الحرب الأفغانية.. هل ينهي بايدن المغامرة الأمريكية؟

محمد عبدالله

رؤية – محمد عبدالله

نحو 20 عامًا ظلت أفغانستان مسرحًا لحرب شرسة طرفاها الولايات المتحدة والناتو والحكومات الأفغانية المتعاقبة بعد إنهاء حكم طالبان. في الطرف الآخر حركة طالبان والمتعاطفون معها. مسوغ الحرب من وجهة النظر الأمريكية كان القضاء على الإرهاب وحواضنه وفي مقدمتها حركة طالبان لا سيما بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر/ آيلول ليعلن الرئيس الأمريكي حينئذ جورج بوش الابن، الحرب في أفغانستان.. أما مسوغ الحرب بالنسبة لطالبان فمان تحرير أفغانستان من الغزاة.

عشرون عاما من الدمار عاشتها أفغانستان فلم ينته الإرهاب بتعريفه الأمريكي ولا قامت الديمقراطية ولا أصاب الإعياء حركة طالبان لترفع الراية البيضاء.. مئات الآلاف من القتلى والجرحى الأفغان، مدنيون وعسكريون.

كان على الأمريكيين أن ينفقوا من أجل نصر عسكري لم يتحقق مئات المليارات من الدولارات وتقديم أكثر من 3200 قتيل من عسكرييها وأكثر من 20 ألف جريح، قبل أن يجد الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، الحاجة إلى الوفاء بوعد قطعه في حملته الانتخابية بإرجاع الجند الأمريكيين إلى البلاد.

طاولة المفاوضات جمعت العدوين اللدودين، في فبراير/شباط 2020 ونصت على سحْب الولايات المتحدة وحلفائها في حلف شمال الأطلسي كل القوات من أفغانستان في غضون 14 شهرا شريطة وفاء حركة طالبان بالتزاماتها.

جو بايدن

إنهاء المغامرة الأمريكية

مرة أخرى تقف أفغانستان على مفترق طرق أمام خيارات أحلاها مر، إما التوصل لاتفاق مع حركة طالبان ترى فيه الحكومة عودة إلى الوراء، وإما اقتتال داخلي لا يعرف أحد مداه. أثار هذه الارتباك في المشهد قرار ترامب خفض القوات الأمريكية ليصل عددها مع مغادرة ترامب البيت الأبيض 2500 جندي وهو أدنى مستوى منذ بداية الحرب.

لقد أعربت الإدارات الأمريكية المتعاقبة، بما في ذلك إدارة بايدن، عن رغبتها في إغلاق الفصل الخاص بالمغامرة الأمريكية السيئة في أفغانستان في شهر مايو القادم، ولدى الرئيس بايدن فرصة ممتازة للتصرف بناءً على أقواله.

ويتشارك الرئيس جو بايدن مع ترامب الرغبة في إنهاء الحرب، لكنه تحدث عن إبقاء قوة صغيرة تنفذ عمليات مكافحة للإرهاب في أفغانستان. وقال وزير الخارجية أنتوني بلينكن إن الإدارة الجديدة ستراجع الاتفاق الذي وقعه ترامب مع طالبان بما في ذلك ملحقاته التي لم تكشف للعموم.

تقييم الاتفاقية

في المقابل، تعول الحكومة الأفغانية على تغيير مرتقب في سياسة واشنطن تجاه المصالحة مع حركة طالبان، خاصة في ظل الإدارة الأمريكية الجديدة وتتجه الأنظار الحكومية إلى نتائج مراجعة وتقييم الاتفاقية وهوما تقوم به إدارة بايدن حاليا.

بحسب تقارير البنتاجون حول تصاعد وتيرة العنف ومسؤولية طالبان عن ذلك بحسب الرئيس الأفغاني أشرف غني يحتمل أن يرسل ذلك إشارات إلى طالبان بأن الوجود الأمريكي باق ولن يترك لهم الساحة على حد قوله.

لذا يترقب الساسة الأفغان تغييرا قد يغير من معظم الفرضيات حول القضية الأفغانية، فهم يرون ببساطة أن الاتفاقية الموقعة بين واشنطن وطالبان لا تخدم قضيتهم، بقدر ما تخدم المصالح الأمريكية.

war Afghanistan

إيران وملء الفراغ الأمريكي

رغم أن القرار يمثل عقبة أمام الإدارة الأمريكية الجديدة وقد يعقد عملية صنع القرار لديها، إلا أن تراجع القوات الأمريكية في أفغانستان أحدث فراغا أمنيا قد تستغله التنظيمات الإرهابية وإيران في نشر ميليشياتها.

وهو ما كشفه تقرير لصحيفة «فوا نيوز» الأمريكية قال إن طهران عرضت إرسال عناصر من ميليشياتها ومعدات عسكرية إلى أفغاستان بذريعة محاربة الإرهاب. وبحسب مسؤولين إيرانيين، فإن آلاف المقاتلين الأفغان يقاتلون تحت لواء فاطميون المصنف على لوائح الإرهاب الأمريكية ويمكن للحكومة الأفغانية استخدامهم ضد داعش.

لكن العرض الإيراني قوبل برفض قاطع، بعد أن رأى فيه مسؤولون أفغان تدخلا سافرا في شؤون بلادهم الداخلية، معتبرين التدخل الإيراني على خط الأزمات المحلية يعمق من مشاكلها ويزيد التوترات الطائفية في بلد يمزقه الصراع.

وفق الأرقام الرسمية الإيرانية فإن نحو ألفي أفغاني لا يزالون يقاتلون داعش في سوريا، غير أن الحكومة الأفغانية ترفض مشاركتهم في أي صراع إقليمي.

إرجاء الانسحاب

مخاوف الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، والفراغ الأمني المحتمل، أيدته نتائج دراسة تمت بتكليف من الكونجرس الأمريكي، بإرجاء سحب القوات الأمريكية من أفغانستان بحلول أيار/مايو، وحذرت بأن ذلك سيعني انتصار لجماعة طالبان.

وقالت «مجموعة دراسة أفغانستان» التي يشارك في رئاستها الجنرال الأمريكي السابق جوزيف دانفورد، إن الهدف لا يجب أن يتلخص في السعي لإنهاء أطول الحروب الأمريكية بل ضمان «اتفاق سلام مقبول» بين طالبان والحكومة المعترف بها دوليا.

وجاء في التقرير أنه «من المرجح أن يؤدي سحب القوات الأمريكية بشكل غير مسؤول إلى حرب أهلية جديدة في أفغانستان، ويقود إلى إعادة تشكّل جماعات إرهابية مناهضة للولايات المتحدة يمكن أن تهدد وطننا، ومنحها سردية نصر على أقوى دولة في العالم».

واعتبرت التقرير أن الاتفاق وضع معايير لانسحاب الولايات المتحدة «سيكون من الصعب، وربما من المستحيل، أن تتحقق تلك الشروط بحلول أيار/مايو 2021».

ربما يعجبك أيضا