«سد النهضة».. بين تراشق التصريحات «السيسي» يجدد ثقته في الاتحاد الأفريقي فما هي آخر المستجدات؟

سهام عيد

كتبت – سهام عيد

في ظل استمرار تعنت إثيوبيا بشأن سد النهضة وإعلان فشل المفاوضات وعدم التوصل إلى اتفاق نهائي ملزم بشأن قواعد ملئ السد، جددت مصر ثقتها في قدرة الاتحاد الأفريقي برئاسة الكونغو الديمقراطية في الحفاظ على حقوق مصر المائية.

وتوجه الرئيس عبدالفتاح السيسي بالشكر والتقدير إلى الرئيس الجنوب أفريقي “سيريل رامافوزا” على جهوده في إطار رعاية المفاوضات الثلاثية الساعية للوصول إلى اتفاق شامل وعادل ومُلزم فيما يتعلق بملء وتشغيل سد النهضة، وذلك أثناء رئاسة جنوب أفريقيا للاتحاد الأفريقي.

كما أعرب السيسي عن الثقة في قدرة الاتحاد تحت قيادة الرئيس الكونغولي “فيليكس تشيسيكيدي” في المساهمة في دفع المساعي الرامية للتوصل إلى الاتفاق المنشود بما يراعي مصالح الأطراف المعنية، ويحفظ حقوق مصر المائية في مياه نهر النيل.

جاء ذلك خلال مشاركة الرئيس المصري اليوم السبت، عبر الفيديو كونفرانس في أعمال الدورة العادية الـ٣٤ لمؤتمر قمة الاتحاد الأفريقي.

آخر مستجدات الأزمة

كانت قد وصلت مفاوضات سد النهضة الشهر الماضي إلى طريق مسدود، بعد أن فشل وزراء الخارجية والري في مصر والسودان وإثيوبيا، في التوصل لصيغة مقبولة لمواصلة التفاوض حول السد الإثيوبي المثير للجدل.

وأعربت وزيرة العلاقات والتعاون الدولي لجنوب أفريقيا، جي بندور، التي ترأس بلادها الدورة الحالية للاتحاد الأفريقي، الذي يرعى المفاوضات ويدفع بها، عن أسفها للطريق المسدود الذي وصلت إليه المفاوضات، مشيرة إلى إنها سترفع الأمر للرئيس سيريل رامافوزا، رئيس الدورة الحالية للاتحاد الأفريقي “لاتخاذ ما يلزم”.

مقترح سوداني يؤجج الأزمة

تعليقًا على فشل المفاوضات، أصدر السودان بيانًا أكد خلاله على ضرورة تغيير منهجية المفاوضات، وإعطاء دور أكبر للخبراء، الذي يمكن أن يلعبوا دورًا أساسيًّا في تسهيل التفاوض، وتقريب وجهات النظر بين ثلاثي أطراف الأزمة.

وقال وزير الري السوداني، ياسر عباس: “لا يمكننا الاستمرار في هذه الحلقة المفرغة من المباحثات إلى ما لا نهاية بالنظر لما يمثله سد النهضة من تهديد مباشر لخزان الروصيرص والذي تبلغ سعته التخزينية أقل من 10% من سعة سد النهضة، إذا تم الملء والتشغيل دون اتفاق وتبادل يومي للبيانات”.

وتقدم السودان، باحتجاج شديد اللهجة إلى إثيوبيا والاتحاد الأفريقي، بشأن خطاب وزير الري الإثيوبي للاتحاد، المرسل في 8 يناير الماضي، الذي أكد خلاله عزم بلاده الاستمرار في عملية ملء السد في يوليو القادم، بنحو 13.5 مليار متر مكعب، بغض النظر عن التوصل لاتفاق أو عدمه.

وكان السودان، قرر تعليق مشاركته سابقًا في المفاوضات الجارية بشأن سد النهضة، إلا أنه تراجع عن قراره، بعد اجتماع ثنائي عقده الوفد السوداني، مع فريق خبراء الاتحاد الأفريقي.

الموقف المصري

أعلنت وزارة الخارجية المصرية، فشل الاجتماع في تحقيق أي تقدم، بسبب خلافات حول كيفية استئناف المفاوضات والجوانب الإجرائية ذات الصلة بإدارة العملية التفاوضية، حيث تمسك السودان بضرورة تكليف الخبراء المُعينين من قبل مفوضية الاتحاد الأفريقي بطرح حلول للقضايا الخلافية وبلورة اتفاق سد النهضة، وهو الطرح الذي تحفظت عليه كل من مصر وإثيوبيا، وذلك تأكيدًا على ملكية الدول الثلاث للعملية التفاوضية وللحفاظ على حقها في صياغة نصوص وأحكام اتفاق ملء وتشغيل سد النهضة، خاصةً وأن خبراء الاتحاد الأفريقي ليسوا من المتخصصين في المجالات الفنية والهندسية ذات الصلة بإدارة الموارد المائية وتشغيل السدود.

بدوره، قال الرئيس السيسي، اليوم، أمام قمة الاتحاد الأفريقي، إن مصر انخرطت بحسن نية وجدية في المسار الأفريقي أملاً في التوصل إلى الاتفاق المنشود بما يراعي مصالح وحقوق الأطراف المعنية، وهو الهدف الذي لن يتأتى تحقيقه إلا بتوافر الإرادة السياسية لكافة الأطراف.

السيسي يجدد ثقته في الاتحاد الأفريقي بالحفاظ على حقوق مصر المائية

 وأكد السيسي، على حرص مصر الشديد لحل هذه المسألة من خلال المفاوضات الجادة بما يعزز الأمن والاستقرار والتنمية في المنطقة، وثقته في قدرة الاتحاد الأفريقي -تحت قيادة الرئيس تشيسيكيدي- في المساهمة في دفع مساعينا الرامية للتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم حول ملء وتشغيل سد النهضة، قبل تنفيذ المرحلة الثانية من عملية ملء سد النهضة، وبما يراعي مصالح وشواغل الدول الثلاث.

إثيوبيا تواصل التحدي وترفض أي اتفاق يحيد عن إعلان 2015

بيد أن إثيوبيا لا زالت تماطل وتراوغ كل من مصر والسودان، وتستنفذ المزيد من الوقت وفرض سياسة الأمر الواقع، إذ يواصل وزير الري الإثيوبي إطلاق تصريحات نارية في تحد واضح لمصر والسودان حول أزمة سد النهضة.

فقد جدد وزير المياه والري الإثيوبي سلشي بقلي، اليوم السبت، رفض إثيوبيا أي اتفاق يحيد عن إعلان المبادئ بشأن سد النهضة الإثيوبي الموقع في مارس 2015.

وقال الوزير الإثيوبي، إن مشاكل خطيرة ظهرت في المفاوضات الثلاثية بسبب “حملة تشويه” للسد، لافتا إلى أن مصر والسودان لم تتمكنا من التوصل إلى اتفاق بإثارة “آراء متناقضة”، وفقا لموقع “العربية نت”.

وقال: “يجري بناء سد النهضة بشكل سريع، ومن المتوقع أن يخزن السد 13.5 مليار متر مكعب من المياه في موسم الأمطار القادم”.

كان سلشي بقلي قد قال أمس الجمعة، إن أديس أبابا غير معنية بفشل التوصل إلى اتفاق بشأن سد النهضة، مؤكدا اكتمال بناء أكثر من 78% من السد.

كما أوضح خلال مؤتمر صحفي، أن الأعمال الهندسية في بناء السد وصلت إلى 91% بينما بلغت نسبة البناء الكلية 78.3%.

وأكد أن إثيوبيا ستبدأ عملية الملء الثانية لبحيرة سد النهضة الإثيوبي الكبير خلال الأشهر القليلة المقبلة.

وكانت إثيوبيا تجاهلت تحذيرات مصرية وسودانية متتالية، بضرورة الوصول إلى اتفاق بشأن سد النهضة، حيث صرح وزير المياه والري والطاقة الإثيوبي، مرارا أن بناء السد يسير كما هو مخطط له.

السودان: بناء السد سيهدد أمننا القومي

من جانبه، قال وزير الري السوداني ياسر عباس، السبت، إن بلاده ترى أن أي ملء لسد النهضة الإثيوبي من جانب واحد في يوليو المقبل، سيشكل “تهديدا مباشرا للأمن القومي السوداني”.

وقال ياسر عباس في مقابلة مع رويترز، إن السودان “يقترح توسيع مظلة التفاوض بين السودان ومصر وإثيوبيا بشأن سد النهضة، لتشمل الاتحاد الأفريقي والولايات المتحدة والاتحاد الأوربي والأمم المتحدة”.

وأشار إلى “تحويل دور هذه المؤسسات الأربع من مراقبين إلى وسطاء”.

وبالرغم من مرور 10 سنوات على المفاوضات، إلا أن الدول الثلاثة لم تتمكن من التوصل إلى اتفاق بشأن السد حتى الآن.

ربما يعجبك أيضا