قرارات «بايدن» في اليمن.. بادرة للحل أم تمرد جديد يلوح في الأفق

دعاء عبدالنبي

كتبت – دعاء عبدالنبي

تحركات سريعة من قبل الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة جو بايدن لرسم ملامح سياسته الجديدة لإنهاء الحرب اليمنية المستمرة لأكثر من ستة أعوام  أودت خلالها بحياة عشرات الآلاف وشردت الملايين وخلقت ما وصفته الأمم المتحدة بكارثة إنسانية، فهل تسهم تلك التحركات بنهاية وشيكة للحرب المأساوية؟

 سياسة أمريكية جديدة أكدت على إنهاء الدعم الأمريكي للعمليات العسكرية في اليمن والتأكيد على دعم الحليف الاستراتيجي السعودية في مواجهة ما تتعرضه له من هجمات من قبل جماعة الحوثي المدعومة من إيران، وغيرها من مواقف وسياسات تشي بقرب التوصل لتسوية للأزمة، لكن هل تتمكن إدارة بايدن من لجم إرهاب الحوثي ووقف دعم طهران المتواصل لها في نشر الفوضى؟

سياسة بايدن

ضمن حديثه عن ملامح جديدة للسياسة الخارجية الأمريكية، تناول الرئيس الأمريكي جو بايدن في كلمته، الحرب اليمنية قائلًا” إنها يجب أن تتوقف”، ومؤكدًا توجيهه بإنهاء الدعم الأمريكي للعمليات الهجومية في اليمن، ومعلنًا تعيين “تيموثي ليندر كينغ” مبعوثًا خاصًا إلى اليمن.

وبالنسبة للحليف السعودي، قال بايدن” إن السعودية تتعرض لهجمات من دول مجاورة، وسنواصل دعمها في الدفاع عن سيادتها وأمنها ومواطنيها”، مؤكدًا دعم بلاده للمملكة في التصدر للصواريخ التي تطلقها جماعة الحوثي.

وفي هذا السياق، أخبر وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، نظيره السعودي، فيصل بن فرحان، أن إنهاء الحرب في اليمن يمثل أولوية في السياسة الخارجية لإدارة الرئيس جو بايدن، مؤكدًا استمرار واشنطن في الضغط على قيادة الميلشيا الحوثية لوقف هجماتها وانتهاكاتها.

من جانبها، رحبت السعودية بتصريحات بايدن، مؤكدة في بيان لها على “موقفها الثابت في دعم التوصل لحل سياسي شامل للأزمة اليمنية”، كما رحب الحوثيون أيضًا بقرار إنهاء دعم واشنطن للعمليات العسكرية في اليمن، معتبرين أنها قد تمثل خطوة نحو إنهاء النزاع.

وفي هذا السياق، أخبر وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، نظيره السعودي، فيصل بن فرحان، أن إنهاء الحرب في اليمن يمثل أولوية في السياسة الخارجية لإدارة الرئيس جو بايدن، مؤكدًا استمرار واشنطن في الضغط على قيادة الميلشيا الحوثية لوقف هجماتها وانتهاكاتها.

تحركات دبلوماسية

وفي سياق تحرك دبلوماسي مغاير تمامًا لما أقدمت عليه إدارة ترامب، أعلنت واشنطن عزمها إلغاء تصنيف جماعة الحوثيين “منظمة إرهابية” في خطوة تستهدف رفع الحظر عن إرسال المساعدات الأساسية لليمن

وفي معرض توضيحه لدوافع القرار، قال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية “لا علاقة لهذا القرار بنظرتنا للحوثيين وسلوكهم المستهجن الذي يتضمن هجمات ضد المدنيين وخطف مواطنين أمريكيين”. مضيفا “خطوتنا مرتبطة بتأثر المساعدات الإنسانية لليمن بقرار الإدارة الأمريكية السابقة”.

دوافع أشارت لها منظمات إغاثية دولية، بأنه لا مناص لها من التعامل مع الحوثيين، من أجل إيصال المساعدات الغذائية لليمنيين، الذين تقول الأمم المتحدة إن أكثر من ثلاثة ملايين منهم شردوا عن أماكن إقامتهم، وأن حوالي 80% منهم يحتاجون إلى الإغاثة.

وفي قراءة مختلفة للمشهد، برى المراقبون أن تلك الخطوات بالإضافة لمساعي العودة للاتفاق النووي الإيراني، ستعزز من موقف إيران وتعيد مخاوف بعض الدول والتي تتركز حول إعادة بايدن لنفس سياسيات الديمقراطيين في عهد أوباما والتي يعتبرها كثير من المراقبين محابية لطهران.

وقبل أيام قام المبعوث الأممي مارتن غريفيث بزيارة طهران التقى فيها المسؤولين الإيرانيين لبحث الجهود الدبلوماسية لدعم حل سياسي للصراع في اليمن، وتأتي زيارة المبعوث الأممي غداة تصريحات لرئيس الحكومة اليمنية معين عبدالملك، خلال لقائه سفراء أوروبيين، شدد فيها أنه “لا سلام مع الحوثيين بدون وجود ضغط دولي على إيران”.

وبين مساعي بايدن لإنهاء الحرب اليمنية بسياسته الجديدة ومخاوف البعض منها، لا شك أن الحرب الدائرة في اليمن منذ ستة أعوام بحاجة لسياسات جديدة ومواقف حاسمة لإنهاء ما وصفته الأمم المتحدة بالكارثة الإنسانية، في حين أكدت مفوضيتها للشؤون الإنسانية، في آخر تقاريرها بشأن تلك الحرب، والذي صدر أول العام الحالي، أن الحرب في اليمن أودت بحياة 233 ألف شخص، على مدار 6 سنوات، وبجانب الضحايا الذين سقطوا في تلك الحرب فإنها ألحقت دمارا هائلا بالبنى التحتية لليمن.

هل تنتهي الحرب؟

بالنظر إلى ديناميكيات اليمن المعقدة، يرى المحللون أن قرارات بايدن تعيد الزخم للحل الدبلوماسي، لكن التحدي الحقيقي لإنهاء الحرب يكمن في إيجاد حل وسط مقبول من قبل الفصائل المسلحة التي لا تعد ولا تحصى، والتي عرقلت بنسبة كبيرة ما تم من محاولات أممية لإنهاء الحرب من خلال التسوية السياسية وإنهاء الحرب.

وهنا يأتي قرار بايدن بتعيين الدبلوماسي المخضرم تيموثي ليندركينغ في منصب المبعوث الأمريكي الخاص لليمن، لتعزيز الجهود لإنهاء الحرب، من خلال سعيه لوقف إطلاق النار وإحياء المحادثات بين الحوثيين والحكومة.

ووسط ترحيب حذر من قبل الحوثيين وحليفها الدائم إيران بقرارات بايدن وإعلان استعدادهم للتفاوض لإيجاد سياسي، يبقى الحل مرهون بمدى استيعاب تلك الجماعات الكارثة الإنسانية التي يواجهها اليمن منذ أعوام، والحد من أعمالها الإرهابية والجلوس على طاولة المفاوضات لإيجاد تسوية للأزمة بعيدًا عن حرب الميلشيات التي تديرها بدعم وتمويل إيراني.

في المقابل، يرى آخرون أن الميلشيات الحوثية لن تشارك في المحادثات بجدية رغم عزم واشنطن إلغاء تصنيفهم كجماعة إرهابية، وارتأت أن الحل الأمثل بمفهوم الميلشيات هي بالضغط عليهم لإجبارهم على التغيير.

وبين هذا وذاك، تسببت الحرب الطاحنة في اليمن في مقتل عشرات الآلاف وتشريد الملايين، وخلقت ما وصفته الأمم المتحدة بأسوأ كارثة إنسانية في العالم، ولعل الزخم الذي تسعى إليه غدارة بايدن تخفف من معاناة اليمنيين في ظل مخاوف من أن يصبح يتولد من تلك السياسات الجديدة تمردًا خطيرًا سيؤثر بدوره على اليمن بأكملها ويشكل تهديدًا على أمن المملكة العربية السعودية عند حدودها الجنوبية.

ربما يعجبك أيضا