بسبب كورونا .. مدينة البترا الأثرية ومناطق الجنوب الأردني تعيش «سياحة مأزومة»

علاء الدين فايق

رؤية – علاء الدين فايق                                                           

عمّان – في أواخر عام 2019، احتفل الأردن بالسائح رقم مليون لمدينة البترا الأثرية التي تعد واحدة من عجائب الدنيا، وأقيمت بهذه المناسبة احتفالات رسمية عدة مهدت لبداية عهد جديد في قطاع السياحة الأردنية.

ومع بداية العام 2020، كانت التحضيرات تسري على قدم وساق في المنطقة الواقعة إلى الجنوب من الأردن، باستقبال 1.8 مليون سائح إلى المدينة، غير أن دخول جائحة كورونا إلى البلد، حول هذا الرقم الكبير إلى صفر. 

وبحسب إحصائيات وزارة السياحة والآثار، شهد الأردن خلال العام 2019 أعلى مستويات النمو في القطاع السياحي حيث بلغ عدد الزوار 5,360,587 زائر وارتفع الدخل السياحي إلى 4,108.2 مليون دينار أردني.

إلا أن جائحة كورونا، أثرت بهذا القطاع الاقتصادي الرائد بشكل سلبي وغير مسبوق.

وأدى إغلاق المطارات والحدود البرية بشكل شبه كامل في الفترة الواقعة بين شهري نيسان (ابريل) وأيار (مايو) العديد من الشركات السياحية، لتسريح أعداد من موظفيها وتقليص أعمالها تفادياً للانهيار الكامل.

وعلى إثر ذلك، تحولت معظم المناطق السياحية في الأردن وتحديدا البترا الأثرية، إلى مدينة أشباح تخلو من السياح كما تخلو من الموظفين، والأدلاء، والمرشدين السياحيين، فيما سكنتها القطط والحيوانات البرية في مشهد غير مألوف.

الجنوب الأكثر تضررًا

ولعل مناطق الجنوب الأردني، الأكثر تضررا في القطاع السياحي الأردني، حيث توقفت مختلف قطاعات العمل فيها أسوة ببقية مناطق المملكة، بيد أن الفارق أنها كانت الأكثر اعتمادا على السياحة في استدامة عجلتها التنموية. 

ويجمع خبراء على أن السياحة في مناطق الجنوب الأردني، شكلت مصدر الدخل الوحيد لآلاف الأسر والعائلات الأردنية. 

ففي مدينة العقبة “الواجهة البحرية السياحة للأردنية” تعرض القطاع السياحي فيها لانتكاسة كبيرة، إذ وصلت نسبة الحجوزات الفندقية فيها لنسبة غير مسبوقة وصلت إلى 20%. 

وأصبح العاملون في قطاع السياحة في المدينة عرضة للملاحقات الأمنية والتوقيف لعدم تمكنهم من سداد ما عليهم من التزامات ومستحقات. 

وبفعل تداعيات جائحة كورونا، ألغت مدينة العقبة خلال العام 2020 أكبر عرض جوي في تاريخها، كان من المقرر أن يشارك فيه عدد كبير من الدول الأوروبية والعربية.

ونتيجة لإلغاء رحلات الحج والعمرة إلى السعودية، فقدت مدينة معان “جنوبي المملكة” عمودا أساسيا في دخلها الاقتصادي. 

وتشير أرقام شبه رسمية اطلعت عليها “رؤية” إلى أن جائحة كورونا وتداعياتها تسببت بإغلاق 45 فندقا سياحيا، وفقدان أكثر من 1600 موظف لأعمالهم ومصدر رزقهم. 

وفي مدينة الكرك، لا يختلف الأمر كثيرا، فالقلعة التاريخية التي سجلت أكثر من 100 ألف زائر لها في عام 2019، لم يصلها سوى بضع مئات من أهالي المدينة في 2020. 

ويقول أهالي المدينة، إن جائحة كورونا، تسبب بحرمان قلعتهم التاريخية من أي زوار أجانب منذ آذار مارس الماضي. 

وتعد الأردن، وجهة سياحية مميزة بمنتجات فريدة ومتنوعة يأتي إليها السياح من أنحاء العالم كافة. 

فتح المطار لم يحل المشكلة 

في أيلول سبتمبر الماضي، قرر الأردن، عودة الرحلات الجوية الخارجية المنتظمة بعد توقفها في 17 آذار مارس، لكن الآمال بعودة قطاع السياحة للنهوض مجددا سرعان ما انطفأت مع عودة تفشي جائحة كورونا مجددا حول العالم. 

إضافة لذلك لم تكن إجراءات السفر إلى الأردن، بهذه السهولة، فقد شكلت الاشتراطات الصحية والوقائية حاجزا حال دون قدوم السياح إلى المملكة وفق ما كان متوقعا.

من جانبها، قدمت الحكومة الأردنية برنامجا يجذب السكان المحليين للسفر إلى وجهات سياحية مختلفة داخل الأردن وتحديدا في مناطق إلى الجنوب، إلى أنها الظروف المعيشية الصعبة للأردنيين حالت بشكل كبير دون إنجاح البرنامج. 

حال بائس 

في ورقة بحثية أصدرها منتدى الاستراتيجيات الأردني، حول قطاع السياحة في الأردن في ظل جائحة كورونا، توصل المنتدى إلى أن هذا القطاع واجه ظروفا بائسة تفوق كل احتمالات الصمود. 

بقول المنتدى، إنه وبعد تدهور الاقتصاد السياحي في منطقة الشرق الأوسط والأردن، إثر أحداث الربيع العربي، وبدء الحرب في سوريا العقد الماضي، بدأت السياحة في العودة التدريجية، واستطاع الأردن تحسين اقتصاده السياحي ما بين الأعوام 2016 – 2019 حيث وصل خلالها لأرقام إيجابية غير مسبوقة. 

ومع حلول التاسع عشر من آذار مارس، بدأت أوامر الدفاع بالصدور، وتم إعطاء كافة القطاعات مستويات مختلفة من الدعم المادي عن طريق تسهيلات ائتمانية بكلف منخفضة وعبر برامج الدعم من الأمان الاجتماعي، إلا أن أثرها بقي محدودا على القطاع السياحي نتيجة لطبيعة الأزمة. 

فقد ظلت البنوك الأردنية، تعتبر قطاع السياحة في المملكة عالي المخاطر وبالتالي لم يتم منح شركات القطاع ذات الامتيازات الأخرى. 

استثمار الجائحة 

من جانبها، استثمرت سلطة إقليم البترا، توقف جميع الأنشطة فيها وغياب السياح عنها، في تهيئة البنية التحتية المتآكلة فيها، وتوفير العديد من المرافق والبنى التحتية والتجهيزات والاحتياجات والمستلزمات لخدمة السياح والسكان.

وتواصل السلطات المحلية في المدينة الأثرية، تنفيذ المشاريع والأعمال الخدمية فيها، آملا منها في انتهاء أيام الجائحة والإغلاقات حول العالم في أسرع وقت ممكن.

وقال رئيس سلطة إقليم البترا سليمان الفرجات، في تصريحات صحفية، إن السلطة تواجه تحديا ماليا كبيرا في ظل انعدام حركة السياحة التي تعد الإيراد الرئيسي للسلطة، الأمر الذي دفع السلطة إلى التوجه نحو الاقتراض للاستمرار في تنفيذ مشاريعها الحالية والمستقبلية.

وأطلقت السلطة في العام 2020 مشروع إعادة ترميم السدود والمصاطب بمحمية البترا الأثرية.

ويهدف المشروع إلى حماية الموقع الأثري من خطر الفيضانات، التي قد يتعرض لها خلال فصل الشتاء، والتي تحول هي الأخرى دون وصول السياح إليها في معظم الأعوام.

ربما يعجبك أيضا