آفاق الاقتصاد العالمي 2021.. نمو مرهون باللقاحات والتحفيزات

كتب – حسام عيد

انطلاق قطار التعافي الاقتصادي خلال العام الحالي لم يمنع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومؤسسات مالية أخرى من التحذير من الآثار السلبية التي خلفها فيروس كورونا على اقتصاد العالم وقد تستمر لـ10 سنوات مقبلة.

اليوم، يبدو الاقتصاد العالمي وكأنه خارجٌ من واحدة من أشدّ حالات الركود ليبدأ مرحلة تعافٍ ضعيف، قواعدها ترتكز على متغيرات اللقاحات المضادة للوباء وتوزيعها العادل على دول العالم، والخطط والبرامج التحفيزية للاقتصادات.

نمو حذر

البنك الدولي توقع نمو الاقتصاد العالمي بـ4% هذا العام مقابل انكماش يقدر بـ4.3% خلال العام الماضي؛ إلا أنه حذر من أن تزايد الإصابات بفيروس كورونا وتأجيل عمليات توزيع اللقاح قد يكبحان التعافي إلى 1.6%.

سلطت هذه التوقعات الضوء على الضبابية التي تكتنف الاقتصاد العالمي في ظل الارتفاعات القياسية في عدد الإصابات بكورونا وعودة بعض الدول إلى فرض إغلاق عام ثالث.

فيما أعلن صندوق النقد الدولي يوم الثلاثاء الموافق 26 يناير 2021، أن التفاؤل بأن اللقاحات الجديدة ستضع حدًا لوباء كورونا وتسمح باستئناف عجلة النشاط الاقتصادي إضافة إلى برامج تحفيز في اقتصادات كبيرة، قد عزز توقعات النمو هذا العام وصولًا إلى 5.5%.

وفي تقريره الأخير حول آفاق الاقتصاد العالمي، أفاد صندوق النقد الدولي أن “هذه التطورات تشير إلى نقطة انطلاق أقوى لتوقعات 2021-22 على مستوى العالم”.

لكن الصندوق الذي يتخذ من واشنطن مقرًا له، حذر من أن المستقبل يشهد “حالة عدم يقين استثنائية”، معتبرًا أنه من المطلوب بذل مزيد من العمل للحؤول دون أضرار دائمة.

وفيما يتعلق بالخسائر التي تكبدها العالم بسبب فيروس كورونا، توقع صندوق النقد الدولي خسارة 22 تريليون دولار من الناتج المحلي الإجمالي العالمي بين عامي 2020 و2025.

تعافي الأسواق الناشئة والاقتصادات المتقدمة

النمو المتوقع بالاقتصاد العالمي يأتي كالعادة مدفوعًا بالتعافي السريع في الاقتصادات الناشئة وتحديدًا من الصين التي يتوقع أن ينمو ناتجها المحلي خلال عام 2021 بمعدل 7.9% مقابل نمو بلغ 2% خلال عام 2020 الماضي.

ومع استبعاد الصين فإن تقديرات البنك الدولي تشير إلى نمو بنسبة 3.4% في الأسواق الناشئة والنامية مقابل انكماش بلغ 5% العام الماضي.

وكان لعودة الانتشار السريع لكورونا في الاقتصادات المتقدمة تداعيات مباشرة عليها وهبطت بتقديرات نموها من 3.9% إلى 3.3% وفق التوقعات الجديدة للبنك الدولي.

لكن صندوق النقد الدولي يتوقع أن يكون النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة أعلى بنقطتين مئويتين عن التوقعات السابقة عند 5.5%، في أقوى معدل له منذ 1984. وتوقع أن تسجل الصين نموًا بنسبة 8.8%.

النفط  يدفع النمو بالشرق الأوسط

أما في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فتوقع البنك أن يشهد النشاط الاقتصادي تعافيًا معتدلا في العام الحالي مع استمرار تحديات الوباء الذي تسبب في تقليص وإلغاء آلاف الوظائف مما زاد التكلفة المجتمعية والمعيشية.

التعافي في أسعار النفط والرفع التدريجي للإنتاج إلى جانب رفع القيود ستكون لهما انعكاسات إيجابية على اقتصادات الدول المصدرة للنفط التي يتوقع أن ينمو ناتجها المحلي بمعدل 1.8% هذا العام.

وختامًا، يمكن القول؛ إن تعافي الاقتصاد العالمي بات مرهونًا بـ”السباق” بين فيروس كورونا وسلالاته المتحورة ولقاحات القضاء عليه، وكذلك على قدرة السياسات على تقديم دعم فعّال حتى يحدث ذلك.

وينبغي أن تضمن الإجراءات المتخذة على مستوى السياسات فعالية الدعم المقدم لحين استقرار التعافي على مسار راسخ، مع التأكيد على المضي قدما بتحقيق المتطلبات الرئيسية المتمثلة في رفع الناتج الممكن، وضمان تحقيق نمو تشاركي يعود بالنفع على الجميع، وتعجيل التحول إلى نظام اقتصادي أقل اعتمادا على الكربون.

وكما ورد في إصدار أكتوبر 2020 من تقرير آفاق الاقتصاد العالمي، فإن إعطاء دفعة للاستثمارات الخضراء مقترنًا بارتفاع معتدل مبدئيا لكنه مطرد في أسعار الكربون بإمكانه تحقيق التخفيضات المنشودة في الانبعاثات مع دعم التعافي من الركود الناجم عن الجائحة.

ربما يعجبك أيضا