بعد عشر سنوات.. «اليمن» من حلم التغيير إلى أسوأ أزمة إنسانية

أسماء حمدي

كتبت – أسماء حمدي

بعد عشر سنوات من الأمل الذي ملأ الأماكن العامة في صنعاء، أصبحت العاصمة اليمنية مكانًا هادئًا، وتلاشت أغاني وقصائد الثورة التي تردد صداها تحت فن العمارة الساحرة التي تعود للعصور الوسطى، وأنهكت شوارع المدينة القديمة، بعد قمع احتلال المتمردين الحوثيين والصعوبات الاقتصادية الناجمة عن ذلك.

بداية الحلم

قبل عشر سنوات، نزل أكثر من 10000 شخص إلى شوارع صنعاء في أول مظاهرة حاشدة ضد نظام الرئيس علي عبد الله صالح البالغ من العمر 32 عامًا، مستوحاة من النجاحات المبكرة للحركة الثورية في تونس، شرع المواطنون من جميع مناحي الحياة في مسيرة سلمية في الغالب عبر المدينة، وهم يلوحون بالأعلام ويرتدون شارات وأوشحة وردية في إظهار الوحدة.

تنحى صالح في أوائل عام 2012، وترك الوظيفة التي وصفها بأنها “الرقص على رؤوس الأفاعي”، وفي عام 2017، واجه نهايته بنفس طريقة معمر القذافي، بجثة ملطخة بالدماء تجر في الشوارع، بعد أن حاول تغيير المواقف في الحرب.

في الفراغ السياسي والأمني ​​الذي أعقب ذلك، اغتنم الحوثيون وهم جماعة شيعية مسلحة موالية لإيران، حالة السخط الشعبي، وشددوا سيطرتهم على محافظة صعدة والمناطق المجاورة، تمكَّن الحوثيون من توسيع نطاق سيطرتهم على الأراضي.

اندلع صراع واسع النطاق عندما قرر الحوثيون، اقتحام العاصمة صنعاء وتسبب ذلك في مقتل وإصابة الآلاف، وكان المدنيين اليمنيين هم من دفعوا الثمن، حيث أصبحت حفلات الزفاف والمستشفيات والحافلة المليئة بأطفال المدارس أهدافًا للقصف.

وقام تحالف بقيادة السعودية والإمارات العربية المتحدة، بالتدخل ضد الحوثيين بناءً على طلب الرئيس عبد ربه منصور هادي، لمد يد العون للسلطة الشرعية في البلاد، معززًا بقرارات أممية، ومواثيق عربية، ومعاهدات دفاعية مشتركة وذلك لرد العدوان، وإنقاذ الشعب اليمني.

أسوأ مجاعة شهدها العالم

بعد عقد من تجرأ اليمنيون على الحلم خلال انتفاضات عام 2011، وبعد ست سنوات من الحرب التي أودت بحياة ما لا يقل عن 233 ألف شخص، بات 80% من سكان اليمن يعتمدون على المساعدات للبقاء أحياء، وأصبح اليمن يشبه أحجية الصور المقطعة إلى أجزاء بسيطة ولا يوجد حل بسيط لها.

وتقترب الأزمة الإنسانية المصاحبة لها من ذروة جديدة، في شكل أسوأ مجاعة شهدها العالم منذ 40 عامًا، وبات  حوالي 24.1 مليون يمني الآن بحاجة إلى مساعدات إنسانية كي يبقوا على قيد الحياة، وأصبحت إمكانية إعادة تجميع قطع الأحجية معًا مرة أخرى بعيدًا أكثر فأكثر.

ووفقًا لليونيسف، ترك النزاع على الأقل500  ألف من العاملين في القطاع العام بدون رواتب، وتقدر المنظمة أن 12.24 مليون من الأطفال في حاجة المساعدات.

وأصبحت الأمراض كسوء التغذية والكوليرا وحمى الضنك،  بالإضافة إلى فيروس كورونا،  تطارد الشباب والضعفاء فيما وصفته الأمم المتحدة بأنه “أسوأ أزمة إنسانية في العالم”.

أضرار فادحة

وتسببت  ميليشيات الحوثي في أضرار فادحة على الاقتصاد الوطني وفرضت الضرائب الباهظة غير القانونية على الأعمال التجارية والجبايات على المواطنين، ما أضر بملايين اليمنيين، كما نهبت رواتب الموظفين واحتياطي البنك المركزي الذي كان يقدر بخمسة مليارات دولار قبل سيطرتها على العاصمة صنعاء.

بالإضافة إلى الجرائم والانتهاكات البشعة ضد المدنيين بما فيهم الصحافيون والنشطاء والنساء والأطفال  التي وثقتها منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية وفريق الخبراء التابع لمجلس الأمن وفريق الخبراء البارزين المكلف من المجلس الدولي لحقوق الإنسان.

منظمة إرهابية

كان أحد أعمال الرئس الأمريكي السابق دونالد ترامب الأخيرة في البيت الأبيض هو تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية، وهي خطوة حُذر من أنها لن تضر بالمتمردين بشكل كبير ولكنها ستجعل من الصعب جدًا توصيل المساعدات والواردات التي تشكل 90٪ من الغذاء والوقود لليمن.

وكان وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن قال إن وزارته “تنظر بشكل عاجل ومستفيض” في قرار إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب تصنيف ميليشيات الحوثي في اليمن تنظيماً إرهابياً وتود أن تتأكد من قدرة هيئات الإغاثة على توصيل المساعدات للبلاد.

حتى لو عكس الرئيس الأمريكي جو بايدن قرار ترامب، يتوقع برنامج الغذاء العالمي أن تترك العقوبات 80٪ من البلاد – حوالي 24 مليون شخص – في حالة جوع شديد.

ولا تلوح أي مؤشرات على إنهاء الاحتلال الحوثي في اليمن والذي أدى إلى تفشي الفقر والمجاعة والأمراض التي تفتك باليمنيين، الذين تكبدوا كلفة باهظة للغاية، وهو ما قاد إلى تصنيف الأزمة الإنسانية بأنّها الأسوأ على مستوى العالم، وتأتي الأولوية الأكثر إلحاحا الآن هي منع حدوث مجاعة واسعة النطاق، وعلى المجتمع الدولي أن يضاعف الجهود الإنسانية للتخفيف من تداعيات الكارثة.

ربما يعجبك أيضا