دلالات غياب القضية الفلسطينية في خطاب بايدن

محمد عبدالله

رؤية – محمد عبدالله

من مقر وزارة الخارجية، أعلن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، عودة بلاده إلى الساحة العالمية عبر الدبلوماسية، لكن الرئيس الذي يقود ما يشبه الانقلاب على سياسة سلفه، تجنب في خطابه الخاص بالسياسة الخارجية ذكر إسرائيل تماما والقضية الفلسطينية في أول خطاب شامل له حول سياسته الخارجية، وقد أطلق غيابها التكهنات بخصوص دلالاته التي بقيت تتحرك داخل دائرة الإرث الديمقراطي في التعاطي مع تعقيدات الشرق الأوسط.

بايدن 2

تغيرت ولم تتراجع

كان يمكن أن يكون ذلك بلا دلالات حقيقية، لولا أنه على خلاف سابقيه من رؤساء، لم يتصل أيضا بعد برئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو وكان الاتصال به عرفا يلتزم به أسلافه.

أغفل بايدن أيضا الحديث عن القضية الفسطينية رغم تطرقه إلى النزاعات الأخرى في العالم، ما يطرح تساؤلات عما إذا كان هو يئس من إمكانية التوصل لحل للصراع، أم تراجعت مكانة إسرائيل والقضية الفلسطينية لدى الإدارة الأمريكية الجديدة.

تغيرها يأتي مقارنة بالإدارة السابقة.. آنذاك تحولت واشنطن لما يشبه بوزارة خارجية في تل أبيب ونتنياهو، زار الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب المنطقة، وافتتحت بلاده السفارة الأمريكية في القدس المحتلة، واعترف بضم إسرائيل لأراضي الجولان المحتلة، وفعل أكثر.

إذ أغلق مكتب البعثة الدبلوماسية الفلسطينية في بلاده وقطع كل المساعدات المالية والإنسانية للفلسطينيين بما فيها تلك التي كانت تقدم لـ«الأونروا» وأعلن خطته التي وُصفت إعلاميًّا بـ«صفقة القرن» وفيها كرس ترامب طلاقه مع مفهوم حل الدولتين الذي دأبت الإدارات الأمريكية على تبنيه ولو لفظيا على الأقل . وكانت خلاصته تتطابق مع تلك التي يتبناها نتنياهو، من خلال القفز على الصراع مع الفلسطينيين، بعيدا عن حل المشكلات الأم.

ماذا عن بايدن؟

لكن ماذا عن بايدن ؟ وهو صديق قديم لإسرائيل، وسياسات سلفه تعتبر في أحد وجوهها انقلابا حقيقيا على ما استقر من سياسات أمريكية، اعتبرت حل الدولتين مبدأ أسياسيا للتفاوض وحل الصراع الدائر منذ عقود.

تقوم رؤية بايدن التي لم تعلن بعد، على استعادة المبدأ الأول لسياسات واشنطن في هذا الشأن، وهو حل الدولتين، ويتفرع عن ذلك معارضته لخطة الضم والتوسع الاستيطاني والمبادرة لإعادة تقديم المساعدات المالية والإنسانية للفلسطينيين.

وفي الوقت نفسه تشجيع معاهدات السلام التي أُبرمت في عهد سلفه ترامب بين تل أبيب من جهة، وعواصم عربية من جهة أخرى، والتأكيد على أن دعم أمن إسرائيل لا يعني تأييدها فيما تذهب إليه من غزة إلى طهران.

إعادة قنوات الاتصال

على الفلسطينيين إذن أن يجهزوا أنفسهم لمرحلة مختلفة، فثمة رئيس جديد في البيت الأبيض، ومن الجيد التقدم خطوة في اتجاهه، وهو ما يتطلب إنهاء الانقسام والإسراع بإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية ليكونوا جاهزين إذا ما وجهت لهم الدعوات لتقرير ما هو مصيري في حياتهم ووجودهم.

الكاتب والمحلل السياسي، توماس جيرجيسيان، يرى بأن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، لا يزال على طاولة الإدارة الأمريكية الجديدة، وما يؤكد ذلك هو تعيين أكثر من مسؤول لإعادة قنوات الاتصال مع السلطة الفلسطينية واستئناف المساعدات الإنسانية المجمدة.

سعيد عريقات الكاتب والمحلل السياسي، ذهب إلى أنه يتعين على إدارة بايدن، التراجع أولا عن صفقة القرن، والتأكيد على حل الدولتين وإعادة فتح مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، وأن الفلسطينيين لا يطالبون بأشياء خيالية، وإنما هي مبادئ أساسية للإدارات الأمريكية المتعاقبة .

مخطئ من يعتقد أن القرار الأمريكي يصنعه الرئيس، فأمريكا دولة مؤسسات، وبالتالي الاعتقاد بتغير موقف الإدارة الأمريكية الجديدة عن نظيرتها السابقة قد يكون خاطئا، إذا ما أخذنا في الاعتبار تصويت مجلس الشيوخ قبل أيام بأغلبية ساحقة على قرار إبقاء سفارة الولايات المتحدة في القدس، إذا ما أضفنا إليه قرارات بايدن فور دخوله البيت الأبيض بإلغاء كل قرارات ترامب السابقة، وكان الاستثناء منها، قرارنقل السفارة للقدس، وهو ما يؤشر إلى أن السياسة الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية كما هي لن تتغير كثيرًا.

ربما يعجبك أيضا