وسط قلق وترقب دولي.. انقلاب في ميانمار والبلاد في قبضة الجيش

حسام السبكي

حسام السبكي

أخيرًا، نفذ جيش ميانمار تهديده، وحقق ما كانت تساور المجتمع الدولي الشكوك حوله، ليتدخل بالقوة، ويفرض واقعًا سياسيًا جديدًا على البلاد، وذلك بعد انتخابات مثيرة للجدل، شهدتها البلاد، ووصفها الجيش ذاته بـ”المزورة”، قادت الحزب الحاكم بقيادة الرئيسة أونغ سان سو كي، إلى ولاية جديدة في حكم البلد الآسيوي، المتهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، بحق المسلمين الروهنجيا.

انقلاب عسكري

أسدل جيش ميانمار الستار، على حالة التوتر السياسي، التي شهدتها البلاد مؤخرًا، وقاد انقلابًا عسكريًا، أسفر عن اعتقال زعيمة البلاد أونغ سان سو كي وكبار زعماء الحكومة بالإضافة إلى شخصيات بارزة أخرى من الحزب، في مداهمة صباح اليوم الإثنين.

barr29 NSTfield image socialmedia.var 1611906228

وأعلن الجيش في ميانمار حالة الطوارئ بعد اعتقال قادة رئيسيين بالحكومة من بينهم أونغ سان سو كي بعد فوزها بالانتخابات التي جرت في البلاد.

ونقل تلفزيون مملوك للجيش عن القوات في ميانمار إنها نفذت اعتقالات ردا على تزوير الانتخابات، وإن حالة الطوارئ ستستمر عاما.

myanmar coup 010221 09

تأتي الخطوة بعد أيام من توتر متزايد بين الحكومة المدنية والجيش أثار مخاوف من انقلاب في أعقاب انتخابات وصفها الجيش بأنها مزورة.

وقال المتحدث ميو نيونت لرويترز عبر الهاتف إن أونغ سان سو كي ورئيس البلاد وين مينت وزعماء آخرين “اعتقلوا” في الساعات الأولى من الصباح.

وأضاف المتحدث “أود أن أبلغ شعبنا ألا يرد على هذا بتهور وأود منهم (المواطنين) أن يتصرفوا وفقا للقانون” مضيفا أنه يتوقع أن يتم اعتقاله هو أيضا.

1612148030 20210201001517480687 original

وتأتي هذه الاعتقالات في وقتٍ كان مُقرّراً أن يعقد مجلس النوّاب المنبثق عن الانتخابات التشريعيّة الأخيرة، أولى جلساته خلال ساعات.

180784 untitled design 6
NINTCHDBPICT000633153293 1

وطالب زعيم الروهينجا المجتمع الدولي بالتدخل لاستعادة الديمقراطية في ميانمار.

تعطل الخدمات

في سياقٍ متصل، أفادت شبكة الإذاعة والتلفزيون الرسمية في ميانمار بأن وسائل الإعلام الحكومية تواجه مشكلات فنية ولا يمكنها البث.

وأضافت الشبكة في منشور عبر صفحتها على “فيسبوك”: “نظرا لصعوبات الاتصال الحالية، نود أن نبلغكم بكل احترام أنه لا يمكن بث البرامج العادية لقناة MRTV وراديو ميانمار”.

وأفاد مواطنون بأن بعض خدمات الهاتف والإنترنت في مدينة يانغون الرئيسية في ميانمار قد تعطلت، كما أوضحت خدمة مراقبة الإنترنت NetBlocks أن الاتصال بالإنترنت في ميانمار انخفض إلى 75٪ من المستويات العادية من الساعة 3 صباحا بالتوقيت المحلي.

وأشارت وكالة “رويترز” إلى أن الجنود انتشروا خارج مدينة يانغون.

بينما أفادت وكالة الأنباء الفرنسية، بسيطرة جيش ميانمار على مبنى بلدية رانغون.

وتواجه وسائل الإعلام الحكومية صعوبات في البث بعد ساعات فقط من إعلان حزب الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية الحاكم عن اعتقال رئيس البلاد وين مينت، وزعيمة الحزب أونغ سان سوكي ومسؤولين كبار آخرين فجر اليوم.

من جانبها، حذّرت “نِتبلوكس” المتخصّصة في الإنترنت، من أنّ هناك “اضطرابات في الاتّصالات بدأت الإثنين نحو الساعة الثالثة صباحا (…) ومن المحتمل أن تحدّ من تغطية الأحداث الجارية”.

وفي وقتٍ لاحق، أُعلن عن إغلاق جميع البنوك في ميانمار مؤقتا بعد اعتقال الجيش لقادة الحكومة.

خلفيات الأزمة

في آخر مستجدات الأزمة، بين الجيش والحكومة المنتخبة مؤخرًا، قائد الجيش الجنرال مين أونغ هلينغ الذي يُعدّ الشخصيّة الأكثر نفوذاً في بورما، إنّ الدستور يمكن “إبطاله” في ظلّ ظروف معيّنة.

والجمعة، حضّت سفارات أكثر من عشر دول بينها الولايات المتحدة، بورما على “التزام المعايير الديموقراطيّة”. وكتبت “نحن نعارض أي محاولة لتغيير نتائج الانتخابات أو إعاقة الانتقال الديموقراطي في بورما“.

كما أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن “قلقه البالغ“.

ومع تضرر بورما بشدة من تداعيات انتشار فيروس كورونا، حضت أحزاب أصغر الجيش والرابطة الوطنية من أجل الديموقراطيّة على حلّ الخلاف السياسي عبر الحوار والتركيز على مكافحة الفيروس.

وردًا على ردود الأفعال الدولية، انتقد جيش ميانمار السفارات الأجنبية على إبدائها مخاوف تجاه التطورات في البلاد، حيث ألقت تهديدات الجيش والمخاوف من حدوث انقلاب بظلالها على الافتتاح المقرر للبرلمان.

وقال الجيش إنه “ينفي بشكل قاطع عرقلة التحول الديمقراطي”، محذرا السلك الدبلوماسي من “وضع افتراضات غير مبررة حول الوضع”، وفقا لوكالة “رويترز”.

وفي بيان رسمي قال الجيش إن التصريحات الأخيرة التي أدلى بها قائده العسكري الأعلى بشأن إلغاء الدستور أساءت وسائل الإعلام وبعض المنظمات تفسيرها.

قلق وانتقاد دولي

على صعيد ردود الأفعال الدولية، المتوالية حتى كتابة سطور التقرير التالي، أعرب البيت الأبيض عن قلقه في ساعة مبكرة من اليوم الاثنين، بشأن تطورات الأحداث في ميانمار.

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي في بيان، “تشعر الولايات المتحدة بقلق بالغ من التقارير التي تفيد بأن الجيش البورمي قد اتخذ خطوات لتقويض التحول الديمقراطي في البلاد، بما في ذلك اعتقال مستشارة الدولة أونغ سان سوكي ومسؤولين مدنيين آخرين في بورما”.

وأضافت، أن الرئيس الأمريكي جو بايدن أطلع على التطورات التي حدثت في ميانمار.

وتابع البيان “الولايات المتحدة تعارض أي محاولة لتغيير نتائج الانتخابات الأخيرة أو إعاقة التحول الديمقراطي في ميانمار، وستتخذ إجراءات ضد المسؤولين إذا لم يتم التراجع عن هذه الخطوات”.

كما دعت وزيرة الخارجية الأسترالية، ماريس باين، إلى إطلاق سراح سوكي وآخرين قيل إنهم محتجزون.

وقالت ماريس: “نحن نؤيد بقوة إعادة الانعقاد السلمي للجمعية الوطنية، بما يتفق مع نتائج الانتخابات العامة في نوفمبر 2020”.

من جانبها، أعلنت الحكومة اليابانية، أنها لا تخطط لإعادة مواطنيها من ميانمار لكنها تراقب الوضع.

هذا، و ندد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، “بشدة” في بيان باعتقال الجيش البورمي الزعيمة أونغ سان سو تشي وزعماء سياسيين آخرين.

وقال غوتيريش إنه “مع الإعلان عن نقل كل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية إلى الجيش، فإن هذه التطورات تشكل ضربة قوية للإصلاحات الديمقراطية في بورما”.

الخارجية الأمريكية بدورها، أبدت قلقها البالغ حيال اعتقال قادة الحكومة في ميانمار.

وطالبت الخارجية الأمريكية، جيش ميانمار بإطلاق سراح المعتقلين فورًا واحترام إرادة الشعب.

ربما يعجبك أيضا