توتر حدودي بين السودان وإثيوبيا.. هل يمر بسلام؟

سهام عيد

كتبت – سهام عيد

ارتفعت حدة التوتر بين السودان وإثيوبيا بشأن الحدود بينهما، على خلفية التصريحات المتبادلة من الجانبين عقب تعزيز السودان من قواته على الحدود عقب تعرض دورية سودانية لقصف إثيوبي في منطقة القضارف شرقي السودان.

وأكدت الخرطوم، اليوم الثلاثاء، أن الجيش السوداني لم يدخل إلى الأراضي الإثيوبية، رافضة أي حديث عن نزاع حدودي أو ترسيم الحدود.

جاء ذلك بعد ساعات من إعلان أديس أبابا نيتها في التوصل إلى اتفاق مع الخرطوم يضمن استقرار المناطق الحدودية، وفقا لبيان “الخارجية الإثيوبية”.

لكن وزير الدفاع السوداني أكد أن “التفاوض أمر وارد في حال وجود نزاعات”، أما بالنسبة للوضع مع إثيوبيا “فنحن لا نعترف أصلاً بوجود نزاع حتى نقبل التفاوض حوله”.

وكان وزير الدفاع السوداني اعتبر أنه لا بد من الربط بين ما يدور في مفاوضات حول سد النهضة وما يدور من نزاعات في منطقة الفشقة، مشيراً إلى أن العامل المشترك في القضيتين هو “المماطلة الإثيوبية”. وفقا لموقع “العربية نت”.

وشدد الفريق ركن ياسين على رفض السودان أي شروط إثيوبية، موضحاً أن “ما يمكن قبوله فقط هو وضع العلامات على الحدود المرسمة مسبقاً ليعرف كل طرف مسؤولياته، ومن ثم يمكننا قبول أي تفاوض على تبعات هذا الأمر”.

وبالرغم من تأكيد الدولتين الجارتين عدم التصعيد، وحرصهما على نهج الدبلوماسية، يخشى المراقبون من أنه قد ينذر بدق طبول حرب بين البلدين الأفريقيتين.

الجيش السوداني

شرارة الخلاف

كانت وسائل إعلام سودانية قد ذكرت خلال الساعات الماضية، أن قوات من الجيش السوداني قد تعرضت لقصف إثيوبي على الشريط الحدودي بولاية القضارف شرقي السودان.

وأفاد موقع “سودان تربيون”، مساء الأحد، بتعرض دورية للجيش السوداني قادمة من جبل أبو الطيور لقصف بقذائف “الهاون” من قبل القوات الإثيوبية بولاية القضارف الحدودية (شرق)، مضيفًا: أن “قوات الجيش السوداني تصدت للقصف دون وقوع أي خسائر بين صفوفها”، حسب المصدر ذاته. ولم تذكر وسائل الإعلام أسباب الهجوم، كما لم يصدر الجيش السوداني بيانًا بشأنها.

من جانب آخر، تتهم الخرطوم الجيش الإثيوبي بدعم ميليشيات مسلحة ليستولي على أراضي المزارعين السودانيين بمنطقة “الفشقة”، فيما تنفي ذلك أديس أبابا وتقول أنها جماعات خارجة عن القانون.

يذكر أن بؤرة الصراع الحالي بين البلدين هي منطقة تسمى “الفشقة”، إذ يقطنها مزارعون إثيوبيون، وبناء على اتفاقيات المفاوضات بين البلدين عام 2008، فقد اعترفت إثيوبيا بالحدود القانونية للمنطقة، وسمحت الخرطوم للإثيوبيين بالاستمرار في العيش هناك.

ولكن منذ العام الماضي شهدت المنطقة أكثر من احتكاك ومواجهة بين الجيش السوداني ومليشيات إثيوبية، امتدت حتى هذا العام، كان آخرها اتهامات السودان لإثيوبيا بتعبئة وحشد قوات عسكرية.

قوات سودانية

لن تمر بسلام

بدوره، يقول الدكتور هاني رسلان، مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن تجدد الاشتباكات مرة أخرى على الحدود السودانية الإثيوبية، يمكن أن يتطور في أي لحظة إلى حرب شاملة بين الطرفين، خاصة أن الأراضي التي تمكن الجيش السوداني من استردادها مؤخرا، كان يقطنها مزارعون من قبيلة الأمهرة الطامعة في هذه الأراضي وتعتبرها إثيوبية بالأساس.

وبحسب موقع “البوابة”، يضيف رسلان: أن نفوذ قبيلة الأمهرة تصاعد بعد الحرب التي شنها الجيش الإثيوبي في نوفمبر الماضي ضد إقليم التيجراي، والتي استعان فيها بقوات الأمهرة الخاصة، ومن ثم وقعت الحكومة الإثيوبية برئاسة آبي أحمد، بين شقي رحى.

وتابع: “آبي أحمد لا يرغب في خوض حربا شاملة مع السودان، آخذا في الاعتبار الأوضاع الداخلية المتأزمة في بلاده، إضافة إلى أن أزمة سد النهضة تمر بشهور حاسمة قبل الملء الثاني، إلا أن آبي أحمد، غير قادر على كبح جماح قومية الأمهرة حيث يتكئ عليهم في إدارته للبلاد”.

وأوضح “رسلان” أن المناوشات الجارية حاليا تعبير عن رفض إثيوبي قاطع لترك هذه الأراضي، مشيرا إلى أن الحرب الشاملة بين إثيوبيا والسودان، تخضع لتقديرات أديس أبابا الخاصة، وفي نهاية المطاف فلن تنتهي المناوشات بين البلدين بسلام.

وأكد أن “إثيوبيا لن تترك هذه الأراضي، على الرغم من اعترافها بمعاهدة ١٩٠٢ والتي ترسم حدود البلدين، ثم عادوا وأكدوا الاعتراف بهذه الحدود في عام ١٩٧٢”.

وأشار مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية إلى أن المسؤولين الإثيوبيين كانوا يماطلون طوال الفترات الماضية في وضع العلامات الحدودية رغبة في استمرار هذا الوضع.

الحدود

وتمتد الحدود بين السودان وإثيوبيا لأكثر من 725 كيلو مترًا، ويعود النزاع الحدودي بينهما إلى نحو 130 عامًا، ففي عام ١٨٩١ أعلن الإمبراطور الإثيوبي منيليك الثاني أن حدود بلاده تمتد إلى الخرطوم عاصمة السودان الحالية وحتى القضارف في شرق السودان، لكن محاولته تلك انتهت بالاكتفاء بمنطقة بني شنقول الغنية بالمعادن والذهب، وهي المنطقة المبني عليها سد النهضة، الذي يمثل أكبر أزمة تواجه تلك المنطقة بين مصر والسودان وإثيوبيا.

ولا تزال الأزمة الحدودية بين السودان وإثيوبيا تهدد السلم والأمن في المنطقة، لا سيما في ظل تعنت أديس أبابا واستمرار اعتدائها على الأراضي السودانية، وعدم اعترافها بالاتفاقيات الدولية.

ربما يعجبك أيضا