السعودية في عهد بايدن.. «حليف موثوق» لا غنى عنه

دعاء عبدالنبي

كتبت – دعاء عبدالنبي

في أولى تصريحاتها تجاه الشرق الأوسط، أعلنت إدارة بايدن دعمها ووقوفها بجانب شريكتها وحليفتها المملكة العربية السعودية إزاء الهجمات التي تتعرض لها من قبل الميلشيات الحوثية المدعومة من إيران، لتؤكد عمق العلاقات بين الدولتين في ظل الممارسات والانتهاكات الإيرانية بالمنطقة، فيما تترقب الأوساط السياسية مسار العلاقات الأمريكية السعودية في عهد إدارة بايدن الجديدة، التي أكدت مؤخرًا اعتمادها سبل الدبلوماسية لإنهاء حرب اليمن ودعم السعودية في مواجهة من يحاولون تقويض استقرارها.

دعم صريح للسعودية

عقب تصدي قوات التحالف العربي بقيادة السعودية لصاروخ باليستي كانت قد أطلقته الميلشيات الحوثية باتجاه المملكة، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان لها أن “الولايات المتحدة تدين بشدة الهجوم الأخير الذي استهدف العاصمة السعودية الرياض”، مضيفة: “نجمع حاليًا معلومات إضافية لكن يبدو أن ما حدث كان محاولة لاستهداف السكان المدنيين”.

وتابعت الوزارة: “في الوقت الذي نعمل فيه على خفض التوترات في المنطقة عبر السبل الدبلوماسية المبدئية، بما في ذلك على إنهاء الحرب في اليمن، سنساعد كذلك شريكتنا السعودية في الدفاع من الهجمات على أراضيها ومحاسبة هؤلاء الذين يحاولون تقويض استقرارها”.

 تصريحات الخارجية الأمريكية تؤكد إدانتها الصريحة للهجمات الحوثية ومساعي لتقويض امن واستقرار المنطقة ، وقد يلحقه تأكيد لما قامت به إدارة ترامب بتصنيف الميلشيات الحوثية بـ”الإرهابية” في ظل انتهاكاتها المستمرة ضد المدنيين وأمن المملكة.

من جهته، أعرب وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود، عن تفاؤل بلاده بشأن علاقتها بإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، متوقعًا أنها ستكون “ممتازة”، لافتًا إلى أن التعيينات في إدارة بايدن تدل على تفهمه للملفات المشتركة بين البلدين، في ظل العلاقات التاريخية التي تربط السعودية بالولايات المتحدة .

مراحل تطور العلاقات

بالنظر في علاقة المملكة العربية السعودية بالولايات المتحدة فقد بدأت مستقلة  حيث وضعت ثوابت لها باللقاء الشهير بين الملك الراحل عبدالعزيز والرئيس الأمريكي الراحل فرانجلين ديلانو روزفلت عام 1945، ومنذ ذلك الحين والعلاقات السعودية – الأمريكية تتطور وتتعزز في المجالات كافة، حتى أضحت مع مرور الوقت علاقات استراتيجية، يُضرب بها المثل في قوتها ومتانتها بأنها تستند إلى الاحترام المتبادل، والتعاون البنّاء المثمر، واستطاعت أن تتجاوز الكثير من الصعاب التي سعت لتقويضها.

ومع مساعي الإدارات الأمريكية لتعزيز مصالحها بالمنطقة، كانت تدرك جيدًا أن ثمة دوائر وتحالفات لا يمكن تجاوزها، وهنا مثلت الحليف الاستراتيجي الأبرز لواشنطن طيلة تلك العقود لما تمثله من ثقل نوعي على مختلف الأصعدة.

لكن يمكن القول: إن فترة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما كانت أعقد فترة في علاقة واشنطن مع المنطقة، حيث شهدت تلك المرحلة ما يمكن وصفه بالرهانات والانخراط في مشاريع جديدة لا تعكس الواقع ولا تجعل من أمن المنطقة واستقرارها أولوية قصوى.

وبعد مشاحنات ومراهنات جاءت إدارة ترامب لتواجه قوى الشر في المنطقة، فقامت بتعزيز تحالفاتها لمجابهة النظام الإيراني وميلشياته الإرهابية، وحاولت جاهدة إصلاح ما أشعلته سياسات أوباما.

واليوم وبعد المعركة العنيفة التي شهدتها الانتخابات الأمريكية وانتهت بوصول الرئيس الأمريكي الديمقراطي جو بايدن إلى البيت الأبيض، تترقب الأوساط السياسية شكل ومسار العلاقات الأمريكية السعودية في عهد الإدارة الجديدة، فهناك من يقول أننا أمام إعادة استئناف المشاريع التي انخرطت بها إدارة أوباما، وهناك من يرى استحالة حدوث ذلك في ظل المتغيرات التي شهدها العالم، فقد أصبحت التحديات واضحة وانكشفت الملفات التي مثلت منطلقًا لإرباك العلاقات الأمريكية مع دول العالم.

وبحسب المراقبين، فإننا اليوم  أمام لحظة تاريخية في علاقة أمريكا بالمنطقة، وفي استيعاب واشنطن أن الواقع الجديد في المنطقة هو اللحظة الأمثل لبناء شراكة حقيقية من أجل أمريكا ومن أجل مصالحها في المنطقة.

السعودية في حقبة بايدن

بدأت العلاقات بتهنئة من القيادة السعودية للرئيس الديمقراطي المنتخب جو بايدن بعد 24 ساعة من إعلان فوزه، رغم الجدل الذي أثارته إدارة ترامب بشأن تزوير الانتخابات، لذا تتجه الأنظار لمعرفة التغيرات المقبلة في السياسة الأمريكية مع قدوم بايدن.

وبحسب المحللين فقد شهدت العلاقات الأمريكية السعودية عثرات ولكنها دائما ما نجحت في محاولات احتوائها، فالعلاقات بين البلدين قديمة وعميقة وتمس مصالح سياسية واستراتيجية وترتبط باستقرار منطقة الخليج واحتواء أي تهديد لدول المنطقة والمصالح الأمريكية فيها.

ومن المتوقع أن تشهد العلاقات قدرًا من الاتفاق بشأن بعض القضايا وقدرًا من الاختلاف في قضايا أخرى، لكنها لن تحول دون مواصلة التعاون بينهما، ولاسيما فيما يتعلق بالملف النووي الإيرانية ومواجهة المتمردين الحوثيين.

لا شك أن هناك مخاوف من عودة بايدن للاتفاق النووي الإيراني في ظل الانتهاكات التي تنتهجها طهران بالمنطقة والتي تؤثر بدورها على أمن واستقرار المنطقة ككل، لكن تصريحات سابقة لبايدن أكدت أن العودة للاتفاق سيكون بشروط من ضمنها ما يتعلق ببرنامج الصواريخ الباليستية التي قد تشكل تهديدًا لدول الجوار الخليجية، فضلا عن عدم إفراج الولايات المتحدة عن الأموال الخاصة بإيران “بدون التزامها الصارم بالمعاهدة.

فما فات على الرئيس باراك أوباما من سلبيات الاتفاق النووي مع إيران، وتهديدات صواريخها الباليستية، لم يفت -فيما يبدو- على الرئيس المنتخب جو بايدن. ونرى ذلك في تصريحه حول أهمية مشاركة دول الخليج في أي اتفاق قادم مع إيران.

هناك من يشبه الظروف التي تولى فيها بايدن دفة القيادة في أمريكا بالظروف التي تولى فيها روزفلت قيادة أمريكا، والذي نجح آنذاك بإنعاش الاقتصادي الأمريكي والخروج بانتصار من الحرب العالمية الثانية، ومثل تلك الأزمات وكما في الأوقات الأخرى، يظهر فيها الأصدقاء الحقيقيون كما هو حال المملكة والولايات المتحدة؛ فقد أثبتت التجربة تلو الأخرى أنهما قادرتان على التعاون الحقيقي مما يؤدي في محصلتها النهائية إلى تعزيز السلم والتعاون الدوليَّين.

ربما يعجبك أيضا