انتخابات الرئاسي الليبي.. هل ستنجح السلطة الجديدة في الوفاء بالوعد؟

أميرة رضا

كتبت – أميرة رضا

السير نحو خطوة جادة من أجل الوفاء بالوعد للشعب الليبي، قد تطلب وضع علامة لا تُمحى على الجدول الزمني، والتي خلصت إلى إجراء انتخابات وطنية في الـ24 من ديسمبر المقبل برعاية الأمم المتحدة، كحل سياسي لحالة العنف والانقسام التي تعصف بليبيا منذ عقد من الزمن، وكأنه تعهد واضح ينبغي احترامه لولادة سلطة جديدة للبلاد مهما كان الثمن.

آلية الاختيار التي اعتمدها الفرقاء الليبيون، في ملتقى الحوار السياسي، الذي عقدت أولى جولاته بتونس في الـ13 من نوفمبر الماضي، اقتضت الحصول على 70% من أصوات أعضاء المجمع الانتخابي لكل واحد من الأقاليم الثلاثة (طرابلس وبرقة وفزان) التي يصوت كل منها على حدة على مرشحيها، للفوز بعضوية المجلس الرئاسي المؤلف من 3 أعضاء.

الالتزام بخارطة الطريق

فكرة الالتزام بخارطة الطريق، وموعد الانتخابات ونتائج التصويت، يُعد مجرد “محطة” إن لم تعقها أي مفاجآت، ستكون بعدها ليبيا على موعد مع انتخاباتها الرئاسية والبرلمانية، أواخر ديسمبر المقبل.

وعلى الرغم من إنها تمثل أكبر جهد لإحلال عملية السلام في ليبيا منذ سنوات، لكنها محفوفة بالمخاطر، إذ تراقب الجماعات المسلحة في جميع أنحاء البلاد حلفاءها وخصومها وهم يتنافسون على السلطة السياسية.

ولكن الأمور تجرى إلى الآن حسب المخطط الزمني لها، إذ بدأت بإدلاء أعضاء الملتقى بأصواتهم في جولة أولى لانتخاب الحكومة الانتقالية الموحدة، لكنها تعرقلت بفشل المرشحين في نيل النسبة المطلوبة، ومن ثم اعتماد نظام القوائم للحسم، من أجل سلطة تنفيذية جديدة، وقد كان.

المرحلة الأولى

في البداية، لم يقف الأمر، عند إعلان بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بأن الشخصيات المشاركة في محادثات السلام الليبية، التي تعقد في جنيف، قد وافقت على قائمة مرشحين يسعون لرئاسة الحكومة الانتقالية، التي تتولى التحضير لانتخابات عامة في نهاية 2021.

إذ تقدم على الفور، 24 مرشحًا لمناصب المجلس الرئاسي الثلاثة، بينما تنافس 21 آخرين على منصب رئيس الوزراء، وذلك وفقًا للقائمة التي أعلنتها الأمم المتحدة والتي ضمت ثلاث نساء فقط.

وبعد خوض غمار أولى المنافسات، انتهت المرحلة الأولى بفشل جميع المرشحين لعضوية المجلس الرئاسي الليبي من أقاليم البلاد الثلاثة في الحصول على النسبة المطلوبة (70%) للفوز خلال التصويت، الذي أجري الثلاثاء الماضي، بجنيف، مما أجبر الأمم المتحدة على اعتماد نظام الاقتراع على القوائم.

وأظهرت النتائج التي أعلنها متحدث باسم البعثة الأممية للدعم في ليبيا، أن رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري تصدر مرشحي إقليم الغرب بـ8 أصوات من جملة الأصوات الصحيحة وعددها 36 صوتًا، في حين أن الفائز بالنصاب المطلوب (70%) مطالب بالحصول على 24 صوتًا.

كذلك، أظهرت نتائج تصويت مجمع الشرق أن رئيس مجلس النواب في طبرق، عقيلة صالح تصدر مرشحي منطقته بالحصول على 9 أصوات من مجموع 23 صوتًا صحيحًا، في حين أن الفائز مطالب بنيل 16 صوتًا.

أما نتائج الاقتراع على مرشحي الجنوب، فقد أسفرت عن تصدر عبد المجيد غيث النصر بـ6 أصوات من مجموع 14 صوتًا صحيحًا، في حين يتعين على الفائز بعضوية المجلس الرئاسي عن هذا الإقليم أن يحصل على 10 أصوات.

آلية الاقتراع على القوائم

عملية الاقتراع على الأفراد التي بائت بالفشل، وأدت إلى عدم حسم المنافسة، حتمت اللجوء إلى آلية الاقتراع على القوائم.

وفي هذا الصدد، قالت قالت المبعوثة الأممية الخاصة بالإنابة إلى ليبيا ستيفاني وليامز، “إن عدم حصول أي من المرشحين على النسبة المطلوبة حتّم اعتماد نظام الاقتراع على القوائم”.

لذلك قد تم تقديم قوائم من الأقاليم الثلاثة للتنافس على ثلاثة مقاعد في المجلس الرئاسي، ومثلها في رئاسة الوزراء “رئيس الوزراء ونائبين”، على أن تتكون كل قائمة من أربعة أفراد، ثلاثة لعضوية المجلس الرئاسي والرابع لرئاسة الحكومة.

وشملت القائمة الأولى، حمد حسن سليمان البرغثي كمرشح لرئاسة المجلس الرئاسي، وفي عضوية المجلس المرشحين علي أبو الحجب، وإدريس سليمان أحمد القايد، فيما اختير في القائمة ذاتها خالد الغويل كمرشح لرئاسة الوزراء.

والقائمة الثانية ضمت الشريف الوافي الذي ترشح لرئاسة المجلس الرئاسي، ومعه في عضوية المجلس عبد الرحمن محمد أبو القاسم البلعزي، وعمر مهدي أبو شريده، وفي رئاسة الحكومة محمد عبد اللطيف المنتصر.

أما القائمة الثالثة، فقد ضمت محمد يونس المنفي رئيسًا للمجلس الرئاسي، وفي المرشحين لعضوية المجلس ضمت هذه القائمة موسى الكوني، وعبد الله حسين اللافي، وفي رئاسة الوزراء عبد الحميد محمد دبيبه.

وضمت القائمة الرابعة عقيلة صالح قويدر مرشحًا لرئاسة المجلس الرئاسي، وفي عضوية المجلس في هذه القائمة هناك أسامة جويلي، وعبد المجيد سيف النصر، ولمنصب رئيس الوزراء ضمت اللائحة المرشح فتحي باشاغا.

ويتعين على القائمة الحصول على 17 صوتًا على الأقل حتى يتم اعتمادها، ومن ثم الحصول على 60% من الأصوات، وفي حال فشل ذلك، سيتم الاختيار من بين أعلى قائمتين تحصلان على الأصوات.

تعهدات

وفي سياق التحضير لخوض غمار المرحلة الثانية لانتخابات الحكومة الانتقالية، لفت بيان صادر عن بعثة الأمم المتحدة، إلى تعهد المرشحين، في حالة اختيارهم للسلطة التنفيذية، بتقديم إقرار للجهات الرقابية المختصة بممتلكاتهم الثابتة والمنقولة داخل وخارج ليبيا، فضلاً عن تلك الخاصة بزوجاتهم وأزواجهن وأطفالهم القصّر.

كذلك التعهد أيضًا بعدم خوض الانتخابات في نهاية الفترة التمهيدية، وتوقيع إفادة خطية ملزمة قانونًا، تؤكد امتثالهم لقانون الجنسية الليبي الحالي.

ونوهت لجنة التدقيق للنظر في طلبات المرشحين، والمشكلة من ثلاثة أعضاء من ملتقى الحوار السياسي الليبي، إلى ضرورة أن يتوافق تقديم المترشحين للمناصب من “السلطات العسكرية أو القضائية”، مع القوانين والأنظمة الليبية القائمة.

وراجعت البعثة هذه المسألة، باعتبار أن “العملية السياسية هي عملية يمتلك الليبيون زمامها”، وقالت إنه “يتعين على هؤلاء المرشحين، الامتثال التام للقوانين واللوائح ذات الصلة في ما يتعلق بالمشاركة في الأنشطة السياسية، أو الترشح لمنصب سياسي”.

انطلاق المرحلة الثانية

بعد قطع خطوات لا بأس بها من المفاوضات الشاقة، ومع إخفاق كل المرشحين للسلطة التنفيذية الانتقالية الليبية في الحصول على الأصوات المطلوبة خلال المرحلة الأولى، انتقل بالفعل الاقتراع، صباح اليوم في جنيف، إلى المرحلة الثانية التي تعتمد على آلية نظام القوائم.

إذ يختتم أعضاء ملتقى الحوار السياسي الليبي، المسار السياسي، بالتصويت على القوائم المرشحة واختيار رئيس الوزراء وأعضاء المجلس الرئاسي الذين سيقودون مرحلة انتقالية حتى إجراء انتخابات نهاية العام الحالي.

أتى ذلك، بعد أن افتتحت أعمال اليوم الخامس من الحوار، بحضور المبعوث الأممي الجديد، يان كوبيتش، لأول مرة، من أجل اختيار السلطة التنفيذية الجديدة في البلاد.

وخلال كلمة الافتتاح، أعلنت المبعوثة الأممية بالإنابة ستيفاني ويليامز، أنها ستشرح آليات التصويت على السلطة التي ستبصر النور قريبًا، مؤكدة على أن كافة الأطراف الليبية تعهدت بالالتزام بنتيجة التصويت.

دبيبه.. الانتصار لـ”ليبيا” أم للإخوان؟

حالة من الترقب انتابت المجتمع الدولي، بانتظار اختيار تشكيل الحكومة الانتقالية الجديدة، من أجل تلبية تطلعات ومطالب الشعب الليبي، في رؤية ليبيا موحدة وذات سيادة تمهيدًا لتنظيم انتخابات عامة في 24 ديسمبر المقبل.

الأمور لم تكن على ما يرام في بداية جلسة اليوم، إذ فشلت القوائم في الحصول على نسبة 60%، ومن ثم التحكيم إلى جولة ثانية بين قائمتي باشاغا ودبيبه.

إذ أعلنت استيفاني ويليامز، أنه لم تصل أي قائمة للنسبة المطلوبة وهي 60%، مضيفة أن الجولة الثانية ستكون بين باشاغا ودبيبة بعد فاصل مدته ساعتان.

وفي هذا السياق، أظهرت عملية فرز الأصوات، حصول قائمة فتحي باشآغا على 25 صوتًا، تليها قائمة عبد الحميد دبيبة بـ20 صوتًا، ثم قائمة محمد المنتصر بـ15 صوتًا، وقائمة محمد الغويل بـ13 صوتًا.

وفي الجولة الثانية، فازت القائمة التي حصلت على نسبة 50+1، بواقع 39 صوتًا من أصل 73 صوتًا وامتناع صوت واحد، معلنة فور عبدالحميد دبيبه برئاسة الحكومة الليبية القادم، وفوز موسى الكوني وعبدالله حسين اللافي بعضوية المجلس الرئاسي الليبي.

وفور إعلان النتيجة، أكدت المبعوثة الأممية، على إنها “لحظة تاريخية في ذاكرة الشعب الليبي بجنيف”، مؤكدة على أن الحكومة الليبية المقبلة، عليها “أن تلتزم بخارطة الطريق وإجراء الانتخابات في موعدها”.

ومن المقرر، أن رئيس الحكومة الانتقالية، سيشكل حكومة جديدة، ليصادق عليها البرلمان، ويضع ميزانية موحدة، ويشرف على خارطة طريق للانتخابات، كما يقرر هيكل هيئات ومؤسسات الدولة وإدارتها.

ويعكس فوز المنفي ودبيبة، شكل الثقل السياسي في السلطة التنفيذية الجديدة، التي يُهيمن عليها الإخوان، إما مباشرة عبر رئيس الحكومة، أو عبر رئيس المجلس الرئاسي الجديد، بالتحالف.

في نهاية الأمر، كان لابد من اللجوء إلى “صناديق الاقتراع” للوصول لحكومة انتقالية تهدف إلى إنهاء عقد من الفوضى والصراع الذي أدى إلى انقسام ليبيا، وعرقل صادرات النفط المهمة التي يعتمد عليها اقتصاد البلاد، لكن على الرغم من تلك المساعي إلا أن الكثير من الليبيين ينتابهم شكوك عدة خاصة بعد انهيار جهود دبلوماسية سابقة، فضلًا عن استمرار عدم الالتزام بالبنود الرئيسة لوقف إطلاق النار هناك، الأمر الذي سيضع المشهد السياسي القادم في ليبيا بلا شك تحت مجهر المجتمع الدولي لاسيما وأن عبدالحميد دبيبة معروف بقربه من تنظيم الإخوان الإرهابي وبولائه لتركيا، فهل ستنجح السلطة الجديدة في الوفاء بالوعد؟!

ربما يعجبك أيضا