أبرزها فرنسا عائقًا كبيرًا في طريق تحقيق ذلك.

ربما يعجبك أيضا