للضغط على «بايدن» .. إيران تشرعن وجودها في المنطقة بمعاهدة دفاعية مع حلفائها

يوسف بنده

رؤية

يرى الأوروبيون أن العودة إلى اتفاق عام 2015 ليست كافية، لأنه لا يغطي قضايا مثل نشاط إيران العسكري غير النووي. وفي وقت سابق، قال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان لصحيفة فرنسية إنه حتى لو عاد الجانبان إلى الاتفاق النووي، فلن يكون ذلك كافيًا، وأضاف أنه ينبغي إجراء محادثات صعبة بشأن “برنامج إيران الصاروخي بعيد المدى” فضلًا عن “الأنشطة الإقليمية” لهذا البلد.

وقبل تسلم الرئيس الأمريكي المنتخب، جو بايدن، تحاول إيران فرض مزيد من الضغوط على الإدارة الجديدة؛ لتكون بمثابة أوراق تفاوض في المرحلة المقبلة.

وقد أشارت صحيفة “وطن امروز” إلى المناورات الأخيرة التي أجراها الحرس الثوري الإيراني بعد يوم من مناورات مماثلة للجيش، واعتبرت ذلك رسالة ذات معنى للولايات المتحدة الأميركية، وأن المناورات الأخيرة هي نقطة تحول في القدرات العسكرية والصاروخية لإيران.

وذكرت الصحيفة أن هذه المناورات كشفت عن قدرات وجهوزية إيران لضرب واستهداف القاذفات والسفن الحربية للولايات المتحدة الأمريكية في المياه الخليجية والمحيط الهندي.

وجاء في تقرير الصحيفة: “إن قدرات الحرس الثوري الأخيرة تدل على تحول استراتيجي في موضوع الصواريخ ضد السفن، فلم تقم دولة حتى الآن بالإعلان عن امتلاك صواريخ باليستية ضد السفن بهذا المدى”، مضيفة: “إن مدى 1800 كليومتر للصواريخ الجديدة يبين أن نطاقا واسعا من البحر المتوسط ومضيق البوسفور ومضيق الدردنيل ومضيق باب المندب وقناة السويس كلها أصبحت تحت نطاق صواريخ إيران الحربية”.

مناورات هجومية

كما أعلن الجيش الإيراني، اعتزامه إجراء مناورات «اقتدار 99» البرية الواسعة، اليوم الثلاثاء، على امتداد شواطئ مكران عند بحر عمان جنوب شرقي البلاد ليواصل بذلك سلسلة مناورات شاملة بدأها خلال الأسبوعين الأخيرين بالتزامن مع حشد الولايات المتحدة حاملة طائرات وقاذفات نووية بالمنطقة لردع أي تهديدات صادرة من طهران.

وقال قائد القوات البرية في الجيش الإيراني، العميد كيومرث حيدري، إن «المناورات هجومية ولها أهداف محددة، وتجري القوات البرية لأول مرة هذا النوع من المناورات»، مشيراً إلى أنها تأتي «بعد تغييرات شاملة في هيكلية وحدات القوات البرية للجيش».

ووسط هذه الأجواء المشحونة، وصلت قاذفات «B52» الأمريكية الاستراتيجية أمس الأول، للمرة الثانية خلال شهر، إلى المنطقة، ليحذر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف من استمرار طلعاتها في المنطقة، مؤكداً أن بلاده لم ولن تبدأ الحرب.

وخاطب ظريف، في تغريدة عبر «تويتر»، ترامب قائلاً «إذا كان الهدف من قدوم وطلعات قاذفاتك B52H هو تخويف إيران أو تحذيرها، فكان عليك صرف هذه المليارات من الدولارات لأجل صحة دافعي الضرائب» الأميركيين.

تحذير من واشنطن

وحسب تقارير صحفية، فقد أرسلت واشنطن لطهران رسالة حذرتها فيها من أن زيادة سقف التحديات على أمل الضغط على بايدن للتراجع عن الخطوات التي اتخذها سلفه الجمهوري دونالد ترامب بالملف النووي لن تجدي نفعاً، ويجب على إيران ألا تتصور أنها ستحقق مكاسب إضافية أكثر مما قرر فريق بايدن مسبقاً تقديمه مقابل العودة إلى تنفيذ الاتفاق النووي بحذافيره.

وحسب تقرير صحيفة الجريدة الكويتية، فقد قال مسؤول أمريكي، إنه إذا استمرت طهران برفع سقف التحديات، فهي تعلم جيداً أن الدول الأوروبية لن تكون قادرة على تحمل تصرفات إيران في عهد بايدن، لأن الظروف التي كانت سائدة خلال ولاية ترامب والخلافات على ضفتي «الأطلسي» لن تكون موجودة، ولن يحتاج بايدن للعودة إلى الاتفاق لتفعيل آلية الزناد التي تسمح بإعادة فرض كل العقوبات الأممية على طهران، بل قد تتولى الدول الأوروبية الأعضاء في الاتفاق، أي بريطانيا وفرنسا وألمانيا، بنفسها هذه المهمة، مما يعني أن طهران قد تصبح تحت العقوبات الأممية مع الإبقاء على العقوبات الأميركية.

وقال المصدر إن هذا الإنذار من فريق بايدن لطهران جاء بعد إعلانها قرار تصنيع معدن اليورانيوم والتجربة الصاروخية البالستية في المحيط الهندي، التي سقطت، بحسب فوكس نيوز، على بعد 100 ميل من حاملة الطائرات الأمريكية «نيمتز».

طريق الدبلوماسية

كما نقل المصدر عن المسؤول الأميركي قوله إن بايدن سيتبع سياسة الضغط على جميع دول المنطقة، للجلوس إلى طاولة المفاوضات، ربما بإشراف مجلس الأمن وأعضائه الدائمين، للوصول إلى صيغة تفاهم، مؤكداً أن إدارة بايدن لن تقبل استمرار النهج العدائي الإيراني تجاه إسرائيل، في حين بدأت الدول الإسلامية والعربية حل خلافاتها مع تل أبيب بشكل دبلوماسي.

وأكد المصدر أن بايدن مستعد للقيام بتخفيف الضغوط والعقوبات عن إيران بمجرد وصوله إلى البيت الأبيض، بما في ذلك السماح لإيران ببيع نسبة معينة من النفط (بحدود المليون برميل يومياً) وتحصيل أموالها، شريطة دخولها في معاهدة مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب (FATF)، وأن تكون جميع مصاريف الحكومة الإيرانية شفافة أمام المجتمع الدولي، مقابل تراجع طهران عن جميع خطواتها في نقض الاتفاق النووي.

وتابع: «أما رفع جميع العقوبات فسوف يتم بعد قبول إيران بوقف تهديداتها العسكرية لجيرانها، خاصة إسرائيل، إضافة إلى وقف تدخلاتها في شؤون الدول الأخرى في المنطقة، وتجفيف دعمها للميليشيات».

معاهدة دفاعية

بدأ مشرعون إيرانيون مساعي مثيرة للجدل لإبرام اتفاق دفاعي لما يسمى بـ «محور المقاومة» الذي يضم إيران وسوريا إلى جانب أحزاب وميليشيات في لبنان والعراق اليمن والأراضي الفلسطينية، مما سيعزز التدخل الإيراني في دول المنطقة. وفي محاولة استباقية لقطع الطريق أمام الدعوات الإقليمية والدولية لتضمين أي مفاوضات مرتقبة مع إدارة الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن بهدف إحياء الاتفاق النووي لملفي تدخلاتها في المنطقة وتسلحها الباليستي.

فقد أعلن النائب فی مجلس الشورى الاسلامی الإیراني (البرلمان) ابوالفضل أبوترابي عن إعداد مشروع قرار «المعاهدة الدفاعیة الامنیة لمحور المقاومة»، لافتا إلى أن العمل جار الآن لجمع التواقیع اللازمة لطرحه للمناقشة والتصویت.

وقال أبوترابي، في تصريحات أمس، إن مشروع القانون ينص على أنه في حال هاجمت إسرائيل أحد أطراف «جبهة المقاومة»، في إشارة إلى الجماعات والفصائل المتحالفة مع طهران والحكومة السورية، أو أقدمت على اتخاذ إجراء ضده فإنه يتوجب على أعضاء المعاهدة بذل كل مساعيهم من النواحي العسكرية والاقتصادية والسياسية لدرء الخطر بصورة كاملة.

وأوضح أن الملحق الأول لمشروع القانون يتضمن تعريف «حركات التحرر» بأنها «الحركات التي تحظى بتأييد المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني».

وأشار إلى أن المحلق الثاني لمشروع القانون المرتقب يتضمن أن «النظام التأسيسي حول مكان الأمانة والنفقات وتقسيم العمل بين الأجهزة يتم إعداده والمصادقة عليه من قبل أمانة المجلس الأعلى للأمن القومي».

ويتألف القانون من مادة واحدة نصها: «أن جميع الدول مع حركات التحرر الأعضاء في المعاهدة، فيما لو هاجم الكيان الصهيوني الغاصب أراضي أياً منها فإنه يتوجب على جميع الأعضاء تقديم الدعم الشامل من النواحي الاقتصادية والعسكرية والسياسية حتى درء الخطر».

من ناحيته، انتقد رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، اللواء محمد باقري، أمس، المساعي للتفاوض مع واشنطن، واعتبر أن «الجلوس إلى طاولة واحدة، وشرب فنجان من القهوة، وتبادل الابتسامات لن يغير من الأمر شيئا»، مضيفاً: «إذا تصور أحد أن أميركا والكيان الصهيوني وسائر أعداء الشعب الإيراني سيغيرون نهجهم فهو مخطئ تماماً ويتصور عبثاً».

وجاء الإعلان عن الخطوة الإيرانية التي يتوقع أن تتسبب في إثارة انتقادات حكومات وأطراف إقليمية خاصة في العراق ولبنان بالتزامن مع نفي مدير مكتب الرئيس الإيراني، محمود واعظي، أن تكون طهران على تواصل مع الإدارة الأميركية الجديدة من أجل إحياء الاتفاق النووي.

ربما يعجبك أيضا