الترحيل القسري للسوريين في ألمانيا والتماهي مع اليمين المتطرف

جاسم محمد

رؤية ـ جاسم محمد

يعيش السوريون المرفوضة طلباتهم في ألمانيا، حالة من الخوف والقلق اعتبارًا من مطلع 2021 في حال تصنيفهم تهديدا للأمن الألماني، بعضهم يخشى من توسيع نطاق الترحيل مستقبلا. وتعود الأسباب إلى تورط بعض المهاجرين في أعمال عنف، واستغلال اليمين المتطرف بالترويج لذلك، مما دفع الحكومة الألمانية التماهي مع اليمين المتطرف، لأسباب ودوافع يمكن أن تصنف سياسيا ولأغراض كسب الأصوات في أي انتخابات قادمة.

وكان وزير الدولة في وزارة الداخلية الألمانية الاتحادية، هانز يورغ انغيلكه قد صرح في مؤتمر صحفي قبل أيام أن “الحظر العام على الترحيل (إلى سوريا) ستنتهي مدته في 31 ديسمبر 2020 “. وأضاف أن “الذين يرتكبون جرائم أو يسعون وراء أهداف إرهابية لإلحاق أذى خطير بدولتنا وشعبنا، يجب أن يغادروا البلاد وسوف يغادرون”. وأوضح إنغيلكه الذي ناب عن زيهوفر الموجود في العزل بعد تعرضه لفيروس كورونا المستجد، إن نحو 90 سوريا يشتبه بكونهم من المتطرفين، يتواجدون حاليا في ألمانيا.

 جاء القرار خلال مؤتمر عبر الهاتف بين وزير الداخلية الفدرالي المحافظ هورست زيهوفر، الذي كثيرا ما طالب بإنهاء حظر الترحيل، ووزراء الداخلية الـ16 على مستوى الولايات.  وكان الحزب الاشتراكي الديمقراطي الشريك الآخر في الائتلاف قد فشل في مسعى تمديد الحماية المطبقة منذ 2012 لستة أشهر. وقال الحزب إن الوضع المحفوف بالمخاطر في سوريا لا يسمح بالدفاع عن عمليات الترحيل إليها.

وقال بوريس بستوريوس، وزير داخلية ولاية سكسونيا السفلى شمال غربي ألمانيا، في أعقاب اعلان رفع الحظر عن ترحيل السوريين، بمناسبة نهاية وقف الترحيل الذي أقره وزراء الداخلية المنتمين للحزبين المسيحيين، الاتحاد المسيحي الديمقراطي والحزب المسيحي الاجتماعي البافاري: أعتبر ذلك جزءاً من السياسة الشعبوية، مشيراً إلى أنه من دون قرار جماعي من كلا الجانبين فسينتهي الآن العمل باللائحة السارية منذ 2012، وهذا يتطلب العودة إلى نظام فحص كل حالة ترحيل على حدة، من حيث كونها ممكنة أم لا. وقال بستوريوس إنه ستظل هناك مشاكل عملية، مبيناً أنه لا توجد الآن رحلات جوية مباشرة إلى سوريا،

ما هي قواعد الترحيل في ألمانيا؟

قالت وزارة الداخلية الألمانية إن الحظر المفروض على ترحيل السوريين لن يتم تمديده.

يرى المراقبون أن هذا انتهاك للقانون الدولي الذي يحمي اللاجئين، هنا نظرة على الخلفية القانونية،  يهدف حظر الترحيل ، الذي تم تجديده بانتظام منذ عام 2012 ، إلى حماية السوريين في ألمانيا من الإعادة القسرية إلى الصراع الدائر في وطنهم.   وهذا يعني أنه يجب السماح لطالبي اللجوء المرفوضين ، بمن فيهم المجرمين ، بالبقاء في ألمانيا.

ويقول المراقبون، إنه لا توجد طريقة آمنة لإعادة السوريين إلى بلادهم،  لكن بعد اجتماع افتراضي مع وزراء داخلية ألمانيا الستة عشر ، أعلن وزير الداخلية الاتحادي هورست زيهوفر أن الترحيل سيتم على أساس كل حالة على حدة اعتبارًا من 1 يناير2021 .

 لماذا ترحيل السوريين ؟

كان  رفض التسامح مع طالبي اللجوء المرفوضين ، بما في ذلك أولئك الذين لديهم سجلات إجرامية ، واحدة من شعارات اليمين المتطرف في حملاته ضد المهاجرين وتصاعدت مطالب الترحيل القسري خلال عام 2020 عندما تم القبض على سوري يبلغ من العمر 20 عامًا بزعم طعن رجلين في أحد شوارع دريسدن ، مما أدى إلى مقتل أحدهما.

ويقول ممثلو الادعاء إن لديه سوابق جنائية وأنه كان تحت مراقبة الشرطة لأمور من بينها صلات إسلاموية متطرفة . و كان طلب اللجوء الذي قدمه قد رُفض بالفعل ، لكن سُمح له بالبقاء في ألمانيا بما يُعرف بوضع “التسامح”. 

وساعدت الحرب الأهلية متعددة الأوجه في سوريا ، والتي أودت مئات الالاف شخص وتشريد الملايين منذ 2011 ، على السماح للمشتبه به بالبقاء في ألمانيا.  وصرح وزير الدولة بوزارة الداخلية هانز جورج إنجلكه للصحفيين في اعقاب ذلك، : أن “أولئك الذين يرتكبون جرائم أو يسعون وراء أهداف إرهابية لإلحاق ضرر جسيم بدولتنا وسكاننا يجب عليهم وسيتعين عليهم مغادرة بلادنا.”

من بين حوالي 770 ألف سوري قدموا إلى ألمانيا في السنوات العديدة الماضية سعياً للحماية من الحرب والاضطهاد ، قال وزراء الداخلية إن حوالي 90 فقط يعتبرون تهديدات. قد يواجه هؤلاء الأفراد الآن الترحيل.  ومن المتوقع ان تتراجع اجراءات الترحيل القسري ايضا بسبب فيروس كورونا ، فإن الطرد إلى سوريا سيظل شبه مستحيل لأسباب إجرائية الى جانب انه  لا توجد مؤسسات  حكومية في  في اجزاء واسعة من سوريا.

النتائج

ـ بات مرجحا ان سياسة المانيا بزعامة الحزب المسحي الديمقراطي بالاشتراك مع الحزب الاشتراكي، يتجه نحو سياسات اليمين بل يتقارب مع سياسات وشعارات “اليمين المتطرف”، الذي يعتبررفض الهجرة واللاجئين احد الشعارات او القواعد اليمين المتطرف.

ـ إن ترحيل السوريين المرفوضة طلباتهم ومن الذين يرتكبون جرائم من المرجح ان يشهد تعثرا بسبب جائحة كورونا و بسبب عدم وجود علاقات مع النظام السوري، وهذا يعني ان المانيا ممكن ان تتخذ اجراءات وقائية ضد الاشخاص المطلوبين والذين لايتجاوز عددهم تسعون شخصا.

ـ الحكومة الالمانية، يبدو انها لاتريد ان تخسر اصوات  في أي انتخابات قادمة تلك الشريحة الرافضة الى الهجرة، ان كانو من اليمين او من انصاره، وهذا يعني ان المهاجرين واللاجئين وحتى الاجانب المقيمين في المانيا يكونوا ضحية هذه السياسات التتي تتماهى مع اليمين واليمين المتطرف.

 وهنا يجدر الاشارة الى شخصية مهمة وراء هذه السياسات في المشهد الألماني، ألا وهو وزير الداخلية البافاري زيهوفر هورست، لقد كان ابرز شروطه قبل الالتحاق بالائتلاف الحاكم، باعتباره رئيس الحزب البافاري، اني يمليئ شروطه على ميركل بتنفيذ سياسات “الابواب المغلقة” على عكس سياسات ميركل الأبواب المفتوحة” وهو قد نجح بالفعل.

ـ بات حظوظ اللاجئين والمهاجرين قليلة في ألمانيا الى جانب العديد من دول أوروبا مع تمدد التيارات الشعبوية، التي بدأت بالفعل تءثر على سياسات الاحزاب السياسية التقليدية، التي تواجه الكثير من التحديات من أجل البقاء أمام التيارات اليمينية المتطرفة.

ربما يعجبك أيضا