وريث إمبراطورية «سامسونج» إلى السجن.. تداعيات ومآلات

كتب – حسام عيد

بعد إقرار إدانته بالفساد، عاد لي جاي يونج، وريث إمبراطورية شركة سامسونج، إلى السجن لمدة عامين ونصف العام؛ لتورطه في فضيحة فساد عام 2016.

وجاء حكم محكمة الاستئناف في سول على لي جاي يونج نائب رئيس مجلس “سامسونج إلكترونيكس”، أكبر مُصنع للهواتف الذكية ورقائق الذاكرة، في إعادة المحاكمة المتعلقة بقضية الرشوة والاختلاس المرتبطتين بالفضيحة، التي أسقطت الرئيسة الكورية الجنوبية بارك كون-هيه، وبذلك تم وضعه خلف القضبان للمرة الثانية بعد أقل من 3 سنوات من إطلاق سراحه عند الحكم السابق عليه الذي صدر مع وقف التنفيذ.

وقالت محكمة سول المركزية في قرارها إن لي “قدم فعلًا رشى لمسؤولين لضمان انتقاله للخلافة بسلاسة” على رأس المجموعة الضخمة.

وأضافت “من المؤسف جدًا أن سامسونج، الشركة الرائدة في البلاد والمبتكر العالمي، ضالعة بشكل متكرر في جرائم كلما كان هناك تغيير في السلطة السياسية”.

ويدير الأعمال اليومية لشركة سامسونج جيش من المديرين، وغياب لي يعني أنه  قد يعرقل أو يعقد التحركات والاستثمارات الاستراتيجية طويلة المدى.

سامسونج وجرائم المصالح السياسية

وجه المدعون الخاصون في كوريا الجنوبية الاتهام إلى لي في أوائل عام 2017 بتهمة الفساد، زاعمين أن سامسونج قدمت خيولًا ومبالغ أخرى إلى أحد المقربين من الرئيس السابق لكسب الدعم.

أثارت القضية الرأي العام ضد التكتلات القوية في البلاد، أدين لي في البداية وحُكم عليه بالسجن خمس سنوات، لكن العقوبة خُففت إلى النصف ثم أوقفت في عام 2018 وأُطلق سراحه من السجن.

إلا أن المحكمة العليا نقضت في أغسطس 2019  قرار المحكمة الابتدائية وأمرت بإعادة المحاكمة.

وتمحورت القضية حول ملايين الدولارات التي زُعم أنها دفعت من مجموعة سامسونج للحكومة بما في ذلك ضمان انتقال لي ليخلف والده المريض.

وسلطت الفضيحة الضوء على العلاقات المشبوهة بين الشركات الكبرى والسياسة في كوريا الجنوبية واتهمت الرئيسة المخلوعة بتلقي رشاو من كبار الشخصيات في الشركات في مقابل معاملة تفضيلية.

تحايل وفساد

وحكمت المحكمة على لي، نائب رئيس شركة سامسونج للإلكترونيات، بالسجن بتهمة تقديم رشوة إلى بارك، التي كانت رئيسة البلاد آنذاك، وصديقتها المقربة تشوي سون – شيل، لكسب دعم الحكومة للانتقال السلس للسلطة الإدارية في سامسونج من والده إليه.

وعزلت “بارك” في وقت لاحق من الرئاسة بتهمة الفساد وإساءة استخدام السلطة، وفي الأسبوع الماضي، أيدت المحكمة العليا حكمًا بالسجن لمدة 20 عامًا على “بارك” بتهم الرشوة وإساءة استخدام السلطة، وحُكم على “تشوي” بالسجن لمدة 18 عامًا بتهم من بينها إساءة استخدام السلطة والإكراه والرشوة، في يونيو الماضي، وقد اتهم لي –البالغ من العمر 52 عامًا– بتقديم رشوة بقيمة 29.8 مليار وون (27.4 مليون دولار أمريكي)، ووعد بتقديم المزيد.

وذكرت المحكمة -فيما يتعلق بالسجن لمدة تقل عن 3 سنوات-وهو أقل بكثير من التسع سنوات التي طالبت بها النيابة العامة- أنها أخذت في الاعتبار وضع لي، موضحة أنه ربما يكون قد وجد صعوبة بالغة في رفض طلب الرشوة من الرئيسة.

مخاطر وتداعيات

واصلت سامسونج أعمالها إلى حد كبير كالمعتاد خلال التحقيق الذي استمر لسنوات، ولم ينزعج المستثمرون في الغالب.

وقد سجلت أسهم سامسونج إلكترونيك ارتفاعات جديدة طوال عام 2020 بعد أن أدى فيروس كورونا إلى زيادة الطلب على شريحة الذاكرة والهواتف الذكية، متحديًا تدقيق الادعاء والتحقيقات مع أكثر من 100 مسؤول في المجموعة.

ومع ذلك انخفض سهمها بنسبة 4% بعد الحكم الصادر في 18 يناير 2021.

ويشكل سجن “لي” مصدر قلق أكبر لشركة سامسونج لأن غيابه سيجعل من الصعب اتخاذ قرارات رئيسية، مثل عمليات الدمج والاستحواذ أو الاستثمارات غير العادية.

وتعد سامسونج أكبر إمبراطوريات الأعمال التي تسيطر عليها عائلات في كوريا الجنوبية، ويبلغ حجم أعمالها ما يصل إلى خمس الناتج المحلي الإجمالي وهي بغاية الأهمية للاقتصاد الكوري الجنوبي، وكان نجاحها مدفوعا بالرغبة في استثمار المليارات في رهانات استراتيجية على تقنيات محورية.

من جانبه، قال اتحاد الصناعات الكورية في بيان “نظرًا إلى حصة “سامسونج” في الاقتصاد الكوري ومكانتها كشركة عالمية، يخشى أن يؤثر الحكم سلبًا في الاقتصاد الكوري عموما”.

وأضاف أن لي “كان يساعد في الحفاظ على الاقتصاد الكوري وعدم انهياره من خلال الاضطلاع باستثمارات جريئة، وإيجاد فرص العمل في خضم الأزمة الاقتصادية بسبب فيروس كورونا”.

وقد سجلت “سامسونج إلكترونيكس” ارتفاعًا بأكثر من 25% في الأرباح التشغيلية للربع الرابع من عام 2020، وذلك يعود، بحسب الشركة، إلى فوائد العمل عن بعد الذي فرضه الوباء، الذي عزز الطلب على الأجهزة، التي تعمل برقائقها.

ويتوقع محللون استقرار الشركة في 2021، مع استمرار الطلب على رقائق الذاكرة، التي تطورها المجموعة.

ربما يعجبك أيضا