خبراء يحذرون من زحف إيراني على حساب العراق

يوسف بنده

رؤية

تسعى إيران منذ سقوط نظام صدام حسين العام 2003 إلى تغيير مسار “خط التالوك”، حيث يفصل شط العرب بينها وبين العراق، للاستحواذ على منشآت اقتصادية عراقية تقع على ضفته، مستغلة حدوث انجراف في مجرى القناة الملاحية على حساب الأراضي العراقية، لم تتعامل سلطات بغداد معه بجدية منذ أكثر من ثلاثة عقود.

وحدد اتفاق الجزائر العام 1975 الخط الفاصل بين بين العراق وإيران في شط العرب، مثل بقية الحدود المشتركة بين البلدين، لكن السلطات العراقية تراجعت عن إعادة العمل به بشكل جدّي منذ العام 2003 وحتى الآن، بسبب ضغط القوى الكردية وبعض القوى الشيعية الصديقة لإيران.

وينص “اتفاق الجزائر” الموقع بين العراق وإيران العام 1975 على إجراء تخطيط نهائي لحدودهما البرية بناء على “بروتوكول القسطنطينيـة” لسنة 1913، ومحاضر لجنة تحديد الحدود لسنة 1914، وترسيم حدودهمـا البرية بحـسب خط “التـالوك”، وهو خـط وسط الجزء الملاحي الرئيـس الصـالح للملاحة عند خفض المنسـوب، ابتـداء من النـقطة التي تنزل فـيهـا الحـدود الـبـرية من شط العرب حتى البحر.

ويتضمن الاتفاق أيضاً اللجوء إلى التحكيم الدولي بين البلدين في حال الاختلاف في التفسيرات حول خط الحدود العراقية – الإيرانية، إذا تعذر الاتفاق بين الطرفين، أو عند اللجوء إلى دولة أخرى كوسيط بينهما وفق أطر زمنية حددها الاتفاق.

تحذيرات

وبحسب خبراء في مجال الملاحة البحرية، فإن الانجراف الحاصل حالياً أخذ مساحة كبيرة من الأراضي العراقية، ويحتاج إلى وقفة جادة لمنع تمدد إيران على الضفة العراقية وضم ميناء خور العمية.

وقد حذر الخبير البحري والنائب، كاظم فنجان الحمامي، من زحف إيراني لتحقيق مكاسب حدودية على حساب سواحل العراق المنكمشة، والمباشرة بدق ركائز وقوائم فولاذية جديدة في مكان مثير للقلق قد يضع ميناء خور العمية النفطي في مهب الريح وسط صمت الجهات الرسمية.

وحسب تقرير صحيفة الزمان العراقية، قال الحمامي: إن إيران أنشأت محطتها الملاحية الأولى فوق حطام الرافعة العراقية الغارقة عند منتصف مدخل شط العرب من جهة البحر، ثم باشرت بدق ركائز وقوائم فولاذية جديدة لتقيم عليها محطة أخرى في مكان مثير للقلق ويجعل مصير ميناء خور العُميّة النفطي في مهب الريح.

وأضاف: إن التجاوزات مستمرة من هنا وهناك لإحراز المزيد من المكاسب الحدودية على حساب سواحلنا المنكمشة، وحدودنا البحرية المتراجعة، وذلك بسبب غياب الهيئة البحرية العراقية العليا وعدم وجود من يسمع نداءاتنا المتكررة التي عرف بها القاصي والداني.

وحسب تقرير إندبندنت عربية، يقول الخبير البحري، ضجر مرزوك البدران: إن هناك انجرافاً حدث في مجرى القناة الملاحية باتجاه الغرب على حساب الأراضي العراقية بمسافة 1900 متر، مبيناً أنه أدى إلى ظهور أراض في الجانب الإيراني، وفقدان أراض عراقية نتيجة ظاهرة الهدم والبناء، وإذا ما تم حساب “الإزاحة لـ 100 سنة سابقة، فإنها تقارب أربعة كيلومترات، وهذا يؤدي إلى التأثير في الحدود البحرية، مما دعا الجانب الإيراني للمطالبة بميناء العمية النفطي، كونهُ أصبح ضمن المياه الإقليمية الإيرانية”.

واستولت إيران على “الرافعة عنتر” التي غرقت العام 1979 بمدخل شط العرب، ورفعت علمها فوقها، وثبتت أساسات كونكريتية حول السفينة الغارقة، كما شيدت ثكنة عسكرية ملاحية بهدف السيطرة والتحكم بالسفن الداخلة والخارجة من وإلى شط العرب، بحسب البدران الذي يرى أن هذه الخطوات تهدف إلى أن يكون مدخل شط العرب إيرانياً من خلال التصاق اليابسة الإيرانية بالعراقية، ليكون ميناء العمية ضمن أراضيها من دون منازع.

ويدعو البدران إلى سلسة من الإجراءات السريعة لضمان حق العراق في شط العرب وعدم التفريط فيه، تتضمن رفع مذكرة احتجاج عاجلة إلى الأمم المتحدة من الخارجية العراقية، وإبلاغ الحكومة الإيرانية رسمياً بالتوقف عن تجاوزاتها البحرية، خصوصاً الاعتداء على موقع الرافعة عنترة، وكذلك رفع مذكرة احتجاج إلى المنظمة البحرية العالمية.

كما تتضمن الإجراءات، بحسب البدران، الإسراع في رسم وتحديد خط الأساس العراقي، وتبيان المياه الإقليمية والمجاورة والاقتصادية الخالصة ونشرها عالمياً، وتنشيط الحركة الملاحية في قناة شط العرب من خلال تفعيل عمل مينائي “المعقل” و”أبوفلوس”، وذلك بتحويل السفن الصغيرة والقليلة على موانئ أم قصر نحو موانئ شط العرب، ووضع كواسر أمواج عند مدخل التيارات جنوب رأس البيشة، ودفن المناطق الأرخبيلية.

خور العمية

وقد بني ميناء خور العمية عام ١٩٦١. جنباً إلى جنب مع ميناء البصرة العراقي النفطي, يستخدم لتصدير نفط “مزيج البصرة” الخام و تبلغ استطاعته الفعلية ٣٠٠ ألف برميل يومياً. يقع كلا الميناءين في الجنوب الشرقي لشبه جزيرة الفاو في الخليج العربي.

في عام ٢٠٠٩ سربت برقيات دبلوماسية أمريكية تشير إلى أن رسالة إيرانية تدعي وقوع ميناء خور العمية ضمن المياه الإقليمية الإيرانية قد أثارت قلق المسؤولين العراقيين.

وظل ميناء خور العمية من دون إصلاح بعد التدمير الذي لحق به خلال الحرب العراقية – الإيرانية في الثمانينات.

وبقي الميناء خارج الاستعمال خلال التسعينات حيث إن التصدير وفق برنامج النفط مقابل الغذاء كان مسموحاً فقط عبر ميناء جيهان التركي. في أيار ٢٠٠٦ وقع انفجار في الميناء أدى إلى نشوب حريق دمر ٧٠% من المرافق. في ذلك الوقت كان الميناء يتعامل مع حوالي ٥% من صادرات العراق النفطية.

ربما يعجبك أيضا