مأزق سياسي وآخر دستوري.. إلى أين تتجه تونس؟

محمد عبدالله

رؤية – محمد عبدالله

خلاف الرئيس التونسي قيس سعيد مع رئيس الحكومة هشام المشيشي حول التعديل الوزاري ينذر بسيناريوهات قد تؤدي إلى حل البرلمان أو إسقاط الحكومة. تعطل 11 وزيرا عن مباشرة مهامهم منذ 25 يوما بسبب الخلاف السياسي بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، لم يؤدّ الوزراء اليمين الدستورية أمام رئيس الدولة الذي رفض أن يؤدي بعض الوزراء اليمين أمامه.

بالتوازي، شرعت كتل تونسية مؤثرة في المشهد السياسي في إجراءات سحب الثقة من رئيس البرلمان، راشد الغنوشي تمهيدا لعزلة بعد التصويت على ذلك في جلسة عامة، وذلك بعد اتساع الاحتقان داخل أروقة البرلمان إلى جانب دخوله في صراع على الصلاحيات مع رئيس الدولة، قيس سعيد تسبب في أزمة سياسية بالبلاد.

قيس 1

صراع الصلاحيات

أزمة التعديل الوزاري مرشحة للتفاقم في غياب محكمة دستورية، فالرئيس قيس سعيد يرى بأن التعديل الوزاري فيه العديد من الخروقات.

الأزمة بين رئاسة الدولة ورئاسة الحكومة تعيد معركة الصلاحيات إلى الواجهة، والعناد يدخل أزمة تونس الاقتصادية والصحية والسياسية في نفق مظلم، بعدما اتهم قيس سعيد بعض الوزراء بالتورط في ملفات تضارب مصالح.

في المقابل، يدعو رئيس الحكومة هشام المشيشي باللجوء إلى المحكمة الإدارية لإنهاء الخلاف. فيما يرى المشيشي أن الحل« سياسي»، يصر الرئيس على أن الحل دستوري بالأساس ويرى بأنه يرتكز على فرضيتين، الأولى استقالة الوزراء محل الشبهات كما يرى رئيس الجمهورية، أو رحيل رئيس الحكومة المشيشي.

إجراءات عزل الغنوشي

تحركات سياسية لا تهدأ داخل أروقة البرلمان التونسي من أجل الإطاحة برئيسه راشد الغنوشي، بعدما وقع عشرات النواب على عريضة تطالب بسحب الثقة منه.

عدد النواب الموقعين على لائحة سحب الثقة من الغنوشي بلغ 76 نائبا ينتمون لعدة كتل برلمانية وازنة في المشهد السياسي التونسي، وهذا العدد كاف للبدء بإجراءات العزل حيث إن القانون يفرض جمع 73 توقيعا على الأقل لعرض لائحة سحب الثقة على البرلمان في جلسة عامة.

وبحسب الفصل الـ 51 من النظام الداخلي للبرلمان، يمكن لمجلس نواب الشعب سخب الثقة من رئيسه أو أحد نائبيه بموافقة الأغلبية المطلقة من نواب البرلمان بناء على طلب كتابي معلل يقدم إلى مكتب البرلمان من ثلث الأعضاء على الأقل ما يعني 73 توقيعا.

ويعرض الطلب على الجلسة العامة للتصويت بسحب الثقة من عدمه، في أجل لا يتجاوز 3 أسابيع من تقديمه لمكتب الظبط. ويحتاج سحب الثقة لموافقة 109 أعضاء .

غياب المحكمة الدستورية

يدفع الفرقاء السياسيون في تونس ضريبة عدم انتخاب المحكمة الدستورية، الهيئة المختصة بالحسم في مثل هذه الخلافات الدستورية، إذ ساهم غياب المحكم ةالدستورية في تعميق الهوة بين الرئاستين.

تتعقد العلاقة إذن بين أقطاب النظام السياسي في تونس الذي سطره الدستور التونسي عام 2014، ولكن الدستور ذاته وفي ظل غياب المحكمة الدستورية لم يرتكب حلا سياسيا يذيب الجليد بين الرئاستين .

على إثر ذلك برزت دعوات سياسية يتأجل معها الصراع إلى حين لعلها تجد أذنا صاغية لتغليب المصلحة الوطنية في ظرف استثنائي تمر به البلاد.

خلاف سياسي أم قانوني

عبدالحميد بن مصباح، الخبير القانوني التونسي، يرى بأن الخلاف بين رأسي السلطة التنفيذية في تونس هو خلاف سياسي بإمتياز، حتى وإن كانت الواجهة «قانونية».

وهو ما أكد اجتماع المشيشي بخبراء قانون دستوريين، بأنه لا حل إلا بالتفاوض بين الحكومة ورئاسة الجمهورية لإنهاء الأزمة. خطوة انتقدها قيس سعيد عما وصفه بـ«مخرج قانوني مستحيل» لأزمة «اليمين الدستورية».

خلاف بين أساتذة القانون الدستوري بخصوص مدى أهمية اليمين الدستورية، بعدما فقد التونسيون الثقة في منظومة حكم يتهمونها بالفساد والانشغال عن مطالبهم .

ربما يعجبك أيضا