اختبار موجة كورونا الثانية.. هل يتصدع الصرح الصناعي للتنين الصيني؟

كتب – حسام عيد

الأرقام الرسمية الصادرة عن الصين خلال يناير الجاري أشارت إلى تحقيق الاقتصاد نموًا في العام 2020، ليصبح الاقتصاد الوحيد من بين الاقتصادات الرئيسة في العالم الذي يتعافى من تداعيات جائحة «كوفيد-19»، حيث أعلن مكتب الإحصاء الوطني الصيني، أن الناتج المحلي الإجمالي حقق نموًا في الربع الرابع والأخير من العام 2020 بنسبة 6.5%، وهي أعلى نسبة نمو ربع سنوي لثاني أكبر اقتصاد في العالم منذ عامين.

وعلى الرغم من الانكماش الذي شهده الاقتصاد الصيني مطلع العام 2020، حين ظهر وباء كورونا في الصين أولًا، يكون الاقتصاد الصيني حقق نموًا في المتوسط للعام الماضي بنسبة 2.3%.

لكن كلمة الرئيس الصيني شي جين بينغ خلال افتتاح منتدى “دافوس” الاقتصادي في 25 يناير 2021، حملت مخاوف وحذر من المرحلة المقبلة في ضوء استمرار وباء «كوفيد-19» وتحوره إلى سلالات جديدة أسرع انتشارًا في الموجة الثانية من الجائحة الوبائية، حيث قال إن التعافي الاقتصادي من وباء كورونا لا يزال غير مؤكد حتى الآن، وهذا ما بدت ملامحه غير المبشرة على الصناعة الصينية.

تباطؤ النشاط الصناعي

الأرقام الرسمية ذاتها كشفت أن نشاط المصانع في الصين تباطأ بشكل طفيف في يناير، بينما كانت السلطات تعمل بسرعة للحد من موجة جديدة لفيروس كورونا في شمال البلاد.

وبلغ مؤشر مديري المشتريات، المقياس الرئيسي للنشاط الصناعي، وفق بيانات صادرة عن مكتب الإحصاء الصيني، يوم الأحد الموافق 31 يناير، 51.3 نقطة هذا الشهر، مع تشديد ثاني أكبر اقتصاد في العالم إجراءات مكافحة وباء كوفيد-19.

ويشكل هذا الرقم تراجعًا طفيفًا عن ديسمبر الماضي عندما بلغ المؤشر 51.9 نقطة، على الرغم من أنه لا يزال فوق عتبة الخمسين نقطة التي تفصل بين النمو والانكماش.

تضرر معنويات الأعمال

وقال كبير الإحصائيين في المكتب الوطني للإحصاء تشاو تشينغ غه: “في الآونة الأخيرة ظهرت مجموعات محلية من الوباء في العديد من الأماكن في جميع أنحاء البلاد، وتأثر إنتاج وتشغيل بعض الشركات مؤقتاً”، مضيفًا أن فترة السنة القمرية الجديدة هي تقليديًا “خارج وقت الذروة” للصناعات التحويلية.

وتشير البيانات الجديدة إلى أن مناخ الأعمال ما يزال ضعيفًا بالنسبة للشركات الصغيرة، على الرغم من انتعاش الاستهلاك المحلي قبل فترة الأعياد. وأكد مكتب الإحصاء أن الطلب على الصادرات تباطأ بعد عيد الميلاد مع استمرار انتشار الوباء في جميع أنحاء العالم.

أما مؤشر مديري المشتريات غير الصناعية في الصين، فقد انخفض إلى 52.4 الشهر الجاري مقابل 55.7 نقطة في ديسمبر، ما يشير إلى أضرار أكبر ألحقها بها ظهور الفيروس من جديد.

وبحسب دراسة استقصائية رصدت مدى تفاؤل أصحاب المصانع في ثاني أكبر اقتصاد في العالم أوردتها “ساوث تشاينا مورننغ بوست”، تراجعت مستويات التفاؤل إلى 51.3 نقطة الشهر الماضي من نقطة 51.9 في ديسمبر، وفقاً للمكتب الوطني للإحصاء الصيني. وكانت قراءة ديسمبر أقل من متوسط ​​التنبؤ في استطلاع للمحللين أجرته “بلومبيرج”، توقع انخفاضاً طفيفاً إلى 51.5 نقطة، وانخفض مؤشر مديري المشتريات الصيني غير التصنيعي وهو مقياس للميول في قطاعي الخدمات والبناء إلى 52.4 نقطة في يناير، بانخفاض عن قراءة ديسمبر عند 55.7 نقطة وأقل بكثير من توقعات المحللين لانخفاض أقل إلى 55.0 نقطة.

انخفاض في قطاع الخدمات

وانخفض زخم النمو في صناعة الخدمات، متأثرًا بالتجمعات الوبائية المحلية، كما انخفض مؤشر النشاط التجاري لصناعة الخدمات بنسبة 3.7 نقطة مئوية عن الشهر الماضي، بنسبة 51.1%.

وعلى الرغم من أن صناعة الخدمات لا تزال تحافظ على اتجاه الانتعاش، فإن مستوى المعنويات قد انخفض، وقال تشاو: “في قطاع الخدمات، أظهر القطاع الفرعي للفنادق والمطاعم والثقافة والرياضة والترفيه وخدمات المقيمين تقلصات في النشاط”.

وختامًا، خلال شهر واحد فقط سجلت الصين أكثر من ألفي إصابة محلية بفيروس كورونا. رقم قد يبدو صغيرًا مقارنة بدول أخرى، لكن السلطات تخشى من مخاطر انتشار الفيروس أثناء رحلات السنة القمرية الجديدة، أكبر موسم سفر في العالم ويستغرق 40 يومًا من يناير إلى فبراير.

وشهد شهر يناير إغلاق عدة مدن كبيرة وإجراء اختبار إصابة بالفيروس لعشرات الملايين، ما عطل أعمال المصانع ونال من قطاع الخدمات في مجالات مثل اللوجستيات والنقل.

لكن مع تشجيع العمال المهاجرين على البقاء في المدن التي يعملون فيها هذا العام بدلًا من العودة إلى ديارهم، فقد ينتعش مؤشر مديري المشتريات التصنيعي قليلًا خلال شهر فبراير.

ربما يعجبك أيضا