سياسي عراقي: السلاح النووي الإيراني لن يحل الأزمة الداخلية لنظام الملالي

سحر رمزي

رؤية  – سحر رمزي

أمستردام – يرى الخبير السياسي عراقي الدكتور ضرغام الدباغ، أن السلاح النووي الإيراني لن يحل الأزمة الداخلية  بإيران وأوضح في حواره مع “رؤية”، أنه  لن يغير السلاح النووي من سياسات دولة معينة، ولن يرفع من قيمتھا الاستراتيجية، كما إنه لن يطمئن ھواجسھا الأمنية.

وقال الخبير السياسي العراقي إنه من خلال استعراض التاريخ النووي، وحالات استخدامه سنجدها (مرتين فقط)، والمرات (القليلة جدا ً) التي بلغ التوتر عتبة اتخاذ القرار باستخدام السلاح النووي (الإنذار الذري)، ولكن باعتبار أن الدول التي تمتلك السلاح النووي لھا عقيدة (Doctrine) وأن استخدامه ليس مزاجياً وغير خاضع لحالات عابرة من الغضب، أو الشعور بالخطر.

وأضاف ذلك لأن لھذا السلاح آثاره ونتائجه السياسية والمادية المباشرة وغير المباشرة على كافة الأطراف المشاركة في النزاع المطروح على بساط البحث، بما في ذلك، بل في المقام الأول مستخدم السلاح نفسه.

وطرح الأسباب التي يعتمد عليها في بحثه:

أولا- أن السلاح النووي (المكلف في إنتاجه، والمكلف أكثر في إدامته وإدامة جاھزيته) لن يحل أزمة داخلية ولا يعني تقدماً اقتصادياً، بل ولا يساھم في تحقيق التقدم الاقتصادي، بل ويحتمل أن يفاقم ھواجس الأمن، ويساھم في المزيد من الإشكالات الاقتصادية، (كوريا الشمالية ــ الھند ــ باكستان ــ إسرائيل) وھناك من الدول من تمتلك ھذا السلاح، ولكنه لم يقدم لھا الحلول لأزماتھا (أوكرانيا ــ كازاخستان ــ بيلاروسيا ــ جنوب أفريقيا)، فأقرت بعبثية القضية فأقدمت بنفسھا على التخلي عن ترسانتھا النووية وقامت بتفكيكھا.

ثانيا- قد يتحول السلاح النووي ومكوناته إلى عبء حقيقي، حيث من الممكن أن تتسرب مكوناته أو تتعرض للسرقة، وقد يتحول إلى مشكلة حين يھدد قائد سياسي، أو جنرال عسكري أھوج باستخدام السلاح، وقد بلغ ھذا الأمر لھذا الحد فعلاً أكثر من مرة، كما أن احتمال الخطأ البشري وارد بدرجة كبيرة، فتحدث كوارث غير مقصودة، قد يتضرر منھا مالكو القدرات النووية في المقام الأول (كارثة  مفاعل تشيرنوبل الأوكراني 1986   ــ كارثة المفاعل الياباني فوكوشيما 2011)، عدا عن حوادث عديدة كانت بمستوى الكارثة في الدول المستخدمة للطاقة أو السلاح النووي.

ـ ثالثا- قد حدث لأكثر من مرة ،(نحو 4 مرات) أن تحطمت طائرات (أمريكية  غالباً) كانت تقوم بنقل السلاح النووي، أو طائرات تقوم بواجب الدورية في عھد ذروة الحرب الباردة، كما حدث أن أستلمت غواصة أمريكية الأمر بإطلاق صاروخ نووي (من طراز بولاريس) صوب أھداف محددة في الاتحاد السوفيتي، وتبين أن ھناك خطأ بشريًا في إرسال الشيفرة للغواصة، قبيل ثوان فقط من إطلاق الصاروخ وتجنب كارثة بل كوارث محققة.

رابعا ــ يطلق التسلح النووي موجة تسلح (في مجالات الأسلحة التقليدية والشاملة بأصنافھا) في المنطقة، وسوف تسعى على الفور عدة دول إلى إنتاج الأسلحة النووية، وتخزينھا، وبالطبع سيكون لھذا الأمر (سباق التسلح) نتائجه الوخيمة جداً على نمو الاقتصاد الوطني، فيما تبقى الأسلحة النووية مخزنة في أماكن خاصة وبشروط غير سھلة، عشرات السنين دون فائدة، وأبسط الأدلة أن الأسلحة النووية صارت عبئاً على منتجيھا الأثرياء منھم، وغير الأثرياء.

وأوضح السياسي العراقي أنه في  المقاطع الأربعة أعلاه أردت أن أستعرض مخاطر حيازة السلاح النووي، وعدم جدواه وذلك لأن الدولة (س كمثال) قد تتوصل لإنتاج السلاح النووي، وصيانته، وحسن استخدامه، ولكن عليھا أن تجد السلاح الناقل للقنبلة النووية (صاروخ أو طائرة) وأن تتأكد من أنه سيصل ھدفه بدقة، (إذ قد يتعرض، الصاروخ الناقل أو الطائرة، للإسقاط)، وتحمل أعباء ما ينتج من حيازة السلاح أو أستخدامه، سياسيًا وعسكرياً وبيئياً، وجميع ھذه الاحتمالات ھي أبعاد ينبغي أن تكون مضمونة بدرجة مؤكدة للغاية، وإلا ستكون وبالاً على من يمتلكه ومن يستخدمه قبل غيره.

بالنسبة لمعطيات الوضع الإيراني، أكد ضرغام الدباغ أن المشروع النووي يلتھم جزءا كبيرا من الاقتصاد الإيراني المتعب أصلاً بسبب الحروب التوسعية، وشعارات دونكيشوتية، والاحتراب الداخلي بين فئات الشعب الإيراني من القوميات والطائفيات والسلطة المركزية.

 كما قال موضحا لا يبدو أن التوجه للتسليح وإثارة التوتر ھو الحل الناجح للمشكلات، وخارجيا يثير مع جيرانه نزعات سباق التسلح. وإيران محاطة بأمم قوية تمتلك اقتصاديات قوية في الخليج العربي، وتركيا والباكستان، ودول تعمل في الاتحاد الروسي، الاحتكاك معھا سيتسبب بمشاكل ونزاعات صعبة. وبعد 14 عاما من السياسات الديماغوجية، فالحصاد ھو المتاعب وتعميق للأزمة السياسية والاقتصادية، وترد للموقف الداخلي والخارجي على حد سواء.

كما أكد على أنه ليس مولجاً بوضع حلول للمشكلات الإيرانية، ولكنه يرى أنه من الأفضل أن يكون هناك سلماً عميماً، وبلدا مرفھاً، يعيش مواطنوها في حياة حرة، تدفع كل من يعيش فيها بالتمسك بها. وليس الأنفصال عنها، وأفضل مثال على ذلك ھي سويسرا( الألمانية الفرنسية الإيطالية)، ولكن الشعب بغالبيته العظمى (ربما ھناك قلة من المتطرفين) يرغبون العيش في ھذه الجنة التي ترفل بالأمن والسلام، ويفضلون الحفاظ على ھذه التشكيلة، التي بفضلھا لا يصاب رأس أحدھم حتى بالصداع .. وما تورث من ھموم.

ويقول الدباغ: 42 عاماً وھذا البلد ينوح ويبكي، حتى صار البكاء بحد ذاته نظرية سياسية / اجتماعية 42  عاما ينتقل من حقل نار ولھب إلى آخر، وفي كل مرة يعلق ھمومه على شماعة الآخرين، ولا يخطر بباله أن يفحص نفسه ليجدھا مصدر العلل والمشاكل في بلده وفي المنطقة

 وأكمل موضحا أن الفرس يكرھون العرب والترك والآذريين، و الأفغان، والباكستان، والتركمان … ولا يعتقد أنھم يحبون أحداً، فثقافة الكره والبغض والشتم متأصلة في دواخلھم بعمق شديد على حد قوله، وأضاف لقد  قرأت مؤخرا  تصريحاً للرئيس روحاني يحذر جيران إيران، وكأن إيران تحمل الود والمحبة والصداقة منذ 14 عاماً، وليس تصدير الحقد والسلاح والتجسس والتھريب والتخريب ..! والتوجه النووي يتسبب ويعمق التعاسة، كما أكد للنظام الإيراني أن الأسلحة لن تسعد شعوبكم، وحيازة الأسلحة النووية لا تعني مطلقا أنك على حق،  ولن تقنع أحداً لا من شعوبكم ولا من العالم الخارجي  بذلك.

وأكد أنه لھذا السبب يھرب الإيرانيون من بلادھم، ويتصدرون قوائم طالبي اللجوء الإنساني، ولھذا السبب أيضا يتخلى الإيرانيون عن عقيدتهم وربما مبادئهم وأخلاقهم في بلاد الھجرة، وحتى داخل إيران، وأكمل ولھذا السبب أيضا ينصهر الإيراني (ولا سيما الفرس منھم) فورا بمجتمعات الدول التي يصلون إليھا ظواھر كثيرة في الداخل والخارج تستدعي أن يھتف الإيراني الجملة التاريخية المشھورة “أيھا الشعب الملك عار”.

ربما يعجبك أيضا