هل تتحول الجولان لأول بذرة خلاف بين الاحتلال والإدارة الأمريكية الجديدة؟

حسام السبكي

حسام السبكي

“ما بُني على باطل.. فهو باطل”، تصدق تلك القاعدة، على اعتراف الرئيس الأمريكي السابق وأحد أكثر رؤساء الولايات المتحدة إثارة للجدل في تاريخها دونالد ترامب، بسيادة الاحتلال الإسرائيلي على هضبة الجولان السورية، فيما اعتبر حينها، مجاملة لصديقه رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، الذي تأخر بدوره في المباركة للرئيس الجديد جو بايدن، حفاظًا على ما يبدو على “مشاعر” صديقه، وأحد أكثر من استفاد منهم كيان الاحتلال على مر تاريخه، فمن ينسى قرار إدارة ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني!.

وعلى كلٍ، فوضع الجولان، يشبه إلى حدٍ بعيد، وضع القضية الفلسطينية، لب الأزمات الأزلية في منطقة الشرق الأوسط، التي منحت الاحتلال فرصة لبسط سيطرته منذ عام 1948 وما قبلها، فيما عُرف بـ”وعد بلفور”، والذي أطلق عليه “وعد من لا يملك.. بما لا يملك.. لمن لا يستحق”، وهو حال الجولان السوري بشكلٍ واقعي.

انسحاب مبدئي

الجولان

بداية الأزمة الدبلوماسية، الآخذة في التصاعد على الأرجح، بين البيت الأبيض وكيان الاحتلال، جاءت في تصريح لوزير الخارجية الأمريكي الجديد أنتوني بلينكن، الذي امتنع عن اعتراف إدارة ترامب بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان، مشيرا بدلا من ذلك إلى أهمية المنطقة لأمن إسرائيل.

وقال بلينكن، لشبكة (سي.إن.إن) الإخبارية: “من الناحية العملية، أعتقد أن السيطرة على الجولان في هذا الوضع تظل لها أهمية حقيقية لأمن إسرائيل… الأسئلة القانونية شيء آخر وبمرور الوقت إذا تغير الوضع في سوريا، فهذا شيء نبحثه، لكننا لسنا قريبين من ذلك بأي حال”.

وأضاف: إن حكومة الرئيس السوري بشار الأسد علاوة على وجود الفصائل المسلحة المدعومة من إيران تشكل “تهديدا أمنيا كبيرا” لإسرائيل.

بينما قال مستشارون لبايدن، في وقتٍ سابق، إنه لن يسحب اعتراف الولايات المتحدة بالسيادة الإسرائيلية على الجولان.

وأكد بلينكن أيضا التزام إدارة بايدن بالإبقاء على السفارة الأمريكية في القدس، بعد أن اعترفت إدارة ترامب بالمدينة عاصمة للاحتلال، في تراجع عن السياسة الأمريكية السابقة.

وكان ترامب يسير بخطى واسعة فيما يتعلق بالسياسة الأميركية تجاه الشرق الأوسط مع أقرب حليف له في المنطقة، وهو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وفي إطار رغبة الإدارة الجديدة، في تحسين صورة أمريكا عالميًا، قال بايدن وفريقه إنهم سيعيدون العلاقات مع الفلسطينيين بعدما قطعها ترامب، وسيستأنفون المساعدات، ويرفضون الإجراءات الأحادية الجانب مثل بناء المستوطنات الإسرائيلية على الأراضي المحتلة.

وفي مارس قبل الماضي، اعترف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب رسميا بسيادة الاحتلال على مرتفعات الجولان المحتلة من سوريا في عام 1967، في خطوة أشاد بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووصفها آنذاك بالـ “تاريخية”.

وكان الاحتلال الإسرائيلي قد ضم مرتفعات الجولان إلى أراضيها عام 1981 في خطوة لم تحظ باعتراف دولي.

وعن الإدارات الأمريكية السابقة، فيذكر أنه وقبل 5 سنوات، صوتت الولايات المتحدة في ظل إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما، لصالح بيان لمجلس الأمن يعرب فيه عن قلقه العميق إزاء إعلان نتنياهو عدم تنازل إسرائيل عن الجولان.

ولطالما تصر سوريا على عدم الموافقة على اتفاق سلام مع إسرائيل إلا إذا انسحبت من كل مرتفعات الجولان. وكانت آخر محادثات سلام مباشرة برعاية الولايات المتحدة قد انهارت عام 2000، بينما توسطت تركيا في محادثات غير مباشرة في عام 2008.

وتوجد نحو 30 مستوطنة إسرائيلية في هذه المنطقة ويعيش بها نحو 20 ألف مستوطن. كما يعيش فيها نحو 20 ألف سوري أغلبهم من طائفة الدروز.

غضب وانتقاد إسرائيلي

Benjamin Netanyahu 001

على الجانب المقابل، صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الثلاثاء، بأن منطقة الجولان السورية المحتلة “كانت وستظل جزءا من إسرائيل” مؤكدا أن قوات الاحتلال “لن تنسحب منها“.

وجاء تصريح نتنياهو خلال زيارته لعيادة في قرية الزرازير البدوية، وبعد ساعات من تحفظ من وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن على قرار الإدارة الأميركية السابقة برئاسة دونالد ترامب الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان.

وقال نتنياهو في تصريحات نقلها موقع “جيروزاليم بوست”: “هضبة الجولان كانت وستبقى جزءا من دولة إسرائيل مع تسوية أو بدونها. نحن لن ننسحب من الجولان وسيبقى الجولان جزءا سياديا من دولة إسرائيل”.

وإذ قال مقربون من نتنياهو إن هذا جاء رداً على بلينكن، أشاروا إلى أن الرئيس بايدن ووزراءه، يمتنعون عن محادثة نتنياهو، فيما اعتبر آخرون تصريح نتنياهو «لسعة مقصودة للإدارة الأميركية التي تقاطعه».

وردًا على تصريحات المسؤول الأمريكي الرفيع أيضًا، دعا عضو البرلمان الإسرائيلي “كنيست” أيوب قرا من حزب “ليكود” الذي يتزعمه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، إلى تعزيز التعاون مع روسيا والصين ردًا على عداء إدارة جو بايدن لـ “إسرائيل“.

وقال قرا في تصريحات نقلها موقع “0404” العبرية، الثلاثاء: “إذا لم تعترف الولايات المتحدة بهضبة الجولان كجزء من سيادة إسرائيل وكان هناك تغيير جذري في السياسة الأمريكية مقارنة بإدارة ترامب، فسيتعين على إسرائيل إعادة حساب المسار، بما في ذلك تخفيف القيود المفروضة على التعزيز والتعاون مع بوتين والصين”.

وأضاف لطالما أخذت إسرائيل بعين الاعتبار المصالح الأمريكية تجاه روسيا والصين، وامتنعت عن المشاريع المشتركة والتعاون العسكري معهما وأحيانًا صفقات الأسلحة.

وتابع:”إذا تحدى بايدن السيادة الإسرائيلية في مرتفعات الجولان ودخل في صفقة مع إيران ، فهذه صفقة تعرض وجود دولة إسرائيل وأمنها للخطر يجب أن نعمل على موازنة الواقع الجديد بطريقة متناسبة ومعقولة تساعد إسرائيل“.

كما انتقد تحالف الصهيونية الدينية موقف بلينكن، داعية الإسرائيليين لانتخاب الصهيونية الدينية، لضمان تشكيل حكومة يمينية حقيقية، تضمن عدم تنحية قيم الصهيونية الدينية في التعليم والرفاهية والهوية اليهودية والقانون والاستيطان للحظة واحدة “، بزعمه.

وقال رئيس حزب القوة اليهودية إيتمار بن غفير: “لا يهم ما يقوله الوثنيون، ولكن ما سيفعله اليهود”.

وأضاف بن غفير: “من الأفضل لوزير الخارجية الأمريكي التعامل مع الشؤون الداخلية الأمريكية وعدم محاولة تحدي السيادة الإسرائيلية على أراضيها، وهو أمر لا يمكن تغييره، حتى لو أراد ذلك أكبر مسؤول في إدارة بايدن”.

ربما يعجبك أيضا