تونس على صفيح ساخن.. احتجاجات لا تهدأ وخطاب المشيشي بلا صدى

أسماء حمدي

كتبت – أسماء حمدي

أثارت كلمة رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي، التي ألقاها، مساء أمس الثلاثاء، على الشعب عقب الاحتجاجات، موجة غضب على مواقع التواصل الاجتماعي، ووصفها رواد مواقع التواصل بـ«غير موفقة».

واعتبر رواد “فيسبوك”، أن كلمة المشيشي  لا تتماشى مع حالة الغليان بالشارع، واستعانوا بالسخرية للتعبير عن عدم رضاهم واعتماده اللغة العربية الفصحى بدل اللهجة التونسية.

خطاب المشيشي

جاء خطاب المشيشي بعد أربع ليال من الاحتجاجات والمواجهات بين الشرطة والمحتجين، الذين اعتقل منهم ما يزيد عن 600 قالت السلطات إن أغلبهم قصّر، واتهمتهم بإحداث الشغب والاعتداء على ممتلكات الغير وعلى أفراد قوات الأمن.

وقبل خطاب رئيس الحكومة، تحولت المواجهات إلى شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة، حيث خرج محتجون نهارا يطالبون بإطلاق سراح المعتقلين في الأيام السابقة، وينادون بضمان حق التظاهر، رافعين شعار “الشارع ملك الشعب”.

وقال المشيشي في خطابه: “صوتكم مسموع وغضبكم مشروع … لكن الفوضى مرفوضة وسنتصدى لها بقوة القانون وبوحدة الدولة”.

موجة غضب

بالرغم من أن البعض يرى خطاب المشيشي رصينا متوازنا، إلا أن آخربن يرونه فارغا من كل محتوى مفيد، وأن رئيس الحكومة لم يلتقط رسالة المحتجين الرافض لوجود حركة النهضة في الحكم.

وعلقت الناشطة السياسية والنائبة السابقة فاطمة المسدي على الخطاب، قائلة “إن الشعب رافض للإخوان” في إشارة إلى حركة النهضة التي تقود التحالف الداعم لحكومته، داعية المشيشي إلى “مراجعة حساباته”.

“المشيشي برعاية قروي أند قروي”، هكذا وصفته فاطمة طراد، في تلميح لرئيس حزب “قلب تونس” ثاني الأحزاب الداعمة لحكومته.

من جانبه قال أستاذ القانون الدستوري أمين محفوظ، في تدوينة عبر صفحته بـ”فيسبوك”: إن “الديمقراطيين المزيفين يمكن لكم الكذب لسنة، لخمس سنوات، ولكن ليس للزمن كله”.

“يا ريتك لا خرجت ولا تكلمت. جاء يطبها عماها، أزمة تواصل واتصال”،  بحسب ما قال الإعلامي زهير رجيس في تدوينة على حسابه بفيسبوك.

أما محمد شريف فذكّر بأهم ما جاء في كلمة المشيشي التي أكد فيها “سنسعى لتحقيق أحلامكم”، قبل أن يعلّق ساخراً: “أرسل إرسالية قصيرة: حلم”.

من جهتها، علقت آمنة بن عمار، قائلة إن “المشيشي يتخيل نفسه بابا نويل” عندما قال “سأحقق أحلامكم”.

أما الكاتب والسيناريست المنصف ذويب سخر كاتباً: “المحتجون يقولون للمشيشي: علاش تخطب في الليل ايجانا في النهار”.

ولم تقتصر الانتقادات التي وجهت للمشيشي على فحوى الخطاب وإنما طالت شكله أيضا، كما أنه قرأ الخطاب من ورقة وُضعت أمامه، كما ملأت الأخطاء اللغوية خطاب رئيس الحكومة، الذي قرر أن يخاطب الشباب بلغة عربية فصحى، فكان مستوى التواصل بينه وبين المتلقين ضعيفا، ولم يحظوا بنظرات مباشرة من مخاطبهم إلا قليلا.

فزاعة الإرهاب

وكانت الاحتجاجات والمواجهات التي تحدث في البلاد منذ أيام، موضوع جلسه البرلمان التونسي، اليوم الأربعاء، والتي حضر فيها أعضاء من الحكومة طرحوا رؤيتهم للوضع وأجابوا على أسئلة النواب، وكان من بينهم وزير الدفاع إبراهيم البرتاجي.

ووصف البرتاجي ما يحدث بـ”أزمة سوف تمر”، مشيرا إلى “توفر معلومات حول إمكانية استغلال عناصر إرهابية لعمليات الشغب”.

وقال وزير الدفاع: “إن التحركات التي تشهدها مناطق الساحل على غير العادة يشارك فيها عدد لا بأس به من ضيوف الساحل والوافدين من المناطق الأخرى، الذين فقدوا مواطن الشغل خاصة في قطاع السياحة”.

وواجهت تصريحات وزير الدفاع عادة بموجة من التشكيك والاتهام للسلطات باستغلال ما يصفونه بـ”فزاعة الإرهاب”، لتحجيم التحركات الاحتجاجية وتبرير التعامل مع المتظاهرين بالقوة .

وبدلا من أن تخفف تصريحات البرتاجي من حدة الغضب وتساعد السلطات في تهدئة الأوضاع، لكنها حوّلت الغضب نحو شخص الوزير، الذي واجه اتهاما بتغذية النزعة الجهوية، وزرع التفرقة بين أبناء الوطن الواحد، وضربت تصريحاته على وتر شرخ اجتماعي عميق في بنية الشعب التونسي: التمييز والتمايز بين بعض مدن الساحل والجهات الداخلية. والذي لا ينقطع الحديث عنه منذ عهد بورقيبة.

ربما يعجبك أيضا