«مكتب الاتصالات الحكومية البريطانية» الذراع المكرسة للحرب المعلوماتية

جاسم محمد

رؤية ـ جاسم محمد 

ما زالت بريطانيا إلى جانب عواصم دول أوروبا، تسعى إلى محاربة دعاية الجماعات المتطرفة، بكل أنواعها وأطيافها، إسلاموية أو يمينية متطرفة، وهذا ما دفع بريطانيا إلى إيجاد سياسات وقوانين جديدة لتعزيز الأمن وربما استحداث وكالات أمنية جديدة، منها مكتب الاتصالات الحكومية GCHQ، بعد أن شهدت مفاهيم الأمن القومي الكثير من الحداثة، خاصة عند الحديث عن الأمن السيبراني.

كشف مسؤول أمني بريطاني كبير، “جيرمي فليمنغ”،  يوم الثامن من فبراير 2021عن مهمة سرية تمكن بها “مكتب الاتصالات الحكومية” المعروف بأحرف GCHQ من تشويش وشل طائرات “درون” مسيّرة، يستخدمها تنظيم داعش بعملياته فلم يعد بإمكانهم التواصل فيما بينهم بأرض المعركة، وفقا الىتقرير صحيفة “التايمز”البريطانية . وسبق إلى بريطانيا أن نفذت هجمات إليكترونية مشابهة ضد تنظيم داعش خلال عام 2017، وخلال حملة  القضاء على معاقل تنظيم داعش في سوريا والعراق. وذكر المدير جيريمي فليمينغ، إن وكالته عملت مع وزارة الدفاع من أجل تقديم “مساهمة مهمة في جهود التحالف” في مواجهة التنظيم، ما جعل نشره دعايته أمراً “شبه مستحيل”. 

كتبت ”بريتي باتل” وزيرة الداخلية البريطانية في صحيفة “تيليغراف” في الأول من أغسطس 2019 داعية شركات التكنولوجيا إلى توفير “بوابة خلفية” في تطبيقات المراسلة هذه، والتي يمكن أن تستخدمها مؤسسات إنفاذ القانون من أجل مواجهة الإرهاب . وطالبت الشركات ألا تصمم أنظمة تمنع أي شكل من أشكال الوصول إلى المحتوى. وبالفعل حصلت بريطانيا على هذه الخدمة بالحصول على رسائل المستخدمين المشفرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي أبرزها الفيسبوك وواتساب، بموجب اتفاقات وقعتها مع الولايات المتحدة.

وفقا الى القانون الخاص بمكافحة التطرف والارهاب، الصادر في 20 ابريل 2019، فقد حصلت أجهزة الأمن البريطانية على صلاحيات واسعة من أجل تنفيذ عمليات استباقية ووقائية ضد هجمات إرهابية محتملة. ومنح القانون، صلاحيات السجن تصل إلى خمسة عشر عاما لمن يدخل مواقع وغرف دردشة التطرف والإرهاب عبر الإنترنت، أو تمجيد الجماعات المتطرفة .

“مكتب الاتصالات الحكومية” GCHQ

أعلنت وزارة الدفاع في المملكة المتحدة خلال شهر يونيو  2020 أن الجيش البريطاني أطلق فوجه السيبراني المتفرغ الأول المخصص لمواجهة الدول المعادية والمجموعات الإرهابية المحلية والخارجية.

ويعمل الفوج الذي يتخذ من “دورسيت” مقراً له إلى جانب الفوج السابع والسبعين الذي يشكّل الذراع المكرسة للحرب المعلوماتية في الجيش البريطاني، وذلك تحت إمرة الفرقة السادسة. ويُعتبر دور الفوج أساسياً في مجال باتت له أهمية استراتيجية حيوية في العمل الحربي. وأفادت وزارة الدفاع بأن الوحدة ستوفر “درعاً رقمية” للعمليات الخارجية، وكذلك توفر حماية للبنية التحتية في بريطانيا.

ونشأت الوكالة حديثا من أجل التنسيق ما بين الجيش في الداخل والخارج وكذلك بالتنسيق مع ال MI6 ، من أجل التنسيق المشترك بتنفيذ العمليات في محاربة الإرهاب والتطرف، ومهمة الوكالة لا تتحدد في تنفيذ المهام الدفاعية بقدر شن هجمات استباقية أو وقائية ضد الجماعات المتطرفة، أو مصادر التهديد السيبراني للمملكة المتحدة.

تعمل الوكالة على تأمين الأمن الرقمي للمملكة المتحدة، وكما يلي:

ـ تأمين الأمن الرقمي، السيبراني .

ـ مكافحة الإرهاب: وقف الهجمات الإرهابية في المملكة المتحدة وضد مصالحها في الخارج .

ـ الأمن السيبراني: جعل المملكة المتحدة المكان أكثر أمانا عبر الإنترنت.

ـ الميزة الاستراتيجية: إدارة التهديدات من الدول المعادية .

ـ محاربة الجريمة: الحد من الضرر الاجتماعي والمالي الذي تسببه الجريمة المنظمة. 

 ـ دعم الدفاع:  حماية أفراد ومنشآت الدفاع ودعم نهج متكامل للقتال الحربي .

أغراض الاستخبارات البريطانية في سوريا 

جمع معلومات عن الجماعات المتطرفة، ومدى مشاركة البريطانيين داخلها، ومخاطر تلك الجماعات على الأمن الدولي وأمن بريطانيا. واختراق تنظيم داعش على الأرض والفضاء الإلكتروني: تناولت صحيفة ”الإندبندنت البريطانية” في تقرير لها فى 12 يوليو 2018 نجاح الاستخبارات البريطانية في اختراق تنظيم “داعش” . ونوهت إلى وجود عناصر بريطانية مقاتلة داخل داعش عميلة للمخابرات البريطانية ولها أدوار هامة في التسبب في هزيمة التنظيم الإرهابي في العراق وسوريا بعد تسريب أخباره ومعلومات عن قياداته. وكانت سببا في اختراق عدد كبير من المواقع الداعشية الرسمية على الإنترنت.

يأتي عمل مكتب الاتصالات الحكومية المعني بمحاربة الجماعات المتطرفة والإرهاب عبر الإنترنت، ضمن جهود أغلب الحكومات، بالانتقال من الأساليب والوسائل التقليدية، في محاربة تلك الجماعات، وإلى العمل هذه المهام لا تتحدد في العمليات الدفاعية بقدر شن عمليات هجومية، يمكن اعتبارها هجمات استباقية ووقائية في عالم “السايبر” وهذا ما تقوم به الوكالة البريطانية.

 يكمن دور الوكالة في التنسيق والعمل بشكل مشترك مع القوات البريطانية في مناطق القتال، ويظهر دورها البارز في التشويش على اتصالات الجماعات المتطرفة في مناطق النزاع، وكذلك تعطيل “طائرات مسيرة ـ درون” مثلا إلى تنظيم داعش، وهذا يعتبر خسارة كبيرة لتنظيم داعش بإجراء عمليات استطلاع وتصوير أو تنفيذ ضربات محدودة ضد القوات البريطانية في الخارج كما حدث في شمال شرق سوريا.

ولكن رغم ذلك ما زالت قدرات وإمكانيات الوكالة البريطانية متواضعة أمام قدرات وإمكانيات بعض أجهزة الاستخبارات الأوروبية أو الولايات المتحدة وغيرها، وبات متوقعا أن تشهد هذه الوكالة توسع في المستقبل القريب، أمام تهديدات الجماعات المتطرفة على الإنترنت.

ربما يعجبك أيضا