ثورة العمل من المنزل.. قواعد جديدة للتوظيف وتقييم الموظف المثالي

هالة عبدالرحمن

كتب – هالة عبدالرحمن

ربما بعد مرور عام من العمل والتعلم من المنزل، تكون قد قضينا ما فيه الكفاية من الوقت في كل غرفة في المنزل والعمل بجوار أطفالك، ويبدو العمل من المنزل أكثر جاذبية للموظفين وأصحاب العمل بعد أن أثبت قدرته على زيادة الإنتاجية وتعزيز المساواة – أو حتى إعادتها إلا أنه ساهم في تغيير قواعد التوظيف وتقييم الموظفين الأكفاء.

ووجد الباحثون أن للعمل عن بعد مميزات عديدة إلا أن له مساوئ أيضا على المدى الطويل إذا لم يتم تقنينه ووضع قواعد له.

116734707 bb26674b 0a36 4863 a973 3f71f783bb36

الأثار النفسية والصحية للعمل عن بعد

وترجح مقالات في عدد من الصحف أننا نشتري طاولات “فراش” ووسائد لنرفع بها أنفسنا لأعلى.

وقالت شركة إتسي لمبيعات التجزئة إن هناك زيادة بنسبة 606 في المئة في البحث عن حوامل اللابتوب مقارنة في الفترة الأخيرة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي علاوة على ارتفاع كبير في عدد عمليات البحث عن طاولات اللابتوب بواقع 347 في المئة، وفقا لما نشرته صحيفة التايمز.

في المقابل، يحذر الكثير من المتخصصين في الرعاية الصحية من جراحي العظام وحتى خبراء النوم من هذا الاتجاه الجديد.

وقالت صوفي بوستوك، مؤسسة موقع «ذي سليب ساينتست»: “إذا كانت علاقتك جيدة بالنوم، فهناك احتمال قوي لأن تشعر بالاسترخاء والراحة عندما تكون في الفراش، وهو أمر جيد على المدى القصير”.

لكن بمرور الوقت، قد يؤدي العمل في الفراش إلى فقدانك القدرة على النوم، وفقا لبوستوك.

وأضافت: “إذا لم تكن موفقا في أحد أيام العمل، فسوف تبدأ في تغيير شكل علاقتك بالفراش بسبب الضغط الذي تتعرض له، ومواعيد الانتهاء من مهام العمل، والمحادثات المزعجة مع رئيسك”.

وتابعت: “ساعتها قد تستبدل العلاقة الإيجابية بينك وبين الفراش بعلاقة أخرى بعملك. لذا عندما تصطحب تلك الإحباطات، والأفكار معك إلى الفراش، سوف تجدها تغزو لياليك”.

وتضيف مؤسسة موقع «سليب سيانتست»: “بعض الناس ليس لديهم خيار آخر، لابد من تعلم كيفية الفصل النفسي بين منطقة النوم ومنطقة العمل”.

واقترحت للتغلب على هذه المشكلة إلقاء غطاء بلون مختلف على الفراش، أو تغيير الإضاءة، أو تبادل الأماكن مع الأطفال – السماح لهم واستذكار الدروس في غرفة نومك بينما أنت تعمل في غرفتهم.

وأضافت: “إذا كنت مضطرا للعمل في غرفة النوم فأحضر طاولة وضعها تحت النافذة في غرفة النوم”.

1200x 1 1

سلبيات وإيجابيات بالنسبة للمديرين والموظفين

وتوصلت دراسات متعددة في أماكن عمل مختلفة إلى أن الرجال والنساء الذين يطلبون ترتيبات عمل مرنة يتعرضون للعقاب، لأنهم يُنظر إليهم على أنهم مقدمو رعاية، وفقًا لتقرير «بلومبرج».

ويعتبر أرباب العمل أن العامل المثالي ليس لديه أي مسؤوليات خارج وظيفته بالطبع، وقد وجدت أبحاث أخرى أن النساء يتعرضن للحكم على نحو أكثر قسوة لرعايتهن لأطفالهن أثناء يوم العمل.

وتقول كايتلين كولينز ، عالمة الاجتماع بجامعة واشنطن في سانت لويس التي تدرس عدم المساواة بين الجنسين في العمل: “غالبًا ما يتم تصوير النساء على أنهن أقل التزامًا وقدرة في العمل عندما يصبحن أمهات وينجبن أطفالًا”.

ووجد استطلاع حديث أجرته شركة «برايس ووترهاوس كوبرز» على 133 من المديرين التنفيذيين أن حوالي 13٪ منهم مستعدون للتخلي عن المكتب إلى الأبد. يمكن لهؤلاء المديرين التنفيذيين الاعتماد على المواهب من البلد بأكمله. وحتى أرباب العمل الذين لا يذهبون بعيدًا تمامًا هم أكثر عرضة الآن لتوظيف شخص لا يعيش في مكان قريب.

ووجد استطلاع أجري في سبتمبر / أيلول شمل أن أكثر من 330 مديرًا تنفيذيًا للموارد البشرية في الشركات الأمريكية الكبيرة أن أكثر من ثلثهم كانوا على استعداد للنظر في المرشحين من أي مكان في العالم.

لقد عزز الوباء بالفعل من فرص العمل عن بعد ، وزادت حصة القوائم الأمريكية التي تذكر “العمل عن بعد” أو شروط مماثلة بأكثر من الضعف إلى 5.8٪ في ديسمبر 2020 من 2.8٪ في العام السابق.

وأجريت دراسة استمرت عامين لجامعة ستانفورد بمشاركة 1000 موظف في أحد الشركات.

وتوصلت الدارسة إلى أن العمل من المنزل زاد من الانتاجية بنسبة 13%.

وقال 50% منهم أنهم لا يودون التوقف عن العمل من المنزل بعد الجائحة.

وقال نصف الموظفين إنهم يريدون العودة  للعمل من مقار الشركة بعد الجائحة على الرغم من قضائهم 40 دقيقة في الذهاب إلى العمل يوميا.

وتوصل مسح أخر لشركة بين وشركاه بمشاركة موظفيها إلى زيادة الانتاجية بالنسبة لبعض الموظفين بفضل عدم الاحتياج إلى ارتياد وسائل  المواصلات.

ومقابل هذا، تراجعت انتاجية بعض الموظفين الآخرين بسبب ضعف التوجيه وافتقاد بيئة العمل المحفزة.

ومن المتوقع لذلك نشوء أسلوب عمل هجين يعتمد على الجمع بين العمل من المنزل لتأدية المهام الفردية.

ويقتضي هذا الاسلوب الذهاب إلى مقار الشركات أيام معينة للتنسيق مع فريق الزملاء.

وتوصل مسح حديث إلى أن نسبة 90% ممن تم سؤالهم قالوا إنهم لن يعودوا إلى العمل من مقار شركاتهم في دوام كامل بعد انتهاء جائحة كوفيد.

ويظل العمل من المنزل الحل الأكثر آمانًا وفعالية في ظل جائحة كورونا، إلا أنه يعكس تغييرا ثقافيا كبيرا داخل بيوتنا، لذلك يجب أن نكون حذرين مما سيبدو عليه ذلك بدون تغييرات لقواعد متزامنة أيضًا، وبدون دعم البنية التحتية من قوانين وآليات تتيح بيئة عمل مناسبة للعمل من المنزل، بما في ذلك إجازة عائلية مدفوعة الأجر ودعم رعاية أطفال ميسورة التكلفة، سنعود إلى حيث بدأنا.

ربما يعجبك أيضا