الفقر والجوع يشعلان «طرابلس» اللبنانية

مي فارس

رؤيـة – مي فارس

على وقع مراوحة سياسية قاتلة، وتفش خطير لفيروس كورونا، نزل أبناء طرابلس، عاصمة شمال لبنان، الى الشارع مطالبين بالرغيف والحليب، وبإنهاء الاغلاق العام المفروض في البلاد منذ 11  فبراير والذي تركهم بلا سبيل لكسب العيش في وقت تشهد البلاد انهياراً اقتصاديًا.

ولكن مع التحرك العفوي، كثرت الاتهامات بيد خفية تحرك المتظاهرين وكأن الجوع وحده عاجز عن إشعال الشارع.

ولليلة الرابعة على التوالي، تشهد المدينة اليوم عمليات كر وفر بين المتظاهرين وقوى مكافحة الشغب أطلقت خلال قنابل الغاز المسيل للدموع . واتخذت الاحتجاجات منحى عنيفا عندما أطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع على المحتجين لدى محاولتهم اقتحام مبنى حكومي. وتوفي يوم الخميس محتج في اشتباكات.

ويفاقم العزل العام معاناة الفقراء الذين يشكلون الآن أكثر من نصف السكان مع غياب المساعدات أو وصول النذر اليسير منها. ويعتمد كثيرون على ما يجنونه من العمل اليومي. وأثار انهيار العملة مخاوف من انتشار أوسع نطاقا للجوع.

وسياسيًا، تشهد البلاد مراوحة قاتلة، إذ لم يتمكن الساسة من الاتفاق على حكومة جديدة منذ استقالة آخر حكومة في أعقاب انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس ، وتولت بعدها تسيير الأعمال لتجد نفسها في مواجهة أزمتين: الجائحة ومجتمع يزداد فقرًا.

وتفرض السلطات اللبنانية منذ 11 يناير عزلا عاما صارما لمدة 24 ساعة أغلق حتى المتاجر الكبيرة، وذلك بعد زيادة حالات الإصابة بفيروس كورونا بدرجة جعلت النظام الطبي يئن تحت وطأتها.

وفي البداية، حمل حظر التجول هدوءا موحشا إلى شوارع معظم المدن، لكن قرار تمديده إلى الثامن من فبراير دون أي مساعدات مالية تخفف آلامه الاقتصادية أخرج المحتجين إلى الشوارع.

وفقدت العملة اللبنانية، الليرة، أكثر من 80 في المئة من قيمتها منذ 2019 عندما تسارعت وتيرة أزمة مالية تفجر على أثرها الغضب في صورة احتجاجات على الاقتصاد والفساد الحكومي وسوء الإدارة السياسية.

وأبلغ وزير الشؤون الاجتماعية والسياحة في حكومة تصريف الأعمال رمزي مشرفة وسائل إعلام محلية هذا الأسبوع بأن 75 في المئة من اللبنانيين في حاجة لمساعدة مالية.

وقال إن الحكومة تعطي 230 ألف أسرة إعانة شهرية قدرها 400 ألف ليرة، وهو ما يقل عن 50 دولارا بسعر السوق السوداء.

وأقر رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب بأن هذه الإعانة لا تكفي لتغطية الاحتياجات لكنها تساعد في خفض الأعباء.

الانهيار المالي

ويشكل الانهيار المالي، الذي هوت فيه قيمة العملة المحلية، أكبر خطر على استقرار لبنان منذ الحرب الأهلية التي شهدها على مدى 15 سنة من عام 1975 إلى 1990.

وفي تطور بارز اليوم وجهت قاضية اتهامات الى حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة بالإهمال الوظيفي وإساءة الأمانة.

يقود سلامة مصرف لبنان المركزي منذ 1993. وكانت عون تحقق بشأن تصرفه في دولارات مخصصة لدعم السلع الأساسية.

وصار أداء سلامة محل تدقيق بعد انهيار نظام لبنان المالي في 2019، مما تسبب في تهاوي قيمة الليرة وتعثر سداد دين سيادي.

ربما يعجبك أيضا