إغراق السوق وسعر قياسي.. عاصفة مضاربات الفضة قصيرة المدى!

كتب – حسام عيد

للجلسة الثالثة على التوالي، ارتفعت الفضة خلال تداولات يوم الإثنين الموافق 1 فبراير 2021، إلى أعلى مستوياتها في 8 سنوات قرب 30 دولارًا للأونصة، وذلك بعد أن دعا النشطاء على منصة “ريديت reddit” للإقبال على شراء المعدن الثمين، لتكسب نحو 25% منذ يوم الخميس 28 يناير الماضي، مما دفع المراهنين على انخفاض الفضة لشراء المعدن لتغطية مراكز مدينة على غرار ما حدث في أسهم شركة “جيم ستوب” الأمريكية لألعاب الفيديو والإلكترونيات.

فماذا يحدث في أسواق الفضة العالمية، وما سر تلك القفزة الكبيرة في مدة قصيرة للغاية؟.. وهل تعد ملاذًا آمنًا أجدى من الذهب للاستثمار والادخار؟!.. هذا ما سنوضحه في التقرير التالي.

ذروة 6 أشهر

صعدت الفضة في تعاملات جلسة يوم الإثنين 1 فبراير، بنسبة بما يصل إلى 7.4% قرب ذروة 6 أشهر، بعد أن دعت منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي الأسبوع الماضي المستثمرين الأفراد لإغراق السوق.

وبلغت الفضة في المعاملات الفورية أعلى مستوياتها منذ 11 أغسطس الماضي عند 28.99 دولار للأوقية (الأونصة) في وقت سابق من الجلسة، وارتفعت 5.3% إلى 28.44 دولار.

وزادت الفضة، وهي أصل ملاذ آمن ومعدن صناعي، نحو 15% منذ يوم الخميس 28 يناير 2021، حين بدأ تداول منشورات على موقع “ريديت” تدعو المستثمرين الأفراد إلى شراء أسهم شركات تعدين الفضة وصناديق المؤشرات المتداولة لها المدعومين بقضبان بالفضة الحاضرة، في عمليات دفعت المراهنين على انخفاض الفضة لشراء المعدن لتغطية مراكز مدينة على غرار ما حدث في أسهم جيم ستوب.

وتظهر بيانات من صندوق آي.شيرز سيلفر ترست للمؤشرات المتداولة يوم الجمعة 29 يناير الماضي، أنه جرى تكوين 37 مليون سهم في يوم واحد، كل سهم يمثل أوقية من الفضة.

والشراء في صناديق المؤشرات المتداولة يمكن أن يعزز أسعار الفضة عبر زيادة عدد الأسهم في الصندوق، مما يجعل مشغله يشتري المزيد من المعدن لدعمه.

وعقب مكاسب الفضة، صعد الذهب 0.8% إلى 1860.76 دولار للأوقية (الأونصة). وربحت العقود الأمريكية الآجلة للذهب 0.7% إلى 1863.40 دولار. وزاد البلاتين 2.4% إلى 1098.08 دولار، وربح البلاديوم 1.2% إلى 2253.64 دولار.

الفضة هدف قادم لصغار المتداولين

يمكننا معرفة سبب القفزة القياسية في أسعار الفضة من خلال تدفق ملايين المتداولين الهواة على سوق الأسهم الأمريكية، الأمر الذي ساهم في تشكيل قوة جديدة أربكت كبار المحترفين في بورصة “وول ستريت”.

وأصبح منتدى “وول ستريت بتس” على موقع “ريديت” منصة للتنسيق وحشد صغار المتداولين، الذين كبدوا صناديق الاحتياط، أو ما يعرف باسم “المحافظ الوقائية” التقليدية، خسائر بمليارات الدولار في غضون أيام قليلة، عبر الشراء المكثف لأسهم العديد من الشركات الأمريكية لمواجهة عمليات “البيع على المكشوف” التي تقودها صناديق الاحتياط.

وبالفعل، اتجهت أنظار الفاعلين في عالم المال والأعمال ليلة الإثنين 1 فبراير إلى سعر أونصة الفضة، حيث انطلقت حملات تحض ملايين المتداولين على شراء المعدن الأبيض بهدف رفع سعره من حوالي 28 دولارًا حاليًا إلى 1000 دولار، أي ما يفوق بقليل نصف سعر أونصة الذهب.

بدوره، أكد رئيس شركة تارجت للاستثمار، نور الدين محمد، أن الأمور تتجه للتعقيد على مضاربات عقود الفضة الآجلة، موضحًا في تصريحات -بحسب فضائية “العربية”- أن طلب المتداولين لمراكزهم، سيوجد أزمة تسليم للمعدن الثمين، وبالتالي ربما نشهد ارتفاعات أخرى غير مسبوقة، مشيرًا إلى “توقعات بارتفاع أسعار الفضة بنحو 300% في حال إصرار المستثمرين الأفراد على استلام العقود”.

وقال نيكولاس فرابيل، المدير العام العالمي في شركة  “ABC Bullion”-بحسب وكالة “رويترز”- إنه سيكون هناك تقلب على المدى القصير، وقد تصل الأسعار إلى مستوى بين 33 و38 دولارًا.

لكن جيجار تريفيدي، محلل السلع في شركة السمسرة التي مقرها مومباي “أناند راثي شيرس” قال، إنه بمجرد أن تهدأ العاصفة ستعود الأسعار إلى مستوياتها الطبيعية التي تتراوح بين 26 و27 دولارًا، وستظل مدعومة بأساسيات قوية.

الفضة أم الذهب

يميل كثير من المستثمرين والمتداولين إلى الاستثمار بالذهب والفضة، باعتبارهما الملاذ الآمن مقارنة بالعملات العالمية التي يخيم عليها شبح الهبوط والخسارة بمجرد تصريح أو أزمة أو حرب، وبالإضافة إلى هذه الدواعي يقع في لا وعي المستثمرين احتمالية انهيار نظام العملات العالمي وعودة المعادن الثمينة إلى واجهة التعاملات.

وقد شهدت السنوات الأخيرة تحركات أكبر في الفضة مما كان عليه في سعر الذهب، ففي مارس 2020 كان سعر أوقية الفضة نحو 12 دولارًا، بينما وصل سعرها في أغسطس إلى 24 دولارًا، ثم في 1 فبراير إلى 28 دولارًا، وبالتالي حققت مكاسب نسبتها 133% خلال 11 شهرًا.

أما الذهب، فنلاحظ أنه ارتفع من 1450 دولار في مارس 2020 إلى 1900 دولار للأونصة خلال أغسطس من العام ذاته، ثم تراجع بمعدل طفيف إلى 1860.76 مطلع فبراير، ما يعني أنه حقق زيادة في السعر خلال الفترة ذاتها بنحو 28.33% فقط.

فمن اشترى الفضة تضاعفت ثروته ومن اشترى الذهب زادت ثروته بمقدار الثلث، وهذا الفرق كبير فعلًا.

لكن هذا لا يعني أن الفضة أفضل في الاستثمار مطلقًا، فهذا خطأ فادح قد يؤدي إلى خسارة كبيرة في الثروة.

وبمتابعة التقلبات التاريخية في أسعار الفضة لمعرفة ذروات صعودها وذروات هبوطها، ففي بداية عام 1980 وصلت أسعارها إلى مستويات 50 دولارًا للأوقية بسبب حالة الركود العالمي، ثم ما لبث أن انخفضت سريعًا لتصل إلى أدنى مستوياتها عام 1990 عند 3.5 دولارًا فقط، ثم ارتفعت مرة أخرى إلى مستويات 49 دولارًا في 2011 بسبب أزمة الرهن العقاري والركود الاقتصادي، لتنخفض بعدها سريعًا إلى مستويات 13 دولارًا، قبل أن تعاود الصعود في أغسطس عام 2020 إلى 24 دولارًا، ثم في فبراير إلى 28 دولارًا، فسعرها مضطرب ولكن على المدى البعيد.

ربما يعجبك أيضا